يشكو مرضى الفشل الكلوي في مدينة تعز اليمنية، من تفاقم معاناتهم الصحية جراء نقص الأدوية وتقليص جلسات الغسيل، وتدهور الوضع المعيشي للعديد منهم في ظل الحصار، ما جعلهم يتجرعون أوجاعا متعددة.
وتخضع مدينة تعز (جنوب غرب) لسلطة الحكومة اليمنية، ويفرض عليها الحوثيون حصارا مطبقا منذ بدء الحرب، ما أدى إلى تدهور أكبر للوضع الإنساني والصحي في المدينة المكتظة بالسكان.
ويوجد في تعز مركزا رئيسيا واحدا للغسيل الكلوي يقع في مستشفى الثورة العام، أكبر مستشفيات المحافظة، بعد أن فاقمت ظروف الحرب وغلاء المعيشة واستمرار الحصار من معاناة مرضى الفشل الكلوي.
13 عاما مع الغسيل الكلوي
مهيوب قائد، أحد المرضى المترددين على مركز الغسيل الكلوي في "مستشفى الثورة العام"، يقول إنه يتلقى جلسات الغسيل منذ 13 عاما.
وشكا مهيوب للأناضول من الظروف الصعبة التي يعانيها قائلا: "كانت الحالة المعيشية قبل الحرب متيسرة، لكن الآن أصبحت الأوضاع المعيشية صعبة جدا بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي".
وتابع: "لا نستطيع أن نقوم بشراء العلاجات التي ارتفع سعرها إلى 5 أضعاف جراء الحرب".
وأردف: "هناك من يعانون من أمراض الكلى، لكنهم لا يستطيعون الذهاب للطبيب من أجل العلاج بسبب الفقر وارتفاع الأسعار".
وحول تداعيات الحصار على المرضى قال: "قبل الحصار كنا نصل قريتنا في ريف تعز خلال ساعة، لكن حاليا قد تستغرق يوما كاملا حتى تصل إلى بيتك، وبعض المرضى يستغرق يومين حتى يصل إلى أهله".
وشكا من ارتفاع أجرة المواصلات إلى أربعة أضعاف، ما زاد من المعاناة التي يتجرعها مرضى الفشل الكلوي.
مرض ووجع معيشي
يعيش معظم اليمنيين تحت خط الفقر جراء الحرب التي دفعت الملايين إلى حافة المجاعة، فيما تشير التقارير الأممية إلى أن الصراع أدى إلى إغلاق قرابة نصف المرافق الصحية.
وألقت هذه الأوضاع بظلالها على مصابي الأمراض المزمنة، خصوصا مرضى الفشل الكلوي.
هشام علي سعيد، أحد أبناء مديرية "شرعب الرونة" في ريف تعز، يتلقى جلسات الغسيل الكلوي في "مستشفى الثورة العام".
يقول سعيد للأناضول إنه أصيب بمرض الفشل الكلوي قبل 3 سنوات، وإنه تعرض لانفجار قذيفة بجواره أفزعته وفاقمت وضعه الصحي.
ويوضح أن لديه أربعة أبناء وهو بعيد عنهم ويزورهم كل شهرين بسبب الظروف المعيشية الصعبة وتكاليف المواصلات.
ويبين المواطن اليمني أن بعض مناسبات الأعياد تفوته ولا يشعر بها كونه يذهب حينها إلى المركز لأخذ جلسات الغسيل.
ويشكو من أن راتبه منقطع منذ فترة، ولم يستطع إيجاد سكن له ولأسرته في مدينة تعز قرب مركز الغسيل الكلوي، بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات.
احتياج شديد
تعاني المرافق الصحية التي ما زالت تعمل في اليمن من ضعف شديد في الخدمات ونقص في الأجهزة والأدوية الرئيسية، ما قد يعرض العديد من المرضى لخطر الموت.
فهمي الحناني، مدير مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة بتعز يقول: "إن هناك 280 مريضا بالفشل الكلوي يتلقون جلسات الغسيل في المرفق الطبي".
ويضيف للأناضول: "نقوم بعمل جلسات الغسيل الكلوي لحوالي 80 إلى 88 مريضا في اليوم الواحد".
ويشكو من أن "المركز يعاني من احتياجات شديدة في مادة الوقود خصوصا هذه الأيام، ما قد يؤدي إلى توقف المركز عن القيام بعمليات الغسيل لهؤلاء المرضى".
ويردف: "نحن في أمس الحاجة إلى أجهزة غسيل كلوي وقطع غيار للأجهزة الموجودة ومحطات خاصة بالغسيل الكلوي، منذ فترة طويلة لم نستبدل هذه الأجهزة ومحطات الغسيل الكلوي منذ اندلاع الحرب".
وناشد الحناني الجهات المعنية والمانحين تلمس احتياجات المركز وتوفيرها بقدر المستطاع، مشيرًا أن "هناك من المرضى من يأتي من محافظات أخرى كالحديدة (غرب)، وإب (جنوب غرب)، وعدن (جنوب)".
ويذكر مدير المركز أن المرضى يعانون من مرارة بُعد مكان الغسيل الكلوي وارتفاع الأسعار وعدم القدرة على التواصل بشكل منتظم إلى مراكز الغسيل.
وتشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 235 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية منذ مارس/ آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.