مع تنامي التوقعات باقتراب نهاية الحرب التي مزقت أوصال اليمن على مدى 7 سنوات، يخيم شبح المجاعة على سماء البلاد، ما يهدد سكانه لا سيما الأطفال، بخطر الموت جوعا.
وفي فبراير/ شباط الماضي، حذرت الأمم المتحدة من خطر تعرض نحو نصف مليون طفل دون سن الخامسة لخطر الموت جوعا، وأن 50 بالمئة من الأطفال بالفئة العمرية نفسها يواجهون خطر سوء التغذية الحاد في اليمن.
بنظرات ممزوجة بدموع الشعور بالعجز، ينظر اليمني مهيوب دحان إلى ابنته هديل المصابة بسوء التغذية داخل غرفة صغيرة بمستشفى السبعين بالعاصمة صنعاء، والتي استطاع بالكاد أن يجد لها سريرا بداخله لتلقي العلاج.
يحاول دحان أن يتظاهر بالتماسك معظم الوقت حتى تصدر ابنته هديل آهات الإعياء فتنهمر دموعه ويداعب شعرها برفق متسائلا بصوت خفيض متى ستنجو وتتعافى وتعود ضحكتها إلى سابق عهدها؟!
حياة قاسية
وفي تصريح للأناضول يقول دحان: "كنت أعود إلى المنزل بعد يوم عمل شاق لتستقبلني بابتسامة لا مثيل لها تنسيني مشقة العمل وتجعلني أشعر وكأني عدت للتو من نزهة ترفيهية".
ويضيف: "أصيبت هديل بسوء التغذية منذ نحو 4 أشهر، حاولت جاهدا أن أجد لها علاجا ولكن دون جدوى، حتى قررت اقتراض المال ونقلها إلى مركز طبي متخصص في علاج سوء التغذية بصنعاء".
ويتابع: "تأخر نقل هديل إلى صنعاء أكثر من 70 يوما بسبب صعوبة توفير تكاليف السفر والإقامة في المركز الطبي حتى سمع فاعل خير بقصة مرض ابنتي ومنحني مبلغا كمساعدة في العلاج".
ويقول دحان: "وضعنا تحت الصفر وظروفنا أجبرتني على تركها تتألم وتقاوم وحدها في مواجهة مرض سوء التغذية.. لم أستطع توفير الغذاء المناسب لها لأني عامل بالأجر اليومي وهذه الأيام فرص العمل تكاد تكون معدومة".
ويمضى قائلا: "قمت باستئجار محل مكون من غرفة وحمام بمبلغ 30 ألف ريال (حوالي 50 دولارا) في صنعاء لأكون بجانب ابنتي هديل، ولعدم قدرتي على سداد قيمة إيجار الشهر الماضي قام صاحب المحل بطردي وأبنائي ما دفعنا للإقامة في حديقة المستشفى".
ودحان واحد من مئات اليمنيين الذين يعاني أبناؤهم سوء التغذية ويواجهون خطر الموت جوعا في البلد العربي الذي يشهد حربا ضروسا منذ نحو 7 سنوات.
مجاعة على الأبواب
داخل جناح علاج سوء التغذية في مستشفى السبعين، ترتفع صرخات وأنين دون انقطاع لعشرات الأطفال الذين يظهر عليهم الإعياء والمرض.
ويتسبب مرض سوء التغذية في أضرار بالنمو البدني والعقلي للأطفال، ويؤدي للإصابة بالكثير من الأمراض أبرزها فقر الدم والكساح والاكتئاب.
ووفق تقرير مشترك لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" وصندوق الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" وبرنامج الأغذية العالمي، شهد اليمن ارتفاعا في معدلات سوء التغذية الحاد والحاد الوخيم بنسبة 22 بالمئة بين الأطفال في 2020.
فيما كشفت دراسة حديثة للبنك الدولي عن وجود مؤشرات بظهور بؤر تشبه المجاعة في عدد من المحافظات الواقعة شمالي اليمن، والتي تخضع لسيطرة جماعة أنصار الله الحوثية، وهي محافظات حجة وعمران والجوف.
والاثنين، قال ديفيد غريسلي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، إن 20 مليون شخص (ما يعادل ثلثي سكان البلاد) يحتاجون إلى المساعدة عقب 7 سنوات من الحرب.
وأضاف غريسلي أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم قد تتأجج إن لم يكن هناك حل، لا سيما بعد أن أصبحت البلاد على بعد خطوات من حافة المجاعة في ظل حالة دمار هائلة بالمنشآت الصحية.
ويشهد اليمن حربا منذ أكثر من 7 سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.