[ تكبدت جماعة الحوثيين العدد الأكبر من الخسائر البشرية (Getty) ]
دخلت المعارك الطاحنة في محافظة مأرب النفطية شرقي اليمن أسبوعها الثالث، وسط نزيف بشري غير مسبوق وسقوط ما لا يقل عن 500 عنصر من القوات الحكومية ورجال القبائل من جهة، والمقاتلين الحوثيين من جهة أخرى.
وبعد انقضاء 14 يوما، لم تسفر المواجهات الدامية في مأرب عن تغير جوهري في خريطة النفوذ على الأرض، رغم الأمواج البشرية التي دفعت بها جماعة الحوثيين لحسم معركة فاصلة تمكنها من وضع يدها على منابع النفط والغاز.
وتكبدت جماعة الحوثيين العدد الأكبر من الخسائر البشرية، جراء اتخاذها وضعية الهجوم من محاور مختلفة والاستماتة في اختراق خطوط الدفاع الرئيسية للقوات الحكومية في الأطراف الغربية والشمالية الغربية لمحافظة مأرب، بهدف نقل المعركة إلى مناطق صحراوية وليست جبلية.
وأعلن المتحدث الرسمي للجيش اليمني عبده مجلي، في وقت متأخر من مساء الجمعة، أن "جبهات صرواح والكسارة وهيلان والمخدرة والجدعان، في أطراف مأرب، تحولت إلى ما يشبه المحرقة، بعد التهامها العشرات من عناصر المليشيات الحوثية المتمردة".
وخلال الساعات الماضية فقط من ليل الجمعة وصباح السبت، أعلن الجيش الوطني اليمني مقتل أكثر من 40 حوثيا في معركة مأرب، ما يرفع عدد الخسائر البشرية الحوثية، منذ اندلاع المعارك في 7 فبراير الجاري، إلى أكثر من 380 عنصرا على الأقل.
وتقتصر هذه الأرقام على القيادات الرفيعة التي يتم تشييعها في مواكب رسمية بالعاصمة صنعاء، وتذيع بيانات تشييعهم وسائل إعلام حوثية، فيما لا يزال هناك العشرات من الجثث التي يصعب انتشالها، فضلا عن تشييع مقاتلين من رجال القبائل في المناطق الريفية بعيدا عن وسائل الإعلام.
وقال مصدر ميداني موال للحكومة الشرعية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "العدد الأكبر من الخسائر الحوثية يسقط جراء الغارات الجوية لطيران التحالف، حيث تتمكن في بعض الأحيان من اصطياد دوريات دفع رباعي محملة بـ12 مقاتلا أو أكثر"، لافتا إلى أن "الهجمات بأمواج متتالية وعدم الاندفاع مرة واحدة خففت حدة النزيف البشري في صفوف المليشيا".
ويظهر رصد، أجراه "العربي الجديد" لبيانات النعي الواردة في وكالة "سبأ" التابعة لجماعة الحوثيين منذ بداية التصعيد الحالي، نعي 380 عنصراً، معظمهم قيادات رفيعة تحمل رتب عميد وعقيد في الجيش.
كما أظهرت بيانات النعي الرسمية أن صنعاء تتصدر النزيف الحوثي بأكثر من 100 قيادي، تليها ذمار بأكثر من 70، فيما توزعت باقي الأرقام على محافظات مختلفة خاضعة لنفوذ الجماعة.
واستغلت الحكومة اليمنية النزيف الكبير في صفوف الحوثيين في توجيه دعوات للقبائل في مناطق نفوذ الجماعة لمنع إلحاق أبنائهم ضمن مواكب الموت الحوثية التي تشيع بالعشرات كل يوم، وعدم الزج بهم في موت محقق، ورفض استغلالهم في معركة خاسرة لقتال إخوانهم اليمنيين خدمة للمشروع الإيراني، وفقا لبيان نشره وزير الإعلام معمر الإرياني.
واتهم المسؤول اليمني مليشيا الحوثي بحشد المغرر بهم من أبناء القبائل والأطفال والمهمشين، بالقوة والإكراه، إلى ما وصفها بـ"محرقة مفتوحة في صحاري وجبال ووديان محافظة مأرب".
وقال الإرياني "إن مليشيا الحوثي، وهي تواصل عملية الحشد والتعبئة للمغرر بهم، لا تبدو مكترثة بخسائرها البشرية الأكبر منذ بدء المواجهات، ولا مستشفيات وثلاجات صنعاء التي باتت عاجزة عن استقبال مزيد من القتلى والجرحى".
تكتم رسمي للجيش الوطني
وفي المقابل، تكبدت القوات الحكومية هي الأخرى خسائر فادحة في الأرواح، ففي حين يتم التكتم رسميا على عدد القتلى في معركة مأرب، تكشف برقيات العزاء التي تبعثها قيادات الدولة في سقوط القادة البارزين، أن الجيش الوطني تعرض هو الآخر للإنهاك، رغم تموضعه في خانة الدفاع من وراء المتاريس والكتل الصخرية الضخمة.
وخلال الأيام الماضية، كشفت وسائل إعلام الحكومة الشرعية المعترف بها عن مقتل عدد من القيادات العسكرية الرفيعة، على رأسهم قائد لواء الصقور العميد أحمد الشرعبي، والعميد محمد العسودي قائد اللواء 203 مشاة، والعقيد بندر القطيبي قائد الكتيبة الرابعة في اللواء 141، والعقيد محمد أحمد الباشا بن زبّع، أحد قادة كتائب جبهة صرواح.