يجري الحديث باستمرار عن الدعم السخي الذي يحصل عليه الحوثيون من إيران، بدءا من الصواريخ وليس انتهاء بالمسيّرات، لكن ما يجري التغافل عنه هو أن الغرب يواجه في معركة البحر الأحمر العديد من كبار القادة العسكريين الحوثيين الذين استفادوا سابقا من التدريب والدعم الفني الأميركيّيْن حين كانوا من أهم قادة الجيش اليمني في عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
وعلى رأس هؤلاء القادة نجد وزير الدفاع الحوثي اللواء الركن محمد ناصر العاطفي الذي تصدر الخميس قائمة جديدة من العقوبات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين.
وقالت بريطانيا والولايات المتحدة إنهما فرضتا عقوبات على أربعة من كبار المسؤولين الحوثيين لدورهم في دعم أو توجيه الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر.
وبالإضافة إلى العاطفي، الذي كان على رأس القائمة، فرض البلدان عقوبات على قائد القوات البحرية الحوثية محمد فضل عبدالنبي، وقائد قوات الدفاع الساحلي محمد علي القادري، ومحمد أحمد الطالبي الذي وصفته حكومتا البلدين بأنه مدير المشتريات في قوات الحوثيين.
وقال بريان نيلسون، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لمكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية، في بيان “تهدد الهجمات الإرهابية المستمرة التي يشنها الحوثيون على سفن تجارية وأطقمها من المدنيين… بتعطيل سلاسل الإمداد العالمية وحرية الملاحة”.
وكان الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح يتمتع بعلاقة عسكرية جيدة مع الولايات المتحدة. ووافق في 2002 على نشر ما يصل إلى 100 مستشار عسكري أميركي في اليمن لإنشاء وحدة لمكافحة الإرهاب و”التدريب والمساعدة وتقديم المشورة” لقوات النخبة من الحرس الجمهوري والجيش اليمني.
وقدمت وكالة المخابرات المركزية إلى اليمن المزيد من المساعدات العسكرية في 2010، ووفّرت المزيد من التدريبات على مكافحة الإرهاب حتى 2012 مع انطلاق الفترة الانتقالية التي دعمها مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة ومع انجرار القوات المسلحة اليمنية والحرس الجمهوري إلى حالة من الفوضى التامة قادت البلاد إلى الحرب.
وتقرر آنذاك حل وحدات بأكملها وسط التمرد والانشقاق والاقتتال الداخلي، وغالبا ما أخذ الجنود المعدات معهم حيثما توجهوا. وتبين أن 80 في المئة من قادة الحرس الجمهوري الذين دربتهم الولايات المتحدة كانوا متعاطفين مع الحوثيين منذ فترة طويلة وكان 60 في المئة منهم من المذهب الزيدي الذي تتبعه الجماعة.
وضم الحوثيون تدريجيا العديد من القوات العسكرية في اليمن بعد أن استولوا على صنعاء عام 2014، ونقلوا الأسلحة الثقيلة إلى معاقلهم. وكانوا يسيطرون بحلول صيف 2015 على الحرس الجمهوري مع استيعاب العديد من ضباط صالح في قواتهم. وأنتج هذا الدمج قوة قتالية هائلة من جنود المشاة الحوثيين الشباب ذوي الدوافع الأيديولوجية من جهة ومشغلي الأسلحة الثقيلة المدربين والمعدات المتقدمة من جهة أخرى.
ويواصل الحوثيون اليوم استخدام العديد من الأسلحة والمعدات الغربية الموروثة من مخزونات الجيش اليمني قبل الحرب. وتشمل الصواريخ الباليستية والصواريخ الموجهة المضادة للسفن، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة من طراز آر كيو – 11 رافين أميركية الصنع، ودبابات أم – 60 الأميركية، والعربة المصفحة البريطانية ألفيس صلاح الدين، والمصفحة الفرنسية أيه أم أل – 90 العسكرية رباعية الدفع، وناقلة الجنود المدرعة الأميركية أم 113، ومدرعة بانهارد أم 3 الفرنسية.
ويلفت تقرير نشره موقع عرب دايجست إلى أن الحوثيين اختاروا عدم إجراء تغييرات شاملة على الجيش اليمني عندما استولوا عليه، واحتفظوا بهيكل القيادة الجغرافية والتسميات المعتمدة.
ولا يزال كبار القادة العسكريين الحوثيين يرتدون زي الجيش اليمني الرسمي ويلتزمون بأعراف الرتب.
ومن بين كبار القادة العسكريين الحوثيين الذين كانوا ذات يوم شخصيات بارزة في جيش علي عبدالله صالح المدعوم من الغرب اللواء الركن العاطفي. وكان القائد الأكثر ثقة عند الرئيس صالح، ومسؤولا عن المجموعة النخبوية التي كانت تشرف على الصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى في اليمن، وهو يوجّهها اليوم نحو السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر، ويحتل المرتبة رقم 7 في قائمة الحوثيين المطلوبين مقابل مكافأة قدرها 20 مليون دولار.
ومن ضمن القادة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد عبدالكريم الغماري (المعروف أيضا باسمه الحركي هاشم الغماري). ويشغل أيضا منصبا رئيسيا آخر في القيادة العليا للحوثيين. ويشمل دوره التعامل المباشر مع القادة الإقليميين، وتتبع احتياجاتهم والاستجابة لها بتخصيص الطائرات دون طيار والصواريخ والقدرات الاستخباراتية والمدرعات وأنظمة المدفعية.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية عام 2021 إن الغماري “مسؤول بشكل مباشر عن الإشراف على عمليات الحوثيين العسكرية التي دمرت البنية التحتية المدنية وجيران اليمن. ويوجه الغماري بشراء أسلحة مختلفة ونشرها، بما في ذلك العبوات الناسفة والذخائر والطائرات دون طيار، كما أشرف على هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات دون طيار ضد أهداف سعودية”.
وتشمل لائحة قادة جيش صالح السابقين الذين تحولوا إلى قادة حوثيين عبدالله يحيى الحاكم الملقب بـ”أبوعلي”، الذي لعب دورا محوريا في توطيد سلطة الحوثيين، وقد فرضت عليه الأمم المتحدة عقوبات.
وتضم القائمة أيضا اللواء الركن محمد غالب المقداد الذي تتابع غرفة عملياته في وزارة الدفاع الخطوط الأمامية وتحركات قوات العدو، واللواء زكريا يحيى الشامي الذي ساهم دوره الرئيسي في الاستيلاء على صنعاء في تعيينه نائبا لرئيس هيئة أركان القوات المسلحة الحوثية، وأصبح بعد ذلك وزيرا للنقل.