[ احتجاجات في تعز تندد بتردي الوضع المعيشي وانهيار العملة - مواقع التواصل الاجتماعي ]
على وقع عصيان مدني واحتجاجات شعبية واسعة في عدة مدن يمنية، تواجه البلاد منعطفات خطيرة لتدهور العملة الوطنية مع انفلات عداد سعر الصرف، واقتراب الريال اليمني من الألف الثاني مقابل الدولار الواحد.
وتظاهر آلاف اليمنيين، يوم الأحد، بمحافظتي تعز (جنوب غرب) وأبين (جنوب)، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية وانهيار قيمة العملة المحلية.
وردد المتظاهرون هتافات تطالب برحيل رئيس حكومة معين عبد الملك. كذلك رفعوا لافتات مدونة عليها عبارات احتجاجية على تدهور الأوضاع المعيشية، أبرزها "لا لارتفاع الأسعار... الجوع يقتل الشعب اليمني".
غرفة عدن التجارية والصناعية للرئيس اليمني: تدخل وضع حد لانهيار العملة الوطنية المتسارع
وتتزامن احتجاجات المواطنين في تعز وأبين مع استمرار إضراب التجار عن العمل، اليوم ، بمدينة تعز، وإضراب أصحاب محلات الصرافة في محافظات عدن وأبين ولحج (جنوبي البلاد)، لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على انهيار العملة المحلية.
يأتي ذلك في ظل عجز وارتباك الحكومة المعترف بها دولياً التي تستعد لمواجهة تبعات هذا الانهيار المتسارع على كافة المستويات.
في السياق، ناشدت غرفة عدن التجارية والصناعية في رسالة وجهتها إلى الرئيس اليمني المقيم في الرياض، عبد ربه منصور هادي، بضرورة التدخل ووضع حد لانهيار العملة الوطنية المتسارع والذي يؤدي إلى اضطراب خطير في التجارة والصناعة ويعيق استمراريتهما، وسيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى شح المعروض السلعي الذي سيدفع البلد لحافة المجاعة.
وأكدت غرفة عدن التجارية والصناعية في رسالة المناشدة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها معاناة القطاع التجاري من الارتفاع المتسارع لأسعار الصرف للعملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع المختلفة، بما في ذلك السلع الغذائية الأساسية، وما رافق ذلك من انهيار كبير لقيمة العملة الوطنية لتصبح أقل بكثير عن قيمتها سابقاً.
وحسب مسؤول في الغرفة التجارية، تحفّظ عن ذكر اسمه، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ الوضع خطير على المستويات كافة، سواءً بالنسبة للتجار أو للصناعيين والمستوردين، أو بالنسبة لكافة فئات الشعب الذين وصولوا إلى مرحلة الكفاف الشديد نتيجة لكلّ هذه الأزمات، وهو ما ينعكس على انخفاض القوة الشرائية لدى نسبة كبيرة من المواطنين الذين لا تتناسب أجورهم ودخلهم المنخفض مع احتياجاتهم الغذائية والمعيشية.
مسؤول في الغرفة التجارية، لـ"العربي الجديد": الوضع خطير على المستويات كافة، سواءً بالنسبة للتجار أو للصناعيين والمستوردين
ويتطلع القطاع التجاري، كما أكدت غرفة عدن التجارية والصناعية، إلى تفاعل الرئيس اليمني بالتوجيه لكافة المؤسسات المختصة باتخاذ معالجات عاجلة وفاعلة لإيقاف تدهور العملة، فلم يعد بمقدور الغرفة التجارية مطالبة منتسبيها من التجار والصناعيين بتحمل مزيد من الخسائر.
وقالت الغرفة إنّ ذلك سيؤثر بشكل مباشر على الاستقرار التمويني والأمن الغذائي للمواطنين كنتيجة مباشرة لتآكل رأسمال المخزون السلعي، وهو ما يعني ارتفاعاً أكبر في الأسعار ومجاعة كارثية.
الباحث الاقتصادي، علي مصطفى، يشير لـ"العربي الجديد" إلى أهمية التفات التحالف والمجتمع الدولي إلى الوضع الكارثي الذي يعيشه اليمن والذي ينذر بكارثة إنسانية خطيرة، فهناك أزمات اقتصادية متفجرة وانهيار للعملة المحلية، بالتوازي مع تدهور معيشي كبير ومحدودية الدخل لدى نسبة من اليمنيين من الموظفين الذين لا تزال رواتبهم مستمرة، وهو دخل يقضي عليه التضخم المرتفع بشكل كبير.
ورصدت "العربي الجديد" حركة عصيان مدني بدأ أول أمس السبت، في أكثر من مدينة احتجاجاً على انهيار العملة بشكل كارثي غير مسبوق وانعكاسات ذلك على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، إذ شهدت مدينة عدن إغلاقاً جزئياً لشركات الصرافة والمحال التجارية، كما شهدت بعض مناطق تعز احتجاجات مماثلة وتهديداً بتوسيعها خلال الأيام المقبلة.
حركة عصيان مدني في أكثر من مدينة احتجاجاً على انهيار العملة بشكل كارثي غير مسبوق وانعكاسات ذلك على تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين
مواطنون في تعز وعدن ولحج وحضرموت أكدوا لـ"العربي الجديد" أنّ قدراتهم تكاد تكون منتهية في مواجهة أعباء الحياة المعيشية التي أصبحت صادمة بالنسبة لهم، في ظل ما تشهده الأسواق من تغير يكاد يكون يومياً لأسعار السلع الغذائية الأساسية التي لم تعد متوفرة لدى كثير من الأسر العاجزة عن شرائها.
ويبدي المواطن أنور سفيان، من سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن، غضبه من هذا التجاهل لمعاناة الناس من قبل الحكومة التي تتفرج عليهم وهم يدفعون ثمن هذه الأزمات من أرواحهم وحياتهم وصحتهم ومستقبل أولادهم.
أما المواطن عبود نعمان، من سكان مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، شمال عدن، فيعبر في حديثه لـ"العربي الجديد" عن عدم قدرته على توفير احتياج أسرته المعيشية والغذائية اليومية، إذ يصل سعر كيلوغرام الواحد من الدقيق إلى أكثر من ألف ريال.
ويبلغ سعر البيضة الواحدة نحو 170 ريالاً، وهذا ما يعد وفق قول نعمان سبباً كافياً لرحيل هذه الحكومة ووضع حد لكل الجماعات والمكونات السياسية المنضوية في إطار هذه الحكومة.
بدوره، يشدد الناشط والباحث الاجتماعي، نادر الخالدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على توسع تأثيرات هذه الوضعية بشكل خطير على مختلف الفئات السكانية خصوصاً أرباب الأسر، إذ تتحول إلى أمراض وأزمات نفسية يعاني منها كثير من الناس الذين يواجهون التزامات يومية معيشية عليهم توفيرها لأسرهم.