[ الأسعدي ]
كشف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» في اليمن، محمد الأسعدي عن وضع مأساوي تعيشه مدينة تعز جراء الحصار الذي تفرضه الميليشيات الحوثية على المدينة، منذ نحو 9 أشهر.
وتحدث الأسعدي، في حوار مع «الشرق الأوسط» عن الوضع في تعز والصعوبات التي تواجه المنظمة الدولية في إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة، وتطرق الحوار إلى التعاون بين المنظمة الدولية ومركز الملك سلمان للإغاثة.
وأكد أن المملكة العربية السعودية لبت نداءات الاستغاثة التي صدرت عن اليونيسيف، في ما يتعلق بالوضع الإنساني في اليمن.
نص الحوار:
زارت اليونيسيف تعز مؤخرا.. كيف وجدتم الوضع الإنساني جراء الحصار وهل توجد احتياجات خاصة للمحافظة في الظروف الراهنة؟
الوضع الإنساني في مدينة تعز عمومًا وفي المناطق التي تخضع الواقعة تحت الحصار صعبًا للغاية، لقد شاهد فريق اليونيسيف والوفد الأممي منازل بل أحياء مدمرة، مستشفيات ومدارس مغلقة، وأكوام القمامة المكدسة منذ زمن، الوضع الصعب والحياة الطبيعية لم يعد لها مكان، هناك احتياج كبير للماء والدواء والغذاء، خصوصًا والكميات التي تصل إلى هذه المناطق غير كافية، نظرًا للحصار ولطول مداه ولصعوبة إيصال المساعدات بشكل منتظم وكاف.
تظل مسألة إدخال المساعدات الإنسانية مسألة نسبية من قبل المنظمات، بخلاف الوضع الطبيعي.. كيف يمكن حل المشكلة؟
نحاول جاهدين التنسيق مع كل أطراف الصراع على الأرض في تعز أو خارجها بحيث نتمكن من إيصال المساعدات المنقذة للحياة للمتضررين في المناطق الساخنة، نتمكن غالبًا فندخل المساعدات، وتتعثر الجهود أحيانا فتتسبب في تأخر إيصال المساعدات، إلا أننا لا نتوقف ونبتكر طرقًا وبدائل تيسر إيصال المساعدات.. دعنا لا ننسى أن هناك عشرات الألوف من الأسر التي نزحت من مدينة تعز إلى خارجها سواء في المحافظة نفسها أو في محافظة إب المجاورة، هؤلاء أيضًا يستحقون العناية والاهتمام خصوصًا أن أوضاعهم صعبة ومعقدة.
كيف هي الاحتياجات في المدينة؟
يحتاج الناس العالقون في المناطق المحاصرة للشعور بالأمان ليتمكنوا من الحركة بحرية دون خوف من الوقوع كضحايا فيما هم يبحثون عن ماء أو طعام أو علاج، الأمر الأكثر إيلامًا هو عدم تمكن كثير من المواطنين الواقعين في المناطق الساخنة من الوصول إلى المساعدات التي تصل للمستشفيات أو المرافق الخدمية أو نقاط توزيع المياه، خوفًا من القنص أو القتل أو الإصابة، بمعنى لا يكفي فقط إيصال المساعدات وتكديسها في المخازن أو المرافق في هذه الأحياء ولا يستفيد منها المتضررون.
تقولون إنكم تقومون بإيصال بعض المساعدات إلى تعز وغيرها ولكن هناك من يقول إن الحوثيين يستولون على المساعدات الإنسانية ويتحكمون بتوزيعها ويصادرون معظمها.. ما تعليقكم؟
كل المنظمات الدولية بما فيها وكالات الأمم المتحدة أو المحلية العاملة في مجال الإغاثة تحرص أن تصل لكل المواطنين المتضررين في كل مكان في اليمن، وبالتالي كل مكان في تعز دون أي تمييز، منظمة اليونيسيف تعنى بالطفولة وتركز على توفير المياه الصالحة للشرب وتوفير اللقاحات الهامة للأطفال والرعاية الصحية الأولية للحوامل والمرضعات، وتوفير التغذية العلاجية الدقيقة للأطفال المصابين بسوء التغذية، وتوفير سبل الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال وأسرهم للتغلب على آثار الحرب النفسية، كما تقدم المساعدات الإنسانية النقدية لفئة المهمشين في مدينة تعز. استطاعت اليونيسيف خلال هذه الظروف الصعبة أن توفر يوميا ما يزيد على 220 ألف لتر ماء يوميًا في مديريتي المظفر والقاهرة فقط، وذلك عن طريق عشرات الخزانات التي نصبناها في الأحياء ليستفيد منها قرابة 28 ألف شخص، وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول)، أوصلنا 60 ألف لتر من الوقود لمؤسسة المياه في تعز لتضخ المياه للأحياء الأخرى ليستفيد منها ما يزيد على 124 ألف شخص، كما نجحنا في حملة التطعيم لأطفال المدينة في المناطق شديدة الصعوبة ووصلت، نسبة التغطية 88 في المائة من الأطفال المستهدفين في حملة التحصين وهذه نسبة كبيرة، كما أننا نوفر التعليم البديل في المنازل أو الخيم بحيث يتمكن الأطفال من حصولهم على حقهم الأساسي في التعليم. إضافة إلى أننا ندعم الأسر النازحة من مدينة تعز سواء داخل المحافظة نفسها أو في محافظة ومدينة إب، كما أن اليونيسيف تقدم دعمًا نقديًا غير مشروط للأسر المهمشة في مدينة تعز كونها في وضع صعب ومعقد وقد استفاد من هذا البرنامج قرابة 7500 أسرة، حيث تستلم الأسرة الواحدة ما يعادل مائة دولار شهريا، ويهدف المشروع إلى أن يستمر لمدة ستة أشهر، لكن في النهاية مهما كان الدعم المقدم، يظل الاحتياج أكبر واستمرار الصراع يعقد من الوضع ويضاعف المخاطر ويهدد جهود الاستجابة.
ما نوع التنسيق مع المملكة العربية السعودية ومركز الملك سلمان للإغاثة..؟
بالتأكيد تلقت المنظمة منحة مالية من مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية وأتت ضمن المساهمة في تمويل نداء الأمم المتحدة العاجل لليمن الذي أطلقته في أبريل (نيسان) 2015، وتم برمجة هذه المنحة المالية مع مساهمات المانحين في الاستجابة الإنسانية في مختلف القطاعات في نطاق مسؤوليات اليونيسيف.. المملكة العربية السعودية واحدة من الدول الأعضاء في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبالتالي يتم التعامل مع كل الدول الأعضاء بالمستوى نفسه من المسؤولية كوننا منظمة معنية بالاستجابة الإنسانية في هذه الظروف.
ما الانعكاسات والآثار السلبية التي رصدتموها في مجال تخصصكم جراء الحرب في اليمن؟
أسفر الصراع الدائر في اليمن، منذ مارس (آذار) 2015، وحتى نهاية ديسمبر الماضي، عن مقتل 747 طفلا على الأقل وإصابة 1108، وتعتبر هذه الأرقام متواضعة مقارنة بحجم الصراع واتساع رقعته، حيث شمل معظم محافظات اليمن، لكن هناك زيادة حادة في عملية تجنيد واستخدام الأطفال من قبل الجماعات المسلحة، ففي عام 2014، رصدنا 156 طفلا تم تجنيدهم واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة، بينما في عام 2015 زاد العدد إلى أكثر من أربعة أضعاف فوصلت الحالات إلى 724 حالة تجنيد واستخدام لأطفال تم التحقق منها، عملية التحقق من الضحايا والمجندين من الأطفال مستمرة، لذا هذه الأرقام قد تكون مرشحة للزيادة.