[ الكاتب: بن سلمان محاط الآن بأتباع ولاؤهم الأساسي لولي عهد أبو ظبي (الأناضول) ]
يقول الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن السعودية والإمارات عانتا عقودا من التنافس، وإن التوتر بينهما يتفجر الآن في اليمن.
ويضيف هيرست أن الإمارات بصدد تقليد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي "وسام زايد" وهو أرفع وسام مدني، وذلك بعد أكثر بأسبوعين بقليل من إصداره مرسوما بتجريد كشمير من مركزها المتمتع بحكم شبه ذاتي.
ويشير إلى أن المسؤول الهندي سيصل اليوم الجمعة أبو ظبي للحصول على الجائزة، وأن هذا ما يجعل من الأعمال التجارية مثالية بالنسبة للإمارات التي يصفها بأنها "إسبرطة الخليج الصغيرة" التي تسعى لتأسيس إمبراطوريتها المنقولة بحرا، من موانئ اليمن إلى القرن الأفريقي والمحيط الهندي وما وراءه.
ويقول الكاتب إن الهند تعتبر ثالث أكبر مستهلك للطاقة بالعالم وثاني أكبر شريك تجاري للإماراتيين، متسائلا: لماذا يجب على الإماراتيين الاهتمام بسبعة ملايين كشميري في الجزء الخاضع من الإقليم للإدارة الهندية، والذين يُعامل نزاعهم المعترف به دوليا الآن باعتباره "مسألة داخلية" بالنسبة إلى الهند.
فخاخ اليمن
ويضيف الكاتب أن مسألة كشمير لا تعتبر مروعة أو غريبة على السعودية التي تقوم على شرعية تقديم نفسها كصوت للمسلمين الذين يعيش أربعة ملايين منهم في وادي كشمير.
ويضيف هيرست أن الطريق الإماراتي إلى الأسواق غير المحدودة بالهند تعتبر مليئة بفخاخ الأفيال لجارتها السعودية، وأن هذه الفخاخ تبدأ في الفناء الخلفي للسعودية المتمثل في اليمن.
ويوضح المقال أن إستراتيجيات الإمارات والسعودية إزاء البلد الذي دمرتاه من خلال تدخلهما ضد الحوثيين تباينت بشكل واضح.
فالإمارات والسعودية قامتا بتدريب وتمويل مليشيات يمنية محلية. لكن السعوديين يريدون توجيه الجهد باليمن نحو الشمال، وذلك من حيث يتم شن جميع الهجمات على القواعد الجوية والمطارات والبنية التحتية النفطية السعودية.
انفصاليو الجنوب
ويضيف أن الإمارات في المقابل تدعم الانفصاليين الجنوبيين في اليمن بكل وضوح، بعد أن فشلت في محاولتها إعادة نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح إلى الحياة من خلال ابنه، ووسط إعادة انتشار واسعة للقوات الموالية لها بالمنطقة.
ويشير الكاتب إلى استيلاء قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا على مدينة عدن الساحلية، وإلى احتشادها الآن حول عدد من المعسكرات بمحافظة أبين المجاورة الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويوضح أنه حتى وسط ضباب الحرب والمصفوفة المتغيرة باستمرار للولاء القبلي والولاء باليمن، فإن استيلاء قوات المجلس الانتقالي على عدن تم بدعم من أربعمئة مركبة مدرعة يقودها مرتزقة مدعومون من الإمارات.
ويشير الكاتب إلى مقال لأستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت محمد الرميحي نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية دعا فيه إلى تقسيم اليمن إلى يمنين.
نفوذ وموانئ
ويقترح الرميحي نشوء دولة حقيقية وحديثة باليمن الجنوبي تكون قادرة على بسط نفوذها على كل الداخل الجنوبي، وقادرة على تأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتكون قادرة على مواجهة التطرف المتمثل في تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية ومنعهما من ملء الفراغ السياسي في البلاد.
ويشير إلى أنه في حال ضم ميناء الحديدة إلى الجنوب اليمني، فسيكون الشمال قادرا على إيجاد آليته الخاصة التي من شأنها ضمان درجة معينة من الاستقرار.
ويتساءل ما إذا كان هذا المقترح يصب في صالح السعودية التي صار يصعب عليها حماية مطاراتها وقواعدها العسكرية من الطائرات المسيرة والصواريخ التي تنطلق من اليمن، مشيرا إلى أن الرياض أرسلت قوات بمهمة تدريبية واستشارية إلى باكستان.
ويشير أيضا إلى مقال لأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان الذي يقول فيه إن السعودية والإمارات عانتا من عقود من العداء حول النزاعات البرية والبحرية، ومن التنافس بين آل زايد والسعوديين.
سلطة وقمع
ويقول الكاتب إنه عندما تولى بن سلمان ولاية العهد بالسعودية، وهو المتعطش للسلطة زمام الأمور في بلاده، لم يتوان محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي "الأكثر حكمة" في اغتنام هذه الفرصة.
ويوضح أن بن زايد وسفيره يوسف العتيبة -وليس المؤسسة السعودية- هما اللذان شقا الطريق المؤدي إلى باب "المكتب البيضاوي" لولي العهد السعودي.
ويشير إلى أن هذا لا يعفي بن سلمان من المسؤولية عن القمع والرعب الذي أغرق بلاده فيه، من خلال شنه حملات اعتقال وتعذيب وسلب المعارضين السياسيين والمنافسين منهم من العائلة المالكة على حد سواء.
ويقول إن ما يفعله ولي العهد السعودي تحت ستار "التحديث ومكافحة الفساد" لكن حقيقة الأمر أن بن سلمان محاط الآن بأتباع ولاؤهم الأساسي لولي عهد أبو ظبي، الأمر الذي لم يخف على بقية أفراد العائلة المالكة السعودية.
لعبة خطيرة
ويضيف الكاتب أن الإماراتيين يلعبون لعبة خطيرة "للروليت الروسي" مع بن سلمان، موضحا أن الأخير أقام تحت تأثير من بن زايد علاقات مباشرة مع إسرائيل متجاهلا الفلسطينيين، ويشير إلى أن تخليه عن كشمير المحتلة يسير جنبا إلى جنب مع سياسته تجاه فلسطين.
ويقول إن ولي عهد أبو ظبي قام بتدريب تلميذه السعودي على تجاهل الشعور الإسلامي والتراث السعودي، لكن هذه ملفات يثقل التخلي عنها بالنسبة للدولة السعودية، فثمنها في العالم العربي والإسلامي يعتبر مرتفعا.
ويضيف أنه يصعب أن يتم دفع هذا الثمن من جانب بلد صغير كالإمارات، بل من جانب دولة مثل السعودية تضعف كل عام في ظل هذا الحكم "السيئ".
ويقول الكاتب إنه بمجرد أن تستيقظ الولايات المتحدة على حقيقة أن بن سلمان يعتبر عائقا كبيرا أمام المصالح العسكرية والإستراتيجية الأميركية بالخليج، فإنه سيرحل.
ويضيف أن بعض السعوديين المقربين من العائلة المالكة يعتقدون أن هذا قد يحدث قبل أن يصبح بن سلمان ملكا، حيث تتوقف كل الرهانات الإماراتية.
ويختتم المقال بأن عودة العلاقات بين الرياض وأبو ظبي إلى طبيعتها ستكون أسرع مما يعتقد بن زايد.