[ قطف ثمار انقلاب عدن: الإمارات تحتكر وقود جنوب اليمن ]
بدأت الإمارات بقطف ثمار دعمها لانقلاب الانفصاليين في عدن على الحكومة الشرعية، من خلال احتكار واردات الوقود إلى مناطق جنوب اليمن عبر شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، التي نفذت أولى صفقاتها بشراء كميات من مادة الديزل ونقلها إلى مصافي عدن.
وقال مصدر حكومي يمني، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إن الحكومة اليمنية كانت تعاقدت مع شركة "عرب جلف" التجارية لتوريد 60 ألف طن متري من الديزل لتشغيل محطات الكهرباء، التي بدورها قامت بشراء الكمية من مجموعة فيتول السويسرية، لكن شركة أدنوك الإماراتية تدخلت وقامت بشراء الكمية من الشركة الأم.
وتعد الإمارات ثاني دول التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، واستغلت العمليات العسكرية للتحالف لبسط نفوذها وسيطرتها في العاصمة المؤقتة، عدن (جنوبي البلاد)، وبقية مناطق الحكومة الشرعية، قبل أن تدعم انقلابا مسلحا ضد الحكومة نفذته قوات تابعة للانفصاليين الجنوبيين مطلع أغسطس/ آب الجاري.
وعانت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن من انقطاعات طويلة للكهرباء عقب سيطرة قوات المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على مؤسسات الدولة ومقر الحكومة القصر الرئاسي، ووصلت مدة انقطاع التيار إلى 14 ساعة في اليوم، بحسب سكان محليين.
وأرجعت مؤسسة الكهرباء، زيادة ساعات انقطاع التيار إلى قرب نفاد كمية الديزل المخصصة لتشغيل محطات توليد الكهرباء، قبل أن تتدخل شركة "أدنوك" الإماراتية لدعم حلفائها من الانفصاليين، ولتثبيت أقدامها في نقل المشتقات إلى عدن وبقية مناطق جنوب البلاد.
وكان مسؤول حكومي كشف سابقا لـ"العربي الجديد"، أن جوهر الأزمة بين الإمارات والحكومة اليمنية يرتبط بمساعي الإماراتيين للسيطرة على أهم القطاعات الاقتصادية، وتتمثل في احتكار توريدات مشتقات النفط والاتصالات النقالة والإنترنت والنقل في عدن وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وفي هذا الإطار، قال المجلس الانتقالي الداعي لانفصال الجنوب، في 16 أغسطس/ آب الجاري، إنه جاهز لإدارة شؤون عدن وبقية المناطق الجنوبية، وأكد في بيان، أن من ضمن أهدافه إعادة النظر في آلية استيراد وبيع المشتقات النفطية.
وامتد نفوذ الإماراتيين في جنوب اليمن إلى عدة مجالات، بعد أن سيطرت قوات إماراتية على مطارات وموانئ يمنية، حيث أفضت حصيلة 4 أعوام من الحرب إلى السيطرة على ثلاثة مطارات دولية مدنية ضمن مناطق الحكومة الشرعية وأربعة موانئ مهمة، منها ميناءان نفطيان.
واستثمرت الإمارات نفوذها عقب تحرير مدينة عدن من الحوثيين، في يوليو/ تموز 2015، في منح عقود تأهيل المنشآت الحكومية اليمنية لشركات إماراتية، ومنها عقد تأهيل مطار عدن وصيانة مدرج المطار، والذي نفذته شركة النابودة للمقاولات، وهي شركة إماراتية تعمل في مجال المقاولات.
كما تحتكر الإمارات رحلات الطيران إلى جزيرة سقطرى اليمنية على المحيط الهندي. وتسعى الإمارات لإعادة موانئ دبي العالمية لتشغيل ميناء عدن، بعد خمس سنوات على طردها من قبل الحكومة اليمنية التي نتجت عن الثورة الشعبية ضد نظام صالح، حيث تم إلغاء عقد أبرم عام 2008 ومنحت "موانئ دبي" بموجبه حق إدارة ميناء عدن، بما يشمل ميناء "المعلا" ومحطة "كالتكس" للحاويات، لمائة عام قادمة.
وتسيطر الإمارات على ميناء عدن بالعاصمة المؤقتة (جنوب اليمن)، وحولت ميناء المخا على البحر الأحمر (غرب) إلى ثكنة عسكرية ومقر لقواتها، واستخدمت ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت (جنوب شرق) كمقر لقواتها ومعتقل سري تحت إشراف مليشيات تابعة لها، وحوّلت مطار الريان الدولي بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، إلى معتقل سري أيضاً، كما سلمت مطار عدن الدولي لمليشيا موالية.
وتثير سياسة الإمارات لبسط النفوذ في اليمن ومساعيها للسيطرة على أهم قطاعات الاقتصاد، غضب الشارع اليمني الذي ينظر لتلك السياسة بوصفها احتلالا.
وصعّدت الحكومة اليمنية لهجتها ضد الإمارات متهمة اياها بدعم الانفصاليين في جنوب البلاد للانقلاب ضد السلطة الشرعية، وقال نائب وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، أول من أمس، في بيان، إن "الحكومة بصدد التحرك لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفقاً لما يخوّله القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لضمان إيقاف الدعم الإماراتي للمجلس الانتقالي، والذي مكّن عملية التمرد المسلح في عدن وأبين".