[ قطعة تعود إلى حقبة مملكة قتبان (فرانس برس) ]
تضاعف العبث بآثار اليمن بشكل أكبر خلال سنوات الحرب، التي تعصف بالبلاد منذ نحو سبعة أعوام؛ إذ عادت إلى الواجهة قصص تهريب مئات القطع إلى عدد من العواصم الأوروبية، وعرضها هناك للبيع في مزادات مفتوحة.
يؤكد مصدر حكومي مسؤول في وزارة الثقافة والسياحة فيالعاصمة المؤقتة، عدن، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن الوزارة تلقت خلال الفترات الماضية معلومات، تؤكد تورط بعض الجهات والأشخاص في عمليات التهريب، إذ يجري تتبعها والتخاطب مع الجهات التي تعرض بيع الآثار اليمنية.
ومن بين آخر الشواهد التي تؤكد استمرار العبث بالآثار اليمنية، ظهور بعض القطع التاريخية أثناء عرضها قبل أيام في مزاد "أرتميس"، من بينها وجه يحاكي تلك التماثيل التي تعود إلى حقبة مملكة قتبان، التي ظهرت في القرن الرابع قبل الميلاد.
لا تتوقف مزادات بيع الآثار اليمنية عند هذا الحد، فظهر أيضاً قبل قرابة ستة أشهر عدد من قطع الآثار اليمنية، معروضةً للبيع في مزاد النحت القديم والأعمال الفنية في لندن.
في هذا السياق، يعكف الباحث اليمني المتخصص في شؤون الآثار، عبد الله محسن، على تتبع القطع اليمنية التي تباع في المزادات الخاصة بالآثار، ويفيد بأنه قد جرى، أخيراً، عرض أكثر من 60 قطعة أثرية يمنية للبيع في مزاد "تايم"، أغلبها مصنوعة من الذهب والمجوهرات.
وبحسب الباحث، فإن التقديرات الأولية لعمليات بيع القطع الأثرية اليمنية، المُهرّبة والمسروقة خلال الحرب، تتجاوز 10 آلاف قطعة.
يشير مُحسن إلى أن هذه التقديرات تم التوصل إليها من خلال عمليات التتبع التي أجراها في المزادات أو المتاحف، وفي صفحات الترويج للقطع المهربة على منصات التواصل الاجتماعي.
بدوره، يؤكد وهو وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبو بكر القربي، أن الآثار اليمنية المهربة باتت تباع اليوم في مزادات العديد من الدول، بينما الحكومة اليمنية الشرعية ومعها كل السفارات، غافلة عن هذا، ولا تكلف نفسها التدخل قانونياً لمنع عمليات البيع.
وتساءل أبو القربي في تغريدة له على "تويتر": "ألا يكفينا العبث بحاضرنا لنقوم ببيع التاريخ لأن هناك من يرى في الثروة قيمة تفوق الوطن وتاريخه".
ومن بين الحوادث التي تكشف حجم الكارثة في ما يتعلق بالتسيب الحاصل بهذا الشأن، هو خوض أحد أبناء أبرز مالكي الآثار في اليمن، في خلافات على خلفية تقاسم القطع الأثرية مع ورثة الرجل، باعتبار هذه القطع الأثرية جزءاً من ميراثهم الشرعي. وقد انتهت القصة فعليا بتوزيعها وإخراج بعضها من اليمن.
ويرى خبراء قانونيون، أن اليمن لا يزال قادراً على استعادة آثاره المهربة، كونه أحد البلدان الموقعة على اتفاقية لاهاي 1954، وملحقاتها الخاصة بمنع تصدير الممتلكات الثقافية، والبروتوكول الخاص بحماية الممتلكات الثقافية في حالات النزاع المسلح، واتفاقية "يونيسكو" عام 1972، المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة. من أبرز المزادات التي عرضت الآثار اليمنية للبيع خلال سنوات الحرب الماضية، مزاد "أرتكوريال" في باريس، ومزاد "سيتدارت" ومعرض "أرتميس".
وإلى جانب عمليات النهب والتهريب التي تعرضت لها آثار اليمن خلال السنوات الماضية، عمدت جماعة الحوثي إلى التعامل مع الآثار على أنها رموز لا تستحق الاهتمام، لا سيما تلك المتعلقة بالحضارات القديمة. وقد طاول الخراب والدمار عدداً من المواقع الأثرية المعروفة.