[ شركات شحن دولية عديدة تجنبت البحر الأحمر وسط مخاوف من هجمات الحوثيين (رويترز) ]
ارتفعت حركة الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح جنوب القارة الأفريقية بنسبة 67% خلال يناير/كانون الثاني الماضي مقارنة مع ديسمبر/كانون الأول السابق له، كما انتعشت الحركة في ممرات أخرى جراء استمرار التوتر في البحر الأحمر وباب المندب.
ورأس الرجاء الصالح هو ممر بحري يربط بين آسيا وأفريقيا عبر الدوران حول القارة السمراء في مسار يربط بين المحيطين الهندي والأطلسي.
ووجدت سفن الشحن في رأس الرجاء الصالح بديلا عن البحر الأحمر ومضيق باب المندب اللذين بدأت حركة الملاحة فيهما تتعثر بسبب تهديد جماعة الحوثي اليمنية باستهداف السفن الإسرائيلية أو التي تحمل بضائع لإسرائيل نصرة لقطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مدمر منذ نحو 4 أشهر وتسبب باستشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني وجرح أكثر 66 ألفا آخرين معظمهم من الأطفال والنساء.
ومع تدخل واشنطن ولندن ودول أخرى شكلت مجتمعة تحالفا لمنع هجمات الحوثي في مضيق باب المندب، أعلنت جماعة الحوثي أنها باتت تعتبر كافة السفن الأميركية والبريطانية ضمن أهدافها العسكرية.
وبوتيرة متقطعة منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف مواقع للحوثيين في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتها في البحر الأحمر، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.
وأمام هذه التطورات، بدأت تظهر بدائل طريق التجارة الأبرز من الشرق إلى الغرب أو العكس، المتمثلة بمضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر وصولا إلى قناة السويس، ومنها إلى البحر المتوسط ثم إلى أوروبا أو السواحل الشرقية الأميركية.
ويظهر موقع مؤسسة التخليص الجمركي الأميركية، وبيانات أخرى صادرة عن شركات عالمية لتتبع حركة الملاحة البحرية، مثل فيسيل تراكر، أبرز طرق الشحن البديلة عن البحر الأحمر، لكن جميعها تحتاج وقتا أطول للوصول إلى وجهتها النهائية.
طرق بديلة
أولا: الشحن المباشر عبر المحيط الهادي من الموانئ الآسيوية إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، وهي طريق مستخدمة بشكل اعتيادي منذ عقود، للسلع المتجهة من شرق آسيا إلى غرب الولايات المتحدة أو العكس.
قد تصبح هذه الطريق بديلا لسواحل الولايات المتحدة الشرقية، من خلال وصول البضائع إلى الشواطئ الغربية الأميركية، ومنها تنتقل برا وصولا إلى وجهتها النهائية في شرق الولايات المتحدة.
ثانيا: الشحن البري على طول خط السكك الحديدية السريع بين الصين وأوروبا (سي آر إيه)، وهي طريق تجارية برية قوامها خط سكك حديد يمتد من الصين مرورا بدول وسط آسيا، وصولا إلى أوروبا.
إلا أن السلع المتجهة من آسيا إلى الأسواق الشرقية الأميركية، قد تتخذ هذه الطريق البرية وصولا إلى أوروبا الغربية، ومن هناك تنتقل عبر السفن عابرة المحيط الأطلسي إلى وجهتها النهائية.
بالتالي، فإن شركات الشحن التي تحتاج إلى الوصول إلى الأسواق في أوروبا والولايات المتحدة، ستجد في الطريق البرية التي توفرها شركة (سي آر إيه) خيارا قابلا للتطبيق. فيمكن أن تسافر البضائع عن طريق السكك الحديدية المباشرة من مراكز الإنتاج المختلفة في الصين، إلى مدن متعددة في أوروبا.
يتراوح متوسط أوقات السفر بين 12 و20 يوما من آسيا لأوروبا حسب نقاط الوجهة النهائية، مقارنة مع قرابة أسبوعين من آسيا إلى أقصى غرب أوروبا عبر البحر الأحمر.
وتقول مؤسسة التخليص الجمركي الأميركية، إنه منذ بدء الصراع في البحر الأحمر، زادت حركة التجارة على طول خطوط السكك الحديدية (سي آر إيه) نحو 30%.
ثالثا: الطريق البديل الأكثر شيوعا للسفن المسافرة من موانئ آسيا إلى أوروبا والساحل الشرقي لأميركا الشمالية، يأخذها حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح.
وبحسب بيانات لمنظمة التجارة العالمية، يضيف المسار المار من جنوب دولة جنوب أفريقيا، ما بين أسبوع إلى 10 أيام أكثر لوصول السلع لوجهتها النهائية سواء إلى أوروبا أو السواحل الشرقية الأميركية.
رابعا: طريق التجارة من المحيط الهندي إلى مضيق هرمز وصولا إلى موانئ مدينة البصرة (جنوبي العراق)، ومنها تكمل رحلاتها برا وصولا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا. ومن تركيا تتجه السلع برا كذلك إما لمنطقة البحر الأسود للسلع المتجهة إلى شرق أوروبا، أو إلى البحر المتوسط أو تكمل طريقها برا عبر خط سكك حديدية باكو – تبليسي – قارص (بطول 838 كيلومترا، 76 كيلومترا منها تمر عبر تركيا، و295 في جورجيا، و503 في أذربيجان). ودخل الخط حيز الخدمة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2017، بالتعاون بين كل من تركيا وأذربيجان وجورجيا، ليكون أحد أهم خطوط النقل في خط الحرير الممتد من الصين إلى أوروبا.
خامسا: منذ سنوات، تروج روسيا لطريق بحر الشمال الممتد على طول الساحل السيبيري، أي الالتفاف حول روسيا لنقطة الالتقاء في أوروبا.