[ احتفالات غير مسبوقة في الذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر ]
احتفل اليمنيون، منذ ليلة أمس الاثنين، في عدد من محافظات اليمن، بالذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر/ أيلول، من خلال الخروج إلى الشوارع في حشود جماهيرية كبيرة، وأوقدوا شعلة الثورة التي أطاحت في عام 1962 حكم الأئمة وأرست مداميك العهد الجمهوري.
وتحدت الجماهير توجيهات السلطات في المناطق التابعة للحكومة الشرعية، والتي قضت مؤخراً بمنع إيقاد الشعلة رسمياً في العاصمة المؤقتة عدن، ومحافظات لحج والضالع وأبين وتعز.
وواجه اليمنيون القيود التي فرضتها جماعة أنصار الله (الحوثيون) في مناطق سيطرتها، وقيامها بتفريق المحتفلين بالقوة، وكذلك اختطاف عدد منهم كما حدث مؤخراً في العاصمة اليمنية صنعاء، ومحافظة إب وسط اليمن .
وخرج مئات المواطنين في مدينة تعز المعروفة بعاصمة الثقافة وسط اليمن، حاملين أعلام البلد الموحد والشعارات الممجدة لثورة، وكذلك صوراً تخلد شهداءها. وأوقدوا، ليلة أمس الاثنين، شعلة الثورة بشارع جمال عبد الناصر وسط المدينة، وفي مناطق آخرى حولها، وأطلقوا الألعاب النارية من قلعة القاهرة التاريخية والمنازل والتلال.
وخرج الألاف منهم، بينهم نساء وأطفال، صباح اليوم الثلاثاء، إلى الوجهة ذاتها، وأقاموا عروضاً كرنفالية ومظاهر وفقرات احتفالية أخرى وصفت بغير المسبوقة، كما رددوا الشعارات المؤيدة لثورة اليمنية والمؤكدة خلودها.
ورافقت الأناشيد الوطنية للفنان اليمني أيوب طارش تلك المظاهر، كما تردد صداها في الأيام الماضية في مختلف أنحاء المدينة، وصدحت تلك الأناشيد من المنازل والمحلات ووسائل النقل الخاصة والحكومية، وأضحت تقليداً جماعياً يحيي به المواطنون ذكرى ثورة 26 سبتمبر/ أيلول وغيرها من الثورات اليمنية، إلى جانب التوشح بالعلم اليمني وتعليقه على المنشآت والمباني العامة والخاصة والسيارات والدراجات النارية والبسطات والأسواق والمرافق الصحية وغيرها.
عبد الملك: أحيت ثورة 26 سبتمبر/ أيلول في اليمنيين روح الكرامة والعزة والحرية، وهي اليوم حقيقة ماثلة.
وأحيا طلاب المدارس في مدينة تعز هذه الذكرى بمظاهر احتفالية مبهرة، ظلت حديث الشارع اليمني والنشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، كما شارك الأطفال في الفعاليات المقامة وسط شارع جمال عبد الناصر، وألقوا قصائد حول الثورة وتضحيات الثوار.
وقال أحد المشاركين في الفعاليات، ويدعى أحمد عبد الملك، في حديثه مع "العربي الجديد": "نحتفل بذكرى ثورة 26 سبتمبر/ أيلول الخالدة، والتي ضحى من أجلها الآباء والأجداد، وأحيت فينا روح الكرامة والعزة والحرية، وهي اليوم حقيقة ماثلة"، مضيفاً: "نحن أحفاد الزبيري والثلايا والنعمان (رموز الثورة)، نجدد العهد والولاء لهؤلاء الثوار، وأننا على العهد باقون وسنحافظ على الجمهورية والثورة مهما تأمر المتآمرون".
وعد مشاركون الاحتفالات الشعبية تعبيراً صادقاً عن ضمير اليمنيين وثورة 26 سبتمبر/ أيلول، والتوق نحو الحرية والانعتاق من الفكر الإمامي المستبد، ونسخه المستحدثة من قبل جماعة الحوثيين منذ الانقلاب على السلطة الشرعية، في 21 سبتمبر/ أيلول من عام 2014.
وذكر مشارك آخر، ويدعى سعيد القحطاني، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ المحتفلين "يعيشون بهذا الحضور الشعور الثوري، ويعبرون عما نطمح إليه، ونوجه رداً طبيعياً للحوثيين الذين يظنون أنهم قد أخمدوا جذوة الثورة، ونؤكد أنها تتجدد وشعلتها تزداد وهجاً، وأننا سننتصر ولن ننكسر".
ودعا القحطاني القوى السياسية كافة في الصف الجمهوري إلى إدراك معنى هذا التجمهر، الذي قال إنّه "يمثل وحدة ورمزاً وسنداً حقيقياً"، وأن الرهانات على الخارج لا تعطي نتائج مرجوة، وعلينا الرهان على ذواتنا لنكسر النسخة الثانية من الحكم الإمامي لجماعة أنصار الله الحوثيين.
ويؤكد المشاركون في الاحتفال أن ثورة 26 سبتمبر/ أيلول هي ثورة عظيمة وراسخة وتمثل بالنسبة لليمنيين هوية وتاريخاً ودماً يجري في عروقهم، وهو ما يشير إليه مدير المركز الإعلامي لشرطة تعز العقيد أسامة الشرعبي، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "سوف يواصل هؤلاء الدفاع عن أهداف الثورة ومبادئها والوقوف في وجه المحاولات الحوثية الرامية نحو إعادة التاريخ إلى الوراء".
من جهته، ذكر الضابط في القوات الحكومية أحمد المحفدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ هؤلاء "سيظلون حماة الثورة، حاضراً ومستقبلاً، وسيتغلبون على التشوهات التي خلقتها جماعة الحوثيين وغيرها في السنوات الآخيرة، كما يلفت إلى أن الحشود تدل على أن اليمن بخير وقادرة على صناعة التحولات وحماية مكتسباتها".
وعد باحثون الاحتفاء الشعبي وغير المسبوق بأعياد الثورات اليمنية، وعلى رأسها ثورة 26 سبتمبر/ أيلول، والمعروفة بأم الثورات في اليمن، شكلاً من أشكال المقاومة الشعبية لجماعة الحوثيين وسياساتها الرامية لطمس الثورة، واستشعارهم لمخاطر استمرار سيطرة الجماعة على مناطق واسعة في البلاد.