[ البن اليمني يتميز بجودته العالية وشهرته العالمية (الجزيرة) ]
من الصباح الباكر يبدأ عبد الكريم قاسم الحمادي، رئيس جمعية بني سنان التعاونية الزراعية، في عزلة بني حماد بمحافظة تعز، عملية ري أشجار البن وتنظيف الحشائش ومعالجة شتلات البن الحمادي، الذي يتميز بجودته العالية، ويحظى بشهرة عالمية، ويطمح الحمادي أن يستعيد ميناء المخا -بمحافظة تعز- دوره الاقتصادي المعروف بـ"موكا كوفي" كما كان سابقا.
ويضيف رئيس الجمعية عبد الكريم الحمادي "للجزيرة نت" أن لدى الجمعية مشروعا لزراعة مليون شجرة بن في محافظة تعز حتى عام 2025، وهناك إقبال كبير على شتلات البن الحمادي من كل محافظات الجمهورية، ومن كثرة الطلب لا نستطيع توفير القدر المطلوب، لأنه من الأصناف اليمنية المنافسة عالميا إضافة إلى بقية الأنواع اليمنية المعروفة بشهرتها وجودتها، والتي منها المطري والبرعي والصبري، وكذلك الحرازي والعديني والريمي والوصابي.
وأوضح الحمادي "شاركنا في عام 2013 بمؤتمر بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية، وقد حصل هذا الصنف من البن الحمادي على الدرجات الأولى في المنافسة وبنسبة 97%".
المزارع شرف علي أحمد، يرى "أن البن اليمني مازال محتفظا بشهرته وجودته كما كان سابقا"، ويتوقع أن يمثل البن اليمني في السنوات المقبلة رافدا اقتصاديا كما كان في السابق، نظرا لعدم استخدام الأسمدة والسموم في زراعة شتلات البن على النحو الذي يتم في زراعة القات، إضافة إلى صلاح التربة التي تتم فيها الزراعة، وسلامة استخدام طرق التجفيف والتحميص والرعاية والاهتمام.
مشروع مليون شجرة
تهدف فكرة مشروع زراعة مليون شجرة بن في محافظة تعز إلى العودة لموكا -نسبة إلى ميناء المخا- وزراعة البن وتصديره، ويقول رئيس جمعية بني سنان التعاونية الزراعية "إن الجهود ذاتية، ولم يقدم لنا أي دعم، ما عدا الدعم المقدم من بعض التجار، حيث بدأ تدشين المشروع في بداية عام 2019، وزرعنا حتى الآن 200 ألف شجرة بن في محافظة تعز وبعض مناطق محافظة لحج، وإن شاء الله سنستمر في المضي قدما لاستكمال زراعة مليون شجرة بن في محافظة تعز، حتى نهاية 2025".
الصعوبات
"رشيقة راوح" إحدى المزارعات القديمات لشتلات البن، تقول "إن شجرة البن هي شجرة الآباء والأجداد، وسنحافظ عليها حتى نموت، والبن يمثل لنا المصدر الرئيس للدخل والعيش، ولكنّا نواجه أحيانا صعوبات في زراعة البن، أهمها قلة الأمطار والماء لسقي الشتلات، كون شجرة البن تحتاج إلى الكثير من الماء، ونحتاج لحفر آبار أرتوازية، ومظلات، ومستلزمات زراعية أخرى، ونرجو من الدولة ومن المنظمات دعمنا".
المدير التنفيذي لجمعية بني سنان التعاونية الزراعية، والمسؤول عن عملية التصدير، المتواجد في صنعاء "وجدي الحمادي" من جهته يقول "إن عدم وجود أجهزة القشر والفرز والتغليف الحديثة والتجهيز في تعز لتصدير البن، تجبرنا على نقل كميات البن المحصود إلى صنعاء للتجهيز، ومن ثم نقله إلى عدن، وتصديره من ميناء عدن".
صناعة الأمل
"وجدي الحمادي" المدير التنفيذي يؤكد -أيضا- للجزيرة نت، أن هناك تطورات ملحوظة في الآونة الأخيرة، تتمثل بعودة المزارعين بشكل كبير إلى زراعة شتلات البن، على غير ما كان عليه في السابق، حين كانت أسعار البن متدنية، بسبب عدم فتح أسواق خارجية للبن اليمني وتصديره إلى الخارج، وبعد تحرك جاد لحل مشكلة الأسعار المتدنية للبن، ومن أجل عودة المزارعين إلى زراعة البن وإنجاح مشروع زراعة مليون شجرة بن، تم افتتاح أسواق محلية ودولية، والمشاركة بفعاليات ومؤتمرات داخلية وخارجية للترويج للبن، وتم رفع سعر البن تدريجيا، وتحديد سعر مناسب وعادل للشراء من المزارع، وكذلك للبيع الداخلي والتصدير الخارجي.
والآن بدأ المزارعون بزراعة البن، والاستغناء عن شجرة القات في بعض المناطق، وفي بعضها الآخر تزرع شجرة البن إلى جانب شجرة القات، وهذا بحد ذاته ضاعف من عمليات زراعة شتلات البن وتصديره إلى الخارج.
كما أن المبادرات والجهود المجتمعية تعمل بكل ثقة في مشروع استعادة موكا، مستمدة ذلك من خلال قراءتها لتاريخ ميناء المخا وتصدير البن قديما، وكيف كان الوضع الاقتصادي لليمن مزدهرا إلى السنوات الأخيرة من القرن العشرين.
كما يؤكد ذلك مدير ميناء المخا السابق، محمد صبر في تصريحه للجزيرة نت، وكيف أنه بدأ بوضع اللبنات الأولى لاستعادة الدور الاقتصادي لميناء المخا في أثناء توليه إدارة الميناء، بعد ثورة شباب فبراير/شباط 2011، حيث استطاع أن يحقق نتائج ملموسة، ولكنه بعد منتصف 2014 تمت عرقلته، ثم تغييره.
أرقام تصاعدية
عبد الكريم الحمادي، يشير إلى أن كمية تصدير البن من محافظة تعز في السنوات الماضية تراجعت من 20 طنا إلى 15 طنا فقط، ولكن -حاليا- بدأ التصدير يرتفع تدريجيا، ونتوقع في العام المقبل أن يصل إلى 50 طنا.
التاريخ والشهرة
بدأ ميناء المخا يصدر إلى كثير من بلدان العالم، حيث بدأت شهرته عالميا في القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر، ومع مطلع القرن التاسع عشر بدأ بالنهوض من جديد، حتى وصلت الكمية المصدرة من البن اليمني إلى أهم دول العالم، إلى 20 ألف طن سنويا، ومن هذه الدول أميركا، وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وهولندا، كما احتل اليمن المرتبة الأولى عالميا في جودة البن، والآن أصبح اليمن بالمرتبة 46 في تصدير البن.