كشفت مصادر يمنية٬ لـ«الشرق الأوسط»٬ عن وجود ثلاث غرف عمليات تابعة لوفد الانقلابيين المشارك في مشاورات الكويت٬ مهمتها تسيير عمل الفريق٬ومساعدته في التلاعب بمسار المشاورات التي تشرف عليها الأمم المتحدة.
وذكرت المصادر أن غرف العمليات مرتبطة عبر شبكة اتصالات موزعة بين طهران والكويت ودولة خليجية٬ وتضم خبراء إيرانيين وأجانب.
وأوضحت أن الفريق الحكومي اليمني يتعرض لضغوط دولية٬ لتقديم تنازلات في المشاورات٬ مؤكدة أن الفريق لديه تعليمات صارمة من القيادة الشرعية بعدم التوقيع على أي اتفاق خارج إطار القرار الدولي «2216«٬ وفق المحاور الخمسة التي جرى الاتفاق عليها مسبًقا.
ولفتت إلى أن فريق الانقلابيين وطاقمه الإعلامي يحاول استفزاز الدولة المستضيفة للمفاوضات٬ عبر إطلاق شعاراتهم الطائفية في شوارع الكويت٬ أو الظهور بزي عسكري في القنوات الفضائية٬ وهو ما دعا السلطات الكويتية إلى تحذير أعضاء الفريق الانقلابي٬ والتهديد بطرد الفريق الإعلامي التابع للحوثيين وصالح إذا استمروا في تجاوز القوانين والآداب العامة في الكويت.
ولا تزال طاولة مشاورات الكويت بين الفريق الحكومي اليمني وفريق المتمردين الحوثيين وصالح٬ تراوح مكانها دون الخوض في القضايا الرئيسية٬ التي يوجد حولها خلاف جوهري بسبب مراوغة ومماطلة فريق المتمردين٬ الذي يصر على مناقشة العملية السياسية قبل تسليم سلاح الجيش والانسحاب من المدن٬ مما يعني شرعنة الانقلاب٬ فيما يتمسك فريق الحكومة بموقفه بإنهاء كل إجراءات الانقلاب على الدولة قبل أي حديث عن العملية السياسية.
وبحسب أجندة الأمم المتحدة فإن مشاورات الكويت تشمل خمسة محاور رئيسية٬ هي وقف إطلاق النار٬ والانسحاب من المدن٬ وتسليم السلاح٬ وإعادة مؤسسات الدولة٬ إضافة إلى ملف الأسرى والمعتقلين٬ وتتمسك الحكومة بتطبيق هذه المحاور وفق تراتبيتها٬ ووفًقا للمرجعيات الدولية التي ترتكز عليها.
وكان إسماعيل أحمد ولد الشيخ٬ أعلن أمس (الخميس) تشكيل ثلاث لجان في مشاورات الكويت لمناقشة المحاور الخمسة ووضع آلية لتنفيذ القرار «2216«٬ وهي لجنة السجناء السياسيين والأسرى وجميع الأشخاص الموضوعين رهن الإقامة الجبرية أو المحتجزين تعسفًيا٬ واللجنة الأمنية والانسحاب وتسليم السلاح٬ ولجنة استعادة مؤسسات الدولة واستئناف الحوار السياسي.
وأكد حمزة الكمالي٬ عضو مؤتمر الحوار الوطني ومن ضمن الطاقم اللوجيستي للفريق الحكومي٬ أن رؤية الحكومة ترتكز على استعادة الدولة وعودة الأمن والاستقرار للبلاد.
وذكر الكمالي٬ لـ«الشرق الأوسط»٬ أن النقاش في الكويت يتركز حالًيا في خمس قضايا٬ ويحاول الانقلابيون المراوغة في مناقشتها وإطالة الوقت للبحث عن مخرج يحفظ لهم انقلابهم على الدولة.
وأضاف أن وفد المتمردين جاء إلى الكويت بهدف واحد٬ وهو تقاسم السلطة وتثبيت انقلابهم٬ فيما الوفد الحكومي الوطني جاء يبحث عن حل لاستعادة الدولة٬
وعودة الأمن والاستقرار والخدمات العامة للمواطنين. وتابع: «ما يقوم به الحوثيون وصالح هو محاولة لتضييع الوقت٬ واستخدام المفاوضات تكتيكات عسكرية لإشغال الجميع بالمفاوضات السياسية٬ بينما يحشدون على الأرض لإطالة أمد الحرب والاستعداد لمعارك جديدة٬ مؤكًدا أن الحكومة تعاملت في الكويت بمسؤولية دولة٬ وتحاول البحث عن مخرج للسلام وفًقا للمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية».
ويرى عدنان العديني٬ نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح٬ أن الحركة الحوثية ليست كياًنا سياسيا حتى تسهم في تحديد مستقبل اليمنيين ودولتهم والنظام السياسي الذي سيحكمهم. وأضاف: «الحوثيون لا يؤمنون بحق الشعب في الحكم٬ ويتنكرون لمبدأ المواطنة ويحّرمون مبدأ الاقتراع العام٬ فكيف نسمح لجماعة مثل هذه بأن تشترك في صناعة مستقبل أجيالنا؟».
واتفق الدكتور نجيب غلاب٬ رئيس مركز الجزيرة للدراسات٬ مع هذا التوصيف٬ وقال لـ«الشرق الأوسط»: «جماعة الحوثي لا يمكن أن تنجز بالحل السياسي ما عجزت عن تحقيقه بالسلاح٬ هذا المستحيل عينه٬ هي مشاورات لإتمام إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة٬ وتحسين شروط الاستسلام٬ وإيجاد حل سياسي يعيد كل طرف إلى حجمه الطبيعي»٬ مؤكًدا أن المشاورات هي من أجل الدولة وترسيخ قوتها وإعادة بنائها٬ وتفكيك الميليشيات بشكل منظم.
ولفت إلى أن المعركة شاملة٬ سياسية وثقافية واقتصادية٬ من أجل الحرية وحقوق الناس وإعادة الاعتبار إلى كرامة الإنسان اليمني٬ وتحريره من الفساد والنهب واللصوص٬ واعتبرها «معركة أحرار لإنقاذ البلاد ممن اختطف دولتنا وأهان كل جميل٬ وإعادة الاعتبار للهوية اليمنية».
وتطرق غلاب إلى أن الوفد الانقلابي قّدم مقترحات بتشكيل سلطة انتقالية٬ قبل إنهاء كل إجراءات انقلابهم٬ وهي محاولة لحرف مسار المشاورات والتلاعب بمقرراتها٬ والحكومة رفضت التعاطي مع مقترحهم حول النقطة الرابعة٬ وهي البدء بالعملية السياسية٬ مع الإبقاء على انقلابهم وعلى الوضع في مؤسسات الدولة التي اختطفوها.
وأشار غلاب إلى أن الانقلابيين يستخدمون استراتيجية جرى استخدامها في الحروب الست مع الدولة منذ 2004 حتى 2010 .ثم كرروا ذلك في 2014 .عندما دخلوا في مؤتمر الحوار بالتزامن مع تقوية جناحهم العسكري الذي انقلب على الدولة وإلغاء المبادرة الخليجية واستبدل ما يسمى «اتفاق السلم والشراكة» بها.