[ مطالبات حقوقية ودولية لكشف مصير المخفيين قسريا في اليمن ]
دعت منظمات حقوقية (محلية ودولية) اليوم الأربعاء، مجلس حقوق الإنسان، والمفوض السامي لحقوق الإنسان للعمل من أجل الحد من الإفلات من العقاب في اليمن.
بيانات المنظمات بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، قالت إن "القوانيين الدولية جرمت الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري أو التعرض لسمعة الإنسان وشخصه، كما جرمت الانتهاكات بحق المدنيين ووجوب حفظ كرامتهم واحترام حقوقهم في الحياة والحرية والأمان والتساوي أمام القانون، وضمنت حرية الرأي والتعبير دون مضايقة أو مساس بحريته".
وقال (تحالف ميثاق العدالة لليمن) الذي يضم عدة منظمات محلية ودولية "نجدد دعوتنا المستمرة لمناهضة هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الانسان المتفق عليها عالمياً بوجوب حمايتها".
عائلات تعيش العزلة
واضاف إن محاسبة مرتكبي جرائم الاعتقال والإخفاء القسري مطالب حقوقية نصت عليها الـ 30 مادة من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي جرمت الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري أو التعرض لسمعة الإنسان وشخصه، كما جرمت الانتهاكات بحق المدنيين ووجوب حفظ كرامتهم واحترام حقوقهم في الحياة والحرية والأمان والتساوي أمام القانون، وضمنت حرية الرأي والتعبير دون مضايقة أو مساس بحريته.
وأشار إلى أن هناك المئات من المخفيين قسراً منذ أعوام، تعدى بعضهم الـ 7 سنوات، وجميعهم لا يعلم أهاليهم أي معلومات عنهم وعن مصيرهم، ناهيك عن تعرض العشرات من المخفيين قسراً إلى التعذيب الشديد حتى الموت، والتصفية الجسدية واستخدم بعضهم كدروع بشرية لقصف الطيران في أعوام سابقة، ولم تلتقِ بهم عائلاتهم إلا جثثاً هامدة، ليعيشوا أقسى اللحظات في صدمة وحزن شديد.
وأفادت المنظمات أن عائلات المخفيين قسراً تعيش حالة من عدم الاستقرار والقلق والتوتر والشعور بالعزلة لعدم معرفتهم عن وضع أبنائهم المخفيين قسراً خاصة أطفالهم الذين حرموا من آبائهم لسنوات، ناهيك عما يترتب على حالة الإخفاء القسري من صعوبات مالية وعجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية إن كان المخفي قسراً هو العائل الوحيد لأسرته.
التحالف والحكومة
وحمل تحالف ميثاق العدالة لليمن جميع الجهات المنتهكة (التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات، وجماعة الحوثي، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والسلطات الموالية لها بما في ذلك الأجهزة الأمنية التابعة لها، والقوات الإماراتية والجماعات المسلحة المدعومة من الإمارات، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة) المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة أبنائنا المخفيين قسراً.
وطالب البيان الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالسعي الجاد لإظهار المخفيين قسراً وإعادتهم سالمين إلى أهاليهم، وجبر الضرر ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحقهم.
وتحالف ميثاق العدالة لليمن يضم كلا من: التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، منظمة مساءلة لحقوق الإنسان، مؤسسة الامل الثقافية الاجتماعية النسوية، مؤسسة سد مأرب للتنمية الاجتماعية، مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية، مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل، مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مؤسسة رصد حقوق الإنسان، منظمة رابطة أمهات المختطفين، منظمة سام للحقوق والحريات.
كما جدد تحالف ميثاق العدالة دعوته لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان للعمل من أجل الحد من الإفلات من العقاب في اليمن، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وذلك من خلال تشكيل لجنة تحقيق دولية يعتمدها مجلس حقوق الإنسان، تتمكن من تحديد هوية مرتكبي تلك الجرائم تمهيدًا لمحاسبتهم.
ودعا الحكومة اليمنية للمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتحقيق المساءلة وتقديم مرتكبي انتهاكات الإخفاء القسري للمحاكمة.
وناشد جميع المنظمات الحقوقية والإعلامية المحلية والدولية لمساندة ضحايا الإخفاء القسري والناجين منهم وعائلاتهم والعمل لإيصال أصواتهم ودعمهم وتقديم الاهتمام اللازم لهم ليمثل اليوم العالمي للإخفاء القسري يوماً عالمياً للعدالة بانتهاء هذه الانتهاكات اللإنسانية في اليمن.
مخفيون بسجون الانتقالي والحوثي وطارق
في السياق ذاته أعلنت رابطة أمهات المختطفين توثيق "128" حالة إخفاء قسري ما زالت إلى الآن مجهولة المصير.
وقالت الرابطة في بيان لها إن الحالات توزعت كالتالي (55) مخفياً قسراً و(11) مخفياً قسراً من الطائفة البهائية، وامرأة مخفية قسراً، جميع هؤلاء لدى جماعة الحوثي، بينما (58) مخفياً قسراً لدى قوات الحزام الأمني بعدن، و(2) مخفياً قسراً لدى قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي، ومخفي قسراً واحد لدى الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الشرعية بمأرب.
من جانبها قالت منظمة العفو الدولية -في بيان عن حالة الاخفاء القسري في المنطقة العربية- إن منظمات حقوق الإنسان في اليمن وثقت 1547 حالة اختفاء.
وقالت المنظمة "في حين أن حكومات معظم تلك الدول لم تحقق في حالات الاختفاء ولم تقدم أرقامًا دقيقة للمفقودين أو المختفين، فقد نشرت جمعيات العائلات ومنظمات حقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة تقديرات لعدد الأشخاص المختطفين والمختفين في كل دولة".
وأضافت "في العراق تتراوح الأعداد بين 250 ألفاً إلى مليون مفقود. وفي لبنان، الرقم الرسمي هو 17415، وفي سوريا، تقدر منظمات حقوق الإنسان العدد بأكثر من 100 ألف. وفي اليمن، وثقت منظمات حقوق الإنسان 1547 حالة اختفاء.
عنصر أساسي لبناء السلام
من جهتها دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جميع أطراف الصراع في اليمن إلى إظهار المخفيين قسريا والافراج عنهم قورد دون قيد أو شرط.
وقالت اللجنة -في بيان لها صادر دافني ماريت، رئيسة بعثة اللجنة الدولية في اليمن بمناسبة احياء ذكرى اليوم العالمي للمفقودين الذي يصادف 30 أغسطس- يوجد حاليًا الآلاف من المفقودين جرّاء النزاع في اليمن. ففي كل عام، يختفي العديد من الأشخاص، سواءً كانوا من المقاتلين الذين فُقدوا أو قُتلوا نتيجة لمشاركتهم في القتال، أو من المدنيين الذين فقدوا أرواحهم جرّاء الأعمال القتالية ولم يُعثر على جثثهم أو يُتعرف عليها، أو من المحتجزين غير القادرين على الاتصال بعائلاتهم.
وأضافت "لا يزال الحجم الحقيقي للمشكلة غير معروف"، مشيرة إلى أن عواقب حالات الاختفاء هذه على الأفراد والأسر والمجتمعات ككل مدمرة ويمكن أن يكون لها آثار طويلة الأمد.
وتابعت "فكل مفقود يترك خلفه عائلة لن تتوقف أبدًا عن البحث عنه والسعي للحصول على معلومات حول مصيره، حيث تعاني عائلته لسنوات من حالة عدم اليقين وتعاني أيضًا من ألم فقدانه، فهي لا تعرف مكانه أو إذا كان حيًا أو ميتًا. علاوة على ذلك، فإن فقدان شخص عزيز يفرض تحديات قانونية ومالية على الأسرة، خاصة إذا كان الشخص المفقود هو المُعيل الرئيس للأسرة، وتساهم النفقات المستمرة المرتبطة بجهود البحث في زيادة العبء".
بالنسبة لعائلات المفقودين، -حسب ماريت- فإن عدم وجود معلومات تدل على مكان من فقدوا من أحبائهم (سواءً أكان ذلك عبر تأكيد وفاتهم أو انتشال جثثهم وإعادتها إلى عائلاتهم) يعني استمرار معاناتهم وعدم قدرتهم على الحداد والحزن كما ينبغي.
وقالت إن "توضيح مصير وأماكن الأشخاص المفقودين هو مطلب إنساني مُلح وعنصر أساسي في أي مسعى لبناء سلام".
وذكرت أن الخطوة الأساسية في هذه العملية تتمثل في إقرار أطراف النزاع بهذه المسألة وأسبابها. وقالت إن "الاعتراف بجميع فئات المفقودين دون تمييز، بغض النظر عن الظروف المحيطة باختفائهم، يعد خطوة أساسية نحو العثور على إجابات حول مصير ومكان الأشخاص الذين فقدوا في الفترات السابقة".
جريمة ممنهجة
بدوره دعا المركز اليمني الأمريكي للعدالة الحكومة الشرعية الى المصادقة على وجه السرعة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وحث المركز جميع الأطراف للكشف عن مصير المخفيين قسرا وتقديم معلومات عن حالتهم وأماكن احتجازهم وتمكينهم من حقوقهم القانونية كالتواصل مع ذويهم ومحاميهم والإفراج عنهم أو إحالتهم إلى الجهات القضائية إن كان هناك مسوغ قانوني.
وطالب المركز الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن هانس غروندبرغ وجميع الشركاء والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان حول العالم بالقيام بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في سبيل كشف مصير المختفيين قسريا واطلاق سراحهم.
وقال "لم يعد الاختفاء القسري مجرد حالات فردية بل جريمة ممنهجة تستهدف المواطنين اليمنيين والخصوم السياسيين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي والمجلس الإنتقالي وكذلك مناطق سيطرة الحكومة اليمنية و يحدث الاختفاء القسري في ظروف أمنية معقدة ، و يُستخدم بالأخص وسيلة للضغط السياسي على الخصوم".