[ المخلوع صالح وعبدالملك الحوثي ]
بعد مرور حوالي شهر ونصف على تشكيل ما أسمي ب"المجلس السياسي"، مازالت اللجان الثورية الحوثية تمارس عملها بمؤسسات الدولة حتى اليوم، على الرغم من إلغائها في لوائح المجلس.
وكشفت مصادر مقربة من حزب المؤتمر الشعبي العام(جناح صالح) في تصريحات صحفية، عن رفض مليشيا الحوثي إلغاء ما يسمى بـ" الإعلان الدستوري"، الذي أصدره الحوثيون بعد اسقاطهم للعاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014.
وذكرت المصادر أن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، طالب الحوثيين بتنفيذ الاتفاق الأخير معهم، وإلغاء" الإعلان الدستوري"، وتسليم كافة الصلاحيات إلى"المجلس السياسي"، إلا أن الحوثيين رفضوا حلَّه في الوقت الراهن.
وكان من المقرر- بناء على الاتفاق المبرم بين الحليفين(الحوثيون والمخلوع صالح)- أن يتم تسليم كافة مؤسسات الدولة، ومغادرة عناصر "اللجنة الثورية" للأجهزة والهيئات المدنية والعسكرية الخاضعة لسيطرتهم، وهو ما لم يحدث إلا في نطاق ضيق.
وقال مصدر في جماعة الحوثي في تصريحات صحفية، إن رئيس" اللجان الثورية" محمد الحوثي ما يزال يمارس مهامه من داخل القصر الجمهوري، ويصدر قرارات غير معلنة، وفي مناصب عسكرية ومدنية رفيعة.
ويشهد التحالف بين شريكي الانقلاب( الحوثي وصالح) والقائم على المصلحة لا غير، أزمة ثقة بين الطرفين، وثمة خلافات بينهما بدأت تطفوا، قد تكون- حسب مراقبين- بداية الصراع المؤجل بين الحليفين.
كما يعتقد مراقبون أن" المجلس السياسي" الذي تم تشكيله مناصفة بين الانقلابيين، يخضع بشكل أكبر للمخلوع صالح، ما يعني أن خيوط اللعبة بيده منذ البداية، وما الحوثيين إلا أحجار على رقعة الشطرنج، يلعب بها" صالح".
خلط الأوراق
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي ياسين التميمي إن" اللجان الثورية" التي يهيمن عليها الحوثيون، هي الهيكل الذي رسّخوا من خلاله حضورهم في الدولة اليمنية، ومن الصعب أن يتخلوا عن أدواتها بسهولة، بسبب عدم توفر أسس راسخة للثقة بين شريكي الانقلاب.
لكن هذا لا يعني- وفقا لـ"التميمي" في تصريحه لـ(الموقع بوست)- أن المخلوع صالح وحزبه قد فقدوا التأثير في المؤسسات، قبل تشكيل اللجنة الثورية وبعدها.
وأضاف" هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أن صالح استخدم الحوثيين في ثورته المضادة، ولا يزال الطرفان شركاء في المعركة، وعوامل بقاء الشراكة ما تزال قائمة لهذا السبب".
واستطرد المحلل السياسي اليمني بالقول" ولكن هناك حقيقة أخرى، وهي أن المخلوع صالح يحاول خلط الأوراق عبر تسويق خلافاته مع الحوثيين، وتبني مواقف قد تؤكد هذه الخلافات، ومنها السماح ببث خطبة عرفة".
واعتبر أن المخلوع صالح يبحث عن مخرج مشرف يعيده شريكا مهما وفاعلا سياسيا خلال المرحلة المقبلة، موضحا أن" هذا الامر يجعله يتميز في مواقفه الأيديولوجية عن الميلشيا، لكن ذلك لا يقدم أدلة كافية على أن خلافات جذرية غير قابلة للحل ببن صالح والحوثيين يلوح في الأفق، برغم توفر كل أسبابه الموضوعية".
من يدمر لا يبني
بدوره عدّ الإعلامي اليمني عبدالله الحرازي " اللجان الثورية" وكذا" المجلس السياسي، مجرد تسميات لا قيمة لها و لا وزن، واصفا إياها ب" التشكيلات المسلحة" التي يسوقها الانقلابيون، متسغلين حاجة الناس وجهلهم.
وأضاف في حديثه لـ(الموقع بوست) أن الجميع يتفقون على أن ما قام به المخلوع صالح والحوثيون انقلاب، ومن دمر دولة لا يمكن أن يبنى مؤسسة بأي شكل.
وأضاف أن الخلافات تبدأ حين تبدأ المصالح، ولا يوجد حاليا سوى الخراب، متسائلا" فعلى ماذا يختلفان ؟، على مقبرة أوسع من أخرى، أم من يموت أتباعه أولا، أو يُقصف مترسه أخيرا".
وأكد" الحرازي" في ختام تصريحه أن الحليفين يدركان" أن الحديث عن مستقبل سياسي لهما ضرب من الاستحالات في هذه الظروف، ولم يعد أقصى ما يمكن أن يطمح إليه هذين المقامرين، سوى تعظيم خسارة الجميع، وجعل نهايتيهما مدوية، بأكبر قدر ممكن لهما".