[ السفير السعودي محمد آل جابر يتوسط قيادات الحوثيين في صنعاء ]
هل ما شهدته صنعاء أمس من مصافحة بين الحوثيين والوفد السعودي الذي يزور العاصمة اليمنية مؤخرا برئاسة سفير الرياض محمد آل جابر.. مؤشرا بقرب حلول السلام في البلد الذي يشهد حربًا منذ أكثر من ثمان سنوات؟
بلا شك أن ما شهده القصر الجمهوري في صنعاء الأحد من مصافحة بين من كانا خصمين يمثل لحظة فارقة، لاسيما وأن الوفد السعودي الأخير يمثل أرفع وفد للمملكة يزور صنعاء منذ سيطرة الحوثيين عليها، كما يؤكد، في ذات الوقت، مدى إصرار المملكة على تجاوز مأزق حرب اليمن في سياق سعيها لردم بؤر الصراع في المنطقة عقب توقيع اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، والذي من المتوقع أن يمثل منعطفا في العلاقات بين دول المنطقة.
حسب مراقبين، يمثل لقاء رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط، بالوفد السعودي ومعهم الوسطاء العمانيين بادرة إيجابية تؤكد أن ثمة رغبة للمضي نحو السلام، لكن لا يعني هذا أن المسار أصبح سالكا، إذ مازال ملغوما بعدد من الملفات أبرزها خطوات بناء الثقة بما تتضمنه من إجراءات اقتصادية يتم تنفيذها خلال فترة الهدنة المفترضة ممثلة في ستة شهور يعقبها ثلاثة شهور مفاوضات ومن ثم مرحلة انتقالية.
وأشاروا إلى أن الملفات الآنفة الذكر تمثل تفخيخا لمسار السلام وبخاصة ما يتعلق بالتسوية السياسية وما تتطلبه من مفاوضات واعتراف بالمكونات السياسية الأخرى والاتفاق على هوية الدولة السياسية وشكل الجيش… وغيرها من القضايا التي تتطلب بالتوازي تخلي الجماعات المسلحة عن مشاريعها، والتي تتناقض تماما مع جغرافيا البلد الثقافية، بالإضافة إلى اقتناع الإقليم بالخروج الكلي من اليمن وتحديدا الإمارات، وذلك بالتوازي مع برنامج التسوية.
آخرون اعتبروا أن السلام في اليمن يتطلب فيما يتطلبه نوايا صادقة لدى الأطراف والتي تحتاج هي الأخرى لتوفر ثقة بين الأطراف اليمنية ببعضها، ومن ثم يقين تام بحق الشعب في أن يختار من يحكمه في سياق دولة وطنية مدنية تحقق تطلعاته وفاء لما قدمه في سبيلها من تضحيات على مدى أكثر من نصف قرن.
وشهدت مسقط مشاورات حوثية سعودية انتهت إلى مسودة تفاهمات تتعلق بوقف إطلاق النار وإجراءات بناء الثقة وإطار معالجات سياسية لترتيبات المفاوضات الرامية لوضع حد للصراع.
ووصل الوفدان العماني والسعودي السبت إلى صنعاء للقاء قيادات جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) للتشاور في مسودة اتفاق وقف إطلاق النار المزمع إعلانه في الأيام المقبلة.
وتسببت الحرب المستعرة هناك في تمزيق نسيج البلد الاجتماعي وتدمير معظم منشآته الخدمية واستنزاف احتياطه النقدي، وقبل ذلك تسببت بنزف في الأرواح يتجاوز ثلاثمائة ألف شخص ونزوح داخلي لأكثر من أربعة ملايين، بالإضافة إلى ملايين أخرى نزحوا إلى خارج البلد، الذي لحق به خسائر اقتصادية تتجاوز 126 مليار دولار حسب الأمم المتحدة، التي اعتبرت المأساة الإنسانية الناجمة عن الحرب هناك أسوأ مأساة إنسانية في التاريخ الحديث.
ويتوزع حل الأزمة اليمنية، حسب المقترح الإقليمي، على ثلاث مراحل الأولى هدنة لمدة ستة أشهر تتبعها مفاوضات سياسية لمدة ثلاثة أشهر ومن ثم مرحلة انتقالية لمدة سنتين.