في الوقت الذي مازالت فيه الإمارات حاضرة في المشهد اليمني كقوة عسكرية ضمن ما يُعرف بتحالف دعم الشرعية، فوجئ الرأي العام بإعلان الحكومة اليمنية المعترف بها، الخميس، خبر توقيع اتفاقية تعاون عسكري وأمني مع الإمارات.
أثار الخبر تساؤلات عديدة عن الأهداف من هذه الاتفاقية لاسيما أنها تأتي في مرحلة يبرز فيها الوجود الإماراتي في اليمن من خلال مليشيات تدعمها أبوظبي كقوات المجلس الانتقالي وقوات طارق صالح وقوات العمالقة أو من خلال وجودها كقوة احتلال في جزيرتي سقطرى وميون وغيرها، بما في ذلك وجود بعض قواتها في قاعدة عسكرية بمطار الريان بالمكلا في محافظة حضرموت (شرق).
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية، الخميس، إن وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري وقع “مع وزير العدل الإماراتي، عبدالله النعيمي، نيابة عن وزير الدولة لشؤون الدفاع، اتفاقية التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب، وذلك ضمن الجهود الرامية لتعزيز التنسيق العسكري والأمني بين البلدين الشقيقين”.
من جهتهم، رفض الحوثيون الاتفاقية. وقال حسين العزي، نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ غير المعترف بها، “تحاول أبوظبي باتفاقها استعمال المرتزقة كغطاء بائس لإطالة تواجدها غير المشروع في أراضينا وهذا غير مقبول”.
وقال مصدر مطلع، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”القدس العربي”، “إن توقيت توقيع الاتفاقية يأتي بهدف الحصول على مبرر قانوني لاعتبار ما تقوم به الإمارات داخل الأراضي اليمنية جزءا من هذه الاتفاقية”.
وأشار إلى كلمتي (محاربة الإرهاب) اللتين وردتا في خبر التوقيع، ” وهما كلمتان مطاطيتان تفتحان الباب لتفسير لا حدود له، بل تتيحان للإمارات التدخل في مواجهة أي مكون يمني تراه تهديدا للأمن”.
وأضاف “كما أن عدم نشر نصوص الاتفاقية أو أبرز بنودها يذهب بالتفسير إلى مناطق بعيدة، أبرزها أن ثمة عناصر أو بنود لو نشرت ستثير ردود فعل ضد الاتفاقية، لأنه جرت العادة في الأخبار الرسمية كهذه أن تتم الإشارة إلى أبرز بنود اتفاقيات التعاون العسكري والأمني”.
وتساءل ذات المصدر “علاوة على ذلك، لماذا وقع اليمن اتفاقية تعاون عسكري وأمني مع الإمارات بمنأى عن تحالف دعم الشرعية، وما تبقى منه مع السعودية؟ يوحي ذلك أن الاتفاقية اقترحتها وطلبتها الإمارات، ولأن الحكومة اليمنية فيها من الضعف الكثير ما يجعلها تعجز عن الرفض، وبناء على ذلك فإن بنودها تصب في صالح حضور الإمارات في اليمن”.
وتثار أخبار بين وقت وآخر عن استحداثات تقوم بها القوات الإماراتية في مناطق وجزر يمنية، وكأن الإمارات من خلال هذه الاتفاقية تريد الحصول على صبغة قانونية، لكل هذه الأعمال التي هي في حقيقتها أعمال احتلال وتقسيم.
وقال المصدر “لكن ما يثير القلق أكثر هو ما قد يترتب على الاتفاقية في المرحلة المقبلة على صعيد ما قد يستجد على صعيد حضور الإمارات في المشهد اليمني عسكريا وأمنيا”.
وكانت أبوظبي أعلنت في 2019 إعادة انتشار قواتها في اليمن، وهو ما تم التعامل معه كانسحاب من الحرب، بينما مازالت قواتها موجودة في أكثر من منطقة، علاوة على وجود أذرعها ممثلة في قوات الأحزمة الأمنية وقوات النخبة وقوات الساحل الغربي وقوات العمالقة.
وكشفت صور الأقمار الصناعية، مستهل العام وفي منتصفه، قيام القوات الإماراتية باستحداث مدرج طيران وبعض المرافق في جزيرة ميون على البحر الأحمر بالإضافة إلى إنشاء بعض المرافق ضمن مشروع استحداث قاعدة عسكرية في جزيرة عبد الكوري، إحدى جزر أرخبيل سقطرى اليمني الواقع على المحيط الهندي.