قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن القرار الذي اتخذته بعض الدول بتعليق التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة يُعتبر امتدادا واضحا للدعم الذي تقدمه هذه الدول لعصابات الاحتلال في ارتكابها لجريمة الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة مما يسرع في نتائج هذه الإبادة فمن نجى من آلة القتل فإنه لن ينجو من الجوع والأمراض التي أصبحت تفتك بالمهجرين.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها اليوم الاثنين، أن القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة وتبعها بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، أستراليا، كندا، إيطاليا، النمسا، وفنلندا بُني على حجة سخيفة اختلقتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن 12 موظفا يعملون في هذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة "قد" يكونون ضالعين في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع العلم بأن عدد العاملين في الوكالة يزيد على 30 ألفا.
وأضافت المنظمة أن قرار هذه الدول بعد 115 يوما من حرب الإبادة على قطاع غزة وما حققته من أرقام قياسية غير مسبوقة يعني تجردهم من أي قيم إنسانية وأخلاقية، فعدد الضحايا وحجم التدمير والتهجير الواسع لم يزحزح سياسة هذه الدول في دعم هذه المذبحة، مثل تقليص تدفق الأسلحة أو فرض عقوبات من أي نوع، إنما لفت انتباههم 12 موظفًا في منظمة دولية جاءت اتهامات باطلة بحقهم من قبل القتلة أنفسهم!
وبينت المنظمة أن قطاع غزة يشهد أزمة إنسانية طاحنة غير مسبوقة في التاريخ الحديث بسبب أعمال الإبادة التي ترتكبها عصابات الاحتلال، وقد أشارت محكمة العدل الدولية إلى هذه الأفعال وفرضت تدابير احترازية لمنع استمرارها، وللحد من نتائج الأعمال التي ارتكبتها وتسببت بالفعل في مقتل ما لا يقل عن 26442 مواطنا، وجرح أكثر من 65087 مواطنا، منهم ما يزيد عن 10 آلاف طفل، وأكثر من 7 آلاف امرأة، فضلًا عن المفقودين تحت الأنقاض، بالإضافة إلى تهجير أكثر من 1.7 مليون مواطن.
وأكدت المنظمة بأن استهداف الأونروا في هذه المرحلة الخطيرة ليس مصادفة فمع عجز عصابات الاحتلال عن تحقيق أهدافها في قطاع غزة فهي تسعى إلى تعطيل عمل الوكالة التي لا تقدم مساعدات لغزة وحسب، بل مسؤولة عن تقديم المساعدات لأكثر 5.9 ملايين من لاجئ منتشرين في لبنان، سوريا الضفة الغربية، والأردن.
ولفتت المنظمة أن هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها وكالة الأونروا على وجه التحديد، فهي دائما في مرمى استهداف إسرائيل وحلفائها باعتبارها الشاهد الرئيس على نكبة الفلسطينيين منذ عام 1948، فقد جرت محاولات عديدة لتفكيكها وبلغت هذه المحاولات أوجها بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو حيث جرى محاولة توظيفها من أجل توطين اللاجئين لتصفية قضيتهم وبالتالي ينتهي الهدف الذي أنشئت من أجله.
وأشارت المنظمة إلى أن الأونروا تقف اليوم شاهدة على الإبادة الجماعية في قطاع غزة وتصدر تقارير دورية عن أحوال السكان وقد اعتمد قرار محكمة العدل الدولية على تقرير للأونروا لإثبات بواعث الاعتقاد لدى المحكمة بأن هناك إبادة محتملة وهذا ما أثار غضب إسرائيل وحلفائها فتم استهداف الأونروا بعد صدور قرار المحكمة مباشرة.
وأشادت المنظمة ببعض الدول التي رفضت الانصياع لمثل هذا القرار ودعت كافة الدول إلى رفع الصوت عاليا لرفض هذا القرار وتقديم كافة المساعدات اللازمة لهذا الجهاز الدولي الهام، كما دعت الدول العربية والإسلامية إلى الكف عن التزام الصمت والوقوف موقف المتفرج في مواجهة الصلف الأمريكي والعمل على تقديم يد العون للأونروا وغيرها من المؤسسات العاملة في القطاع.
واليوم الاثنين، ارتفع عدد الدول التي علقت تمويلها للوكالة الأممية "مؤقتا"، إثر مزاعم إسرائيلية بمشاركة 12 من موظفي "أونروا" في هجوم 7 أكتوبر، إلى 12 هي: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا واليابان والنمسا.
وقالت "أونروا"، الجمعة، إنها فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في هجمات السابع من أكتوبر.
الاتهامات الإسرائيلية للوكالة ليست الأولى من نوعها، فمنذ بداية الحرب على غزة، عمدت إسرائيل إلى اتهام موظفي الأونروا بالعمل لصالح "حماس"، في ما اعتُبر "تبريرًا مسبقًا" لضرب مدارس ومرافق المؤسسة في القطاع التي تؤوي عشرات آلاف النازحين معظمهم من الأطفال والنساء، وفق مراقبين.
وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، والقطاع، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر، حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى الأحد "26 ألفا و422 شهيدا و65 ألفا و87 مصابا، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.