بعد نحو 11 عاما من مجزرة قوات الرئيس الراحل صالح ضد المتظاهرين في ساحة التغيير بصنعاء، لا يزال الأصوات ترتفع للمطالبة بملاحقة المتورطين والمسؤولين عن ارتكاب "جريمة جمعة الكرامة "، وسط استياء وتنديد شعبي واسع في وسائل التواصل الاجتماعي مجمعين على أن النظام هو المتسبب بهذه الواقعة.

ويرصد "الموقع بوست" ردود أفعال عدد من النشطاء والصحفيين في مواقع التواصل الاجتماعي حول ذكرى هذه الجريمة التي استشهد فيها ما لا يقل عن 45 مدنيًا وإصابة أكثر من 200 آخرين في 18 مارس/آذار 2011، عندما أطلقت قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح النار على المتظاهرين في ساحة التغيير بالقرب من جامعة صنعاء أثناء انتهائهم من صلاة الجمعة.

وتتهم منظمات حقوقية أكثر من 11 مسؤولًا حكوميًا من أركان النظام السابق بشكل مباشر في هذه المجزرة، فضلا عن 78 شخصا آخرين من أفراد الأمن دون أن يتم اقتضاء العدالة من أولئك الأشخاص، فيما اعتمد صالح على تعطيل كل الجهود الرامية لتقديم المخالفين للجهاز القضائي.

وأعاد النشطاء في وسائل تواصل الاجتماعي التذكير بهذه الجريمة المروعة التي لا يزال البلد يدفع فاتورة ذلك، بينما نشروا صور جماعية للشهداء، فضلا عن تحويل تلك المنصات إلى ساحة كبيرة لشهداء الكرامة.

اتهامات متبادلة

وكان النائب البرلماني والقيادي في حزب الإصلاح شوقي القاضي، قد برأ صالح -في آخر تصريحات له- من هذه المجزرة، متهما طرفا ثالث (لم يسمه) بالقيام بهذه الجريمة التي كانت انطلاقا لثورة شعبية عارمة نتيجة ذهاب الرئيس صالح بسياسة التوريث وتفشي واسع للفساد والظلم وغياب العدالة.

وفي الشأن ذاته اعتبر الإعلامي اليمني أحمد الشلفي التصريحات التي صدرت مؤخرا والتي اتهمت طرفا ثالثا بالوقوف وراء المجزرة غير صحيحة بفعل قيام النظام السابق آنذاك بملاحقة وسجن وقتل الكثير من الشهود على جرائمه.

ويرى الشلفي أن الدولة هي المسؤولة في المقام الأول عن حماية الشعب من الطرف الثالث ومعرفة المتسبب في قتل الجماهير وليس فقط حمايتهم وعدم قتلهم.

ويقول إن "الحفاظ على وحدة الهدف والمشروع والاصطفاف الوطني لا يمكن جز الأحداث من سياقها والذهاب لترويج مقولات معينة معلبة بهدف منح أطراف استثمارها لأغراض معروفه وتشويش الرأي العام بمقولات لست مخولا بالدفاع عنها في أكثر من موقف ومنصة".

ويضيف أن تبرئة السلطة عن الجريمة عمل "خياني لكونك إنسان ناهيك عن كونك مثقف"، بينما يجب "طرح الأسئلة على السلطة والشك بها وليس الإذعان لها وخلق الأعذار والتبريرات"، لسلطة فاسدة ومستبدة وتاريخها مليء بقتل المعارضين والمتحالفين، فضلا عن مجاهرتها بكراهية الديمقراطية والتعددية والثورة والمصلحين بمختلف أطيافهم وقتلهم والتفاخر بذلك في وسائل إعلامها، حد قوله.

فاتحة الحرية

الكاتب والإعلامي أحمد الزرقة وصف شهداء جمعة الكرامة "بفاتحة الحرية التي أرادها الشعب نافذة للعبور نحو الضوء، حيث حولها القتلة إلى قبر يتسع للجميع، مشددا على أن الجرائم لا تسقط بالتقادم، مطالبا بعدم الإفلات من العقاب.

وفي ذات السياق، يشير الكاتب الصحفي سعيد ثابت إلى أن تلك الشهداء "أكرم القلوب وأزكى الأرواح وأطهر النفوس- هؤلاء ليسوا أمواتا، إنهم أحياء، فلا يجوز أن يقال عنهم" أموات، كما لا يجوز أيضا أن يعتبروا أمواتا في الحس والشعور، ولا أن يقال عنهم أموات بالشفة واللسان".

وتقول الناشطة الحقوقية والصحفية فاطمة الأغبري "في مثل هذا اليوم خرجت رصاصات الغدر من أفواه بنادق قوات صالح لتقتل  المتظاهرين وسط ساحة التغيير صنعاء، أثناء تأديتهم صلاة الجمعة، بينما استخدموا أسلحة الدولة و سفكوا الدماء بقلب بارد من أجل الكرسي".

وتضيف أن الكرسي الذي قتلوا المتظاهرين لأجله مزقت البلاد، مستنكرة على كل من "استغل دماءهم لتحقيق مصالح شخصية".

نقطة ضوء

أما الصحفي رشاد الشرعبي يقول معلقا على صورة الشهداء الذي سقطوا في جمعة الكرامة "كنتم الحلم الذي راودنا جميعا ونقطة الضوء التي أنارت دربنا الطويل وسط ليلنا الحالك، كنتم الفدى للوطن وكنا المتخاذلين عنه وعنكم".

‏

وأكد الناشط توفيق أحمد أن جمعة الكرامة بداية للازمات التي حدثت في البلد منذ تسع سنوات، حيث أظهر صالح حقده على اليمن أرضا وإنسانا، في وقت لا يزال يعاني البلد من هذا الحقد حتى هذه اللحظة.

ويؤكد أن صالح خطط وفكر لقمع الشباب الثوار لكي يبسط على الحكم هو وأولاده، لكنه كان لا يعلم بأن نصيبه رصاصه من مخزونه الذي قتل فيه الشعب.

واستغرب أبو بكر سالم عامل عدم سقوط قتلى في صفوف الحوثيين الذين كانوا متواجدين في ساحة التغيير يوم مجزرة الكرامة، قائلا كان "الحوثيين موجودين في الساحة ومعهم مخيمات".

ويضيف أنه من الطبيعي لأي ثورة شعبية يتواجد فيه كل أطياف المجتمع، لكن الغريب في الامر أن الحوثيين لم تأتي لهم طلقة واحد ولا قتيل واحد، مشيرا إلى الغرابة في الموضوع.

ويقول الإعلامي أحمد حمران "قبل 11 عاماً ارتكب صالح والجنرال علي محسن الأحمر مجزرة جمعة الكرامة التي أُبيحت بعدها كل المجازر على اليمنيين.