[ تواصل الإمارات دعم الانفصاليين عسكرياً (نبيل حسن/فرانس برس) ]
لم تنجح المشاورات القائمة في الرياض والتي بدأت قبل نحو أسبوعين، بين الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، و"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً، لتنفيذ الشق السياسي من "اتفاق الرياض" الموقّع في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في تحقيق توافق بين الطرفين حتى اليوم، مع استمرار ظهور عراقيل وشروط جديدة للانفصاليين الموالين لأبوظبي. واللافت أنّ هذه الشروط باتت السعودية تنقلها باسم هؤلاء وتمارس ضغوطاً على الحكومة للقبول بها، على الرغم من تعهد الرياض أكثر من مرة بتنفيذ الاتفاق كما هو، لكن هذه التعهدات تتغيّر بشكل مستمر، وفق ما تقوله مصادر رفيعة في الشرعية لـ"العربي الجديد".
وتقوم المشاورات بشكل خاص على ما ينصّ عليه "اتفاق الرياض" من تشكيل حكومة جديدة من 24 وزارة، تكون للشرعية فيها 12 وزارة، فيما تتوزع الوزارات الباقية على عدد من المكونات الأخرى، وبشرط المناصفة بين محافظات الشمال والجنوب في الحصص، غير أنّ المعلومات المتوفرة تشير إلى اشتراط "المجلس الانتقالي" الحصول على كامل الحقائب الـ12 المتبقية. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم الانفصاليون "الإدارة الذاتية" التي أعلنوها في المناطق التي يسيطرون عليها، كورقة ضغط للحصول على مكاسب سياسية، مع إصرارهم على إبقاء هذه الإدارة. والغريب، كما تقول مصادر في الشرعية، أنّ السعودية باتت تنحاز للانفصاليين وتضغط على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته للقبول بهذه المطالب.
وأكدت مصادر مشاركة في الحوارات الجارية، لـ"العربي الجديد"، أنه على الرغم من التنازلات التي تقدّمها الشرعية في محاولة لإنهاء الصراع وإعادة التركيز على الهدف من الحرب الذي دفع السعودية والإمارات للمشاركة بها، وهو الحوثيون في صنعاء، لكن خلال الفترة الأخيرة لم تعد الشرعية تفهم ماذا تريد الرياض تحديداً، لا سيما أنّ كل ما تقوم به لا يؤثر سلباً على اليمن فقط، بل يؤثر على السعودية نفسها، وقد بات دورها أكثر خطورة بعدما انحازت بشكل أكبر إلى الانفصاليين في عدن.
وحول مصير الوعود والضمانات السعودية، قال أحد الوزراء في الحكومة الشرعية، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الضمانات السعودية غير جادة وغير كافية حول التزام الإمارات ووكلائها بالتوقف عن محاولات احتلال المدن والقرى باسم التحالف الذي تقوده الرياض، لكن الضغوط تتواصل في الوقت نفسه لفرض رئيس حكومة موالٍ للرياض وإزاحة وزراء مهمين من صقور الشرعية، بينهم وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي تحاول الرياض وأبوظبي بكل قوتهما إزاحته من خلال دفع المجلس الانتقالي إلى تبني مطلب الإطاحة به. لذلك هناك مسعى لمقايضة من خلال المطالبة بأن تكون وزارة الداخلية من نصيب الانفصاليين أو إزاحة الوزير الحالي المقرب من الرئيس هادي".
من جهته، قال مصدر سياسي في "المجلس الانتقالي"، لـ"العربي الجديد"، إنّ الإماراتيين وخلال لقاءات عدة عقدت في أبوظبي وسقطرى وعدن، وعدوا قيادات في المجلس بأن تضغط السعودية على الشرعية لتحقيق عدد كبير من الشروط والمطالب في المشاورات الجارية بين الرياض وأبوظبي و"الانتقالي" حول الإطاحة ببعض الوزراء في الحكومة، مقابل دعم الإمارات وأتباعها لمرشح الرياض لرئاسة الحكومة، وهو رئيس الوزراء الحالي معين عبد الملك، والذي يُعدّ رجل السعودية، وتحاول فرضه بالقوة من خلال القول لقيادة الشرعية إنها لن تتعامل مع رئيس وزراء آخر. ومن هذا المنطلق يفسّر المصدر دعم "الانتقالي" العلني لاستمرار عبد الملك في منصبه، على الرغم من أن الانفصاليين كانوا يعتبرونه عدواً لهم خلال الفترة الماضية.
وأكد المصدر نفسه أنّ "الانتقالي" يواجه مقاومة من قبل الشرعية التي ترفض هذه الشروط، معرباً عن ثقة المجلس بنجاح السعودية في تغيير مواقف الشرعية، كما أن "الانتقالي" لا يواجه أي ضغوط سعودية، وبالتالي لا يخطط للتراجع عن خطواته على الأرض، وأبرزها السيطرة على مناطق عديدة كانت خاضعة للشرعية، وفق المصدر.
وعلى الرغم من الحديث عن سعي السعودية لتطبيق اتفاق الرياض على الأرض، إلا أنّ المعطيات الميدانية تكشف عكس ذلك، إذ تواصل أبو ظبي تعزيز وجود حلفائها في "المجلس الانتقالي" في جزيرة سقطرى من خلال إرسال فرق عسكرية وأمنية ومسؤولين آخرين، وأيضاً أسلحة عسكرية جديدة إليهم، فضلاً عن استمرار الإمارات في نقل مجموعات عسكرية من عدن والساحل الغربي عبر البحر إلى ميناء بلحاف في شبوة ثم نقل هذه المجموعات بغطاء قوات التحالف السعودي الإماراتي إلى معسكر العلم، ودعمها بتعزيزات عسكرية من سلاح وآليات عسكرية، وفق مصدر عسكري في محور عتق بالمحافظة تحدث لـ"العربي الجديد".