اضطر محمد هادي الحرملي الذي تجاوز الثمانين من العمر للنزوح أربع مرات مع تغيٌر خطوط المواجهة في الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنين في اليمن.
ولأنه فقير معدم وعاجز طريح الفراش بسبب مشكلة في العمود الفقري، أصبح الآن حبيس خيمة بمخيم مؤقت خارج مدينة مأرب، وهي آخر معقل في الشمال للقوات الموالية للحكومة.
وتتزايد أعداد الفارين إلى مأرب مع كل تقدم لقوات الحوثي.
قال هادي الحرملي لرويترز "إحنا دخل فصل الشتاء ومعنا جهال (أطفال) وأسر كبيرة وأسر فقيرة ويشدوا (يحتاجون) بطانيات ويشتوا فراش ويشتوا متطلبات لإيواء الدفا (بحثا عن الدفء في الشتاء)".
أضاف "أنا تعبان. عندي العمود (الفقري) انزلاق... ولا معي فلوس أتعالج بها... ما عاد به منين تقترض من أي واحد (ليس عندي من أقترض منه)."
ويعيش محمد هادي الحرملي في مخيم السويداء شرقي المدينة منذ مايو أيار من العام الماضي، وهو واحد من بين النازحين الذين تُقدر أعدادهم بنحو مليون قدموا من أماكن أخرى في اليمن وأصبحوا الآن يشكلون قسما من سكان مأرب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة.
قالت مجموعة من وكالات الإغاثة هذا الأسبوع إن النساء والأطفال يمثلون حوالي 80 بالمئة من النازحين، الذين اضطروا للتوجه للمدينة تحت ضغط تقدم قوات الحوثي المتحالفة مع إيران للسيطرة الكاملة على واحدة من المناطق الرئيسية المنتجة للطاقة في البلاد.
قالت مجموعة الوكالات، بما فيها كتائب الرحمة والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمتا أوكسفام وإنقاذ الطفولة "الاحتياجات الإنسانية في مأرب تفوق بكثير قدرات (المنظمات) الإنسانية على الأرض في الوقت الحالي".
15 ألفا آخرين
حذر عبد الحميد علي مثنى، وهو طبيب في مستشفى قريب، من تفشي الإنفلونزا وكوفيد-19 في الشتاء، في ظل ظروف وأوضاع غير صحية في المخيمات، وطالب منظمات الإغاثة والدول الأخرى على زيادة الدعم.
قال مثنى في مستشفى الميل بمخيم السويداء في مأرب "هناك إقبال شديد (زيادة في أعداد المترددين) مع ضعف... في الإمكانيات الموجودة بالمستشفى لعلاج المرضى".
يمثل سقوط مأرب، في حالة حدوثه، في ما أصبح الآن المعركة الرئيسية في الحرب، ضربة للتحالف الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين منذ 2014، وأيضا لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
أُقيمت الخنادق ووُضعت أكياس الرمل والألغام الأرضية للدفاع عن مدينة مأرب، رغم أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الحوثيون سيشنون هجوما مباشرا أو سيتحركون باتجاه منشآت النفط والغاز القريبة بهدف الاستيلاء عليها ومحاصرة المدينة.
وسواء حدث السيناريو الأول أو الثاني، فمع كل تقدم عسكري للحوثيين، يضطر المزيد من النازحين إلى نزوح جديد.
وقالت سلطة مخيمات النازحين في مأرب أمس الأربعاء إن أكثر من 15 ألف شخص اضطُروا للفرار في غضون أيام قلائل بسبب اقتراب القتال منهم في غرب المحافظة، في موجة ثالثة من النزوح بأعداد كبيرة.
تقع مأرب إلى الشرق من العاصمة صنعاء، التي سيطر عليها الحوثيون مع معظم شمال اليمن في 2014 عندما أطاحوا بالحكومة المدعومة من السعودية، مما دفع التحالف إلى التدخل في الحرب.
وتبذل الأمم المتحدة والولايات المتحدة جهودا مضنية لفرض هدنة ضرورية لإحياء المحادثات الرامية لوضع نهاية للحرب التي تسببت في نقص الغذاء لملايين البشر، كثيرون منهم الآن على حافة المجاعة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن وقف هجوم الحوثيين في مأرب سيكون محور المحادثات التي يجريها المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينج مع الحكومة اليمنية وممثلي المجتمع المدني أمس الخميس.