تبذل سلطة عُمان في الأسابيع الأخيرة جهداً مكثفاً كي تحافظ على مكانتها كوسيط حيادي في المنطقة، وتعيد الاستقرار في اليمن. أما من يدفع الثمن على ما يبدو فهي إسرائيل.
قبل نحو أسبوعين، أجرى مندوبو السلطنة اتصالات حثيثة لاستئناف الهدوء في الحرب في اليمن، بين ميليشيا الحوثي والتحالف السعودي. انتهت مدة الهدنة بين الطرفين في تشرين الأول.
في الشهر الماضي، هبط وفد عُماني في صنعاء كي يبحث في الأزمة وينقل رسائل من الجانب السعودي ومن جهات دولية، ولكن رئيس الفريق المفاوض من الحوثيين، محمد عبد السلام، شدد على أن كل تقدم ينطوي على مسألة إنسانية – تلك التي تتضمن قبل أي شيء آخر، رفع الحصار عن الموانئ والمطارات. التخوف أن يستغل الحوثيون إعادة فتحها كي يتعاظموا من جديد بـ “قطار إيراني” من السلاح والوسائل القتالية.
حسب مصادر عربية، أجرى أعضاء الوفد مفاوضات عنيدة مع عبد السلام، لكن يبدو أن الجهود لم تنجح إلا في منع تشديد الحصار الاقتصادي. عادت الرياض لتبلغ عن هجمات التحالف السعودي في أرجاء اليمن في الأيام الأخيرة.
ومع ذلك، لم تيأسوا عُمان، بل حرصت على أن عقد لقاء بين عبد السلام ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في مسقط. كما التقى الأخير بالسلطان هيثم بن طارق. وقدرت مصادر عربية بأن عُمان بحاجة لإيران التي لها نفوذ على الميليشيا الحوثية التي تمولها وتسلحها. في هذه الأجواء، يبدو أن مسقط تحاول أن تبث لطهران بأنها ليست جزءاً من الحلف شبه العلني بين إسرائيل ودول الخليج. وبحث مجلس الشورى في توسيع قانون المقاطعة على إسرائيل في عُمان كان إشارة واضحة لذلك.
صفقة دائرية
في الصيف الماضي تحققت صفقة دائرية بين إسرائيل والسعودية. في ضوء بند في اتفاق السلام، وافقت إسرائيل على إعطاء ضوء أخضر لمصر لنقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية. مقابل ذلك، فتحت المملكة العربية مجالها الجوي للطيران الإسرائيلي.
وكان التوقع أن تسير عُمان في طريق جارتها من الغرب وتشق الطريق لتقصير الطيران إلى الشرق الأقصى، وثمة تطور مهم كان يمكنه أن يخفض كلفة الوقود وقيمة بطاقة السفر.
الأمل في جهة والواقع في جهة أخرى
جاء البحث في توسيع قانون المقاطعة ليبث رسالة أن التطبيع مع عُمان لا يزال بعيداً. فضلاً عن ذلك، ربما نشهد صفقة دائرة أعدها الإيرانيون على ظهر إسرائيل: التدخل لتحقيق هدوء في اليمن مقابل إغلاق المجال الجوي أمام الطيران. في هذا السياق، يجدر بالذكر أن فتح المجال الجوي لعُمان، القريب نسبياً من إيران، كفيل بأن تستخدمه إسرائيل أيضاً لأهداف ليست مدنية صرفة.
الصفقة المتحققة ليست فقط نتيجة مصلحة عُمان في الحفاظ على الموقف المحايد؛ بل تنبع أيضاً من التخوف من استمرار آثار الحرب في اليمن على السلطنة، التي تقاسمها الحدود: سواء دار الحديث عن لاجئين أم عن مسيرات الحوثيين التي مرت في المجال الجوي العُماني من قبل وهاجمت الإمارات.