جيل جديد من الفلسطينيين ينهض تحت أنظار نتنياهو ويقول "كفاية.. كفاية". وإذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي (هذا) يعتقد أن بإمكانه دفن الدولة الفلسطينية من خلال التطبيع مع بلدان عربية فلا بد أنه يدرك الآن مدى ضآلة ذلك.
ورد ذلك في مقال بموقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) للكاتب ديفيد هيرست، أكد فيه أنه لا يوجد أي فلسطيني يتوهم الآن أن أي دولة عربية سوف تتضامن معهم ولو خطابيا.
وقال الكاتب إن التفكير في غير ذلك كان وهم نتنياهو الكبير. فاليوم هناك جيل جديد من الفلسطينيين ينهض تحت أنفه، ولن توقفه كمية من المياه العادمة والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية. بالنسبة لهم، لا يهم كم مرة قامت الشرطة الإسرائيلية بإلقاء القنابل الصوتية على المسعفين الذين يعالجون الجرحى، أو على المصلين داخل المسجد الأقصى أو على النساء والأطفال في شوارع البلدة القديمة.
أوهام اليمين الإسرائيلي وكوشنر وترامب
وذكر المقال أن اليمين الديني القومي في إسرائيل أعلن العام الماضي أنه انتصر في هذا الصراع وأن على الفلسطينيين أن يفعلوا الشيء اللائق، وأن يخرجوا وهم يلوحون بعلم أبيض. وأدى اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل إلى تحويل افتتاح السفارة الأمريكية جزئيا إلى خدمة للإنجيليين، وجزئيا إلى استعراض للنصر. وعبر جاريد كوشنر (صهر ترامب) عن نشوته في حفل الافتتاح قائلا "يا له من يوم مجيد لإسرائيل. نحن في القدس وها نحن هنا لنبقى". وفي غزة، نفس اليوم، قتل أكثر من 50 شخصا على أيدي القوات الإسرائيلية.
واليوم، أصبح حي الشيخ جراح موضوع تصريحات من الأمم المتحدة والخارجية الأميركية وساسة من مختلف الأطياف في بريطانيا. ونُظمت مظاهرات فى داونينغ ستريت وشيكاغو وبرلين.
عباس فقد كل سلطة
وإذا كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث ويتصرف مثل أرنب عالق في المصابيح الأمامية، في مواجهة شعب فقد كل سلطة عليه، فإن الشيء نفسه لا ينطبق على الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.
وأشار الكاتب إلى أن هناك 3 سمات تضفي قوة إضافية على احتجاجات الفلسطينيين الحالية، وينبغي أن تثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. الأولى أنه وكنتيجة مباشرة للموجة الأخيرة من التطبيع مع إسرائيل، لا يوجد أي فلسطيني يتوهم أن هناك دولة عربية سوف تنقذهم.
وقال إن ذلك لم يكن هو الحال في الانتفاضات السابقة. ولم يعد هناك وسطاء نزيهون. ويعرف الفلسطينيون بشكل جيد وحقيقي أنهم وحدهم، ويمكنهم الاعتماد فقط على الموارد المتاحة لهم.
أوسع من كل سابقاتها
والسمة الثانية، وعلى عكس الانتفاضات السابقة، كل الفلسطينيين مشاركون، والاحتجاجات في الأقصى تجتذب المسيحيين وكذلك المسلمين، والعلمانيين والمتدينين والقوميين والإسلاميين. يأتون من حيفا ويافا وكذلك من القدس. ويشعر الجميع بنفس النار ويعبرون عن نفس العاطفة. جميعهم يسمون أنفسهم فلسطينيين. وكل واحد منهم يدرك مدى المخاطر التي تتهدده.
والاختلاف الثالث والأساسي أن هذه الحركة تتمحور حول الأقصى والقدس. وبغض النظر عن عدد المرات التي قامت فيها الشرطة بـ "تطهير" المسجد، وقد فعلوا ذلك الآن 3 مرات، فسوف يعاد ملؤه بفلسطينيين أكثر تصميما على حمايته.
انتفاضة جديدة
وأوضح المقال إن اختيار القدس مكانا لإعلان نهاية الصراع العام الماضي هو الخطأ الأكبر الذي ارتكبه نتنياهو والمستوطنون، مشيرا إلى أنهم اليوم يتعلمون ذلك الدرس.
وختم الكاتب بالقول إنه من خلال جعل القدس الشرقية محور الجولة التالية من الاستيطان، وتبريرها علانية وبوقاحة، فقد أشعل هؤلاء فتيلا لا يمكن إلا أن ينتشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي لتتشكل منه شعلة لا يمكن السيطرة عليها.