عندما لفظ إسماعيل محمد أنفاسه الأخيرة في العراء خلال ليلة حالكة، لم يواسِ لحظات احتضاره إلا كلبان أحاطاه بجسديهما، في مشهد وداع مؤثر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن.
كان مشهد الوفاء صادماً ومؤثراً لحظة عثور المرتادين لسوق الدليل في محافظة إب وسط اليمن في اليوم التالي، على جثته المتدثرة بأغطية مهترئة، وكلبين لم يتركاه حتى عندما بدأ مشهد الحشود بالتزايد.
وبحسب ما نقله ناشطون من المدينة في كتابات رثاء منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ الكلبين رفضا السماح لأحد بالاقتراب من جثته.
وذكرت روايات محلية في المدينة، أنّ الرجل اعتاد رعاية الكلاب الضالة في السوق وإطعامها يومياً من بقايا ما ترميه مسالخ الدواجن، واتخذ إحدى زوايا السوق مقاماً دائماً للنوم.
وقال إبراهيم العزي، الذي يقطن في المدينة، إنّ حالة الرجل الصحية كانت سيئة مع إصابته بفشل كلوي، لكنها تفاقمت خلال الأيام الماضية، ولم يكن يملك المال لدفع قيمة دواء.
وتركت الصورة التي جرى تداولها بنحو كبير حزناً على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر روادها تدوينات رثاء وأسىً على الرجل الذي تركه الجميع يعاني بفقره، وكانت الكلاب أكثر وفاءً.
وقال محمد الراعي في صفحته على "فيسبوك": "عندما يكون الحيوان أرحم بكثير من الإنسان، تجد هذه الصورة الإنسانية في بلاد اليمن السعيد".
وكتب سالم الأروي في تدوينته: "مات بألمه ولَم يبقَ بجانبه سوى الأوفياء.. فضلت الكلاب البقاء بجانبه إلى الصباح كما ترون حتى تجمّع الناس وانتبهوا له".
وقال عبد الكريم سلام على "تويتر": "الخير يبقى ملازماً للإنسان السوي، حتى وإن عاش شقياً ومتشرداً، كما هو حال إسماعيل محمد هادي. فعلى الرغم من تشرده وبؤسه، إلا أنه عرف بأنه الإنسان الذي كان يطعم الكلاب، وعندما لفظ أنفاسه ردت له الجميل بالوفاء".
وكتب حساب عبود اليمن: "صورة عام 2020.. كان يطعمها وحين توفي أمس حرسته بطريقتها الخاصة حتى أقبل الصباح وأتى الناس.. وحده التوحش البشري يهدد حياة البسطاء!".