حذر اللواء أحمد سعيد بن بريك٬ محافظ حضرموت٬ من التكديس غير المسبوق للجماعات الإرهابية في حضرموت٬ مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك مؤشرات٬ تلوح في الأفق٬ لتصبح المحافظة الشرقية الكعكة التي سيتقاسمها من يقف وراء هذه المجموعات وتجار السلاح.
وقال المحافظ: «إن المطلوب في الظروف الحالية إعلان الاستنفار العام للدعوة إلى وحدة الصف الحضرمي للدفاع عن حضرموت٬ ولإفشال المخططات التي يراد منها أن تكون حضرموت ساحة للصراع والعنف».
وكشفت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»٬ عن أن أعدادا كبيرة من عناصر تنظيم القاعدة المتواجدين في المكلا هم ليسوا من أبناء المحافظة٬ وإنما دخلاء عليها٬ إما أجانب من دول أخرى٬ أو من محافظات يمنية مختلفة٬ منوهة المصادر بأنهم وجدوا في حضرموت منطقة آمنة لهم ومصدرا سخيا لجني المال طوال عام كامل.
إذ يسيطر تنظيم القاعدة على أهم المرافق الإيرادية٬ ميناء المكلا والقصر الجمهوري ومطار الريان وميناء الضبة النفطي٬ ومرافق السلطة التنفيذية بمختلف المناطق الساحلية٬ ومارس عمليات سطو على البنوك وممتلكات التجار والمواطنين الحضارم٬ ويمارس دور سلطة الأمر الواقع. وأكدت المصادر٬ أن تنظيم القاعدة جمع مبالغ مالية ضخمة من حضرموت٬ لافتة إلى أن إجمالي ما يجنيه أسبوعيا مليار ریال يمني٬
وهو ما ساعده على استقطاب الشباب من أبناء حضرموت العاطلين عن العمل والباحثين عن قوت عيشهم٬ في محاولة لتغيير الفكر الوسطي المعتدل الذي اشتهر به أبناء هذه المحافظة٬ وليقوموا بتحويلهم إلى حاضنة شعبية لهم٬ وسلاح موجه إلى صدور أبناء جلدتهم. وأضاف المحافظ٬ اللواء أحمد سعيد بن بريك٬ أنه لا متسع من الوقت أمام الخّيرين والمخلصين كافة من أبناء حضرموت خاصة٬ واليمن عموما٬ كي يقوموا بمواجهة هذا الخطر المحدق بهم وفي محافظتهم٬ مؤكدا أن تمسكه بالأرض يتزامن مع جملة من الإجراءات٬ منها «العصا لمن عصى».
وأشار اللواء ابن بريك٬ إلى أن المطلوب الآن هو وحدة الصف ومن دون الالتفات إلى أجندة أحزاب أو مكونات٬ مؤكدا أن النجاح في المعركة القادمة لن يكون دون وحدة شاملة للجبهة الداخلية٬ ولو بالكلمة المساندة. المقاتلات الحربية التابعة للتحالف شنت صباح أول من أمس (الجمعة) هجوما على معسكرات تستخدمها عناصر القاعدة في مدينة المكلا. وشوهدت أدخنة متصاعدة بالسماء من مواقع عدة٬ مثل معسكرات الجيش التي سيطرت عليها هذه العناصر مطلع أبريل (نيسان) من العام الماضي٬ التي تعرضت لهجمات جوية متتالية من طائرات قوات التحالف في الأسابيع القليلة الماضية٬ موقعة بها خسائر بشرية ومادية كبيرة.
ودعا المحافظ وسائل الإعلام المختلفة كافة إلى القيام بواجبها الوطني والمهني والأخلاقي والإنساني حيال الأوضاع الراهنة والاستثنائية التي تمر بها حضرموت٬ دونما النظر إلى الماضي أو إلى اختلافات حزبية ونظرية٬ لافتا إلى أنه لا وقت لمثل هذه الاختلافات٬ وعلى الجميع استشعار روح الفريق الواحد٬ وقبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه عض الأصابع ندما وحزنا على «ضياع الجمل بما حمل».
وقال سكان محليون في مدينة المكلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن تدافع هذه العناصر إلى المدينة الساحلية٬ المعروف سكانها بالمدنية والتسامح ورفض العنف٬ بات أمرا مخيفا ومقلقا٬ من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كارثية ومأساوية في حال بقي الصمت سائدا تجاه وجود هذه العناصر٬ المحاربة وطنيا وإقليميا ودوليا».
ودعا هؤلاء أبناء حضرموت كافة في الداخل والخارج إلى إنقاذ حضرموت قبل فوات الأوان٬ مطالبين الجميع أحزابا ومؤسسات وجمعيات وشخصيات مجتمعية إلى رص الصفوف خلف قيادة المحافظة؛ كي تقوم بدورها المناط لاستعادة السيطرة على المدينة الساحلية التي تعد مركزا محوريا لممارسات السلطات النظامية منها.
ودشن ناشطون وسياسيون وإعلاميون من حضرموت٬ حملة على مواقع التواصل الاجتماعي٬ دعوا فيها إلى إنقاذ حضرموت من سيطرة القاعدة٬ مشيرين إلى أنهم سيعملون من خلال الحملة على رصد انتهاكات جماعة أنصار الشريعة.
وأضافت مصادر سياسية٬ أن الرئاسة والحكومة اليمنية تلّقتا٬ خلال الأسبوع الماضي٬ إشارات من التحالف الدولي بضرورة تعزيز التحالف المشترك وتكثيف جهود مكافحة الإرهاب في اليمن بشكل عام٬ ومحافظة حضرموت بشكل خاص. وكان السفير الأميركي لدى اليمن٬ ماثيو تولر٬ التقى٬ في الرياض٬ أول من أمس٬ كلاً على حدة٬ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي٬ ورئيس الحكومة الجديد أحمد بن دغر. وبحسب ما ذكرت وكالة «سبأ»٬ فإن اللقاء خصص لمناقشة التنسيق والتعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»٬ في 23 مارس (آذار) المنصرم٬ شّن ضربات جوية على معسكر تدريب لتنظيم القاعدة غرب مدينة المكلا في حضرموت٬ ما أّدى إلى مقتل العشرات. وكان المتحّدث باسم البنتاغون٬ بيتر كوك٬ قد أّكد عزم الولايات المتحدة على محاربة التنظيم وهزيمته وحرمانه من أي ملاذ آمن قد يستخدم لشّن هجمات ضّد الأميركيين.
وبحسب خبراء عسكريين٬ فإن الضربات كانت الأولى من نوعها ضد مواقع لـ«القاعدة» في حضرموت٬ منذ أبريل (نيسان) ٬2015 مرّجحين أن تكون المقاتلات الأميركية التي نّفذت القصف قد انطلقت «من البحر أو من جيبوتي».