نشر موقع "بروكينغز" الأمريكي تقريرا تحدّث فيه عن الدور الذي يستطيع السودانيون لعبه من أجل إنهاء الحرب في اليمن، وذلك من خلال "ممارسة الضغط لإيقاف الدعم العسكري الذي تقدّمه كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية".
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه "إلى جانب تكثيف المتظاهرين السودانيين للضغط المسلّط على المجلس العسكري الانتقالي لتسليم السلطة إلى الحكم المدني، فيجب عليهم أن يطالبوا كذلك بانسحاب بلادهم من الحرب في اليمن".
وأضاف: "ترتبط هذه الدعوة ارتباطًا وثيقًا بالمطالب الأوسع نطاقًا للمتظاهرين السودانيين، التي تتمثّل في القضاء على التفاوت الاجتماعي والاقتصادي والحكم الدكتاتوري".
ويلفت إلى أنه "في حين كان معارضو الحرب في اليمن منشغلين بتسليط الضغط من أجل الحدّ من الدعم العسكري الذي تمنحه كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية، فهناك حل آخر لإنهاء هذه الحرب، يكمن في الخرطوم".
وفي هذا الصدد، "حرّكت عقود من الظلم الاجتماعي والتهميش في السودان الاحتجاجات التي استمرت عدة أشهر وأطاحت بالرئيس عمر البشير من السلطة في نيسان/ أبريل. كما كانت عقود الظلم السبب في مشاركة القوات شبه العسكرية السودانية في القتال في اليمن".
وأوضح الموقع أن "المرتزقة السودانيين، ومعظمهم أطفال من دارفور، وافقوا على القتال في اليمن مقابل الحصول على تعويض مالي، خاصة أنهم يعانون من صعوبات اجتماعية واقتصادية قاسية في بلادهم ويعيشون في يأس. وفي ظلّ غياب احتمالات تحسّن الرفاه الاجتماعي والاقتصادي في السودان، تَعرض دول الخليج عليهم حوالي 10 آلاف دولار للمشاركة في الحرب التي تعدّ أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية".
من جهة أخرى، يضيف الموقع: "يواصل السعوديون والإماراتيون العمل عن بعد من خلال توجيه أوامرهم العسكرية للمقاتلين السودانيين على الأراضي اليمنيّة. وقد أسفر ذلك عن مقتل مئات الشباب والرجال السودانيين، بينما كانوا يخوضون حربًا لا معنى لها أدت إلى نزوح الملايين وقتل عشرات الآلاف من اليمنيين الأبرياء من خلال الغارات الجوية والمجاعة الجماعية، والأمراض الناجمة عن الحرب".
وأورد أن المشاركة المستمرّة لهؤلاء المقاتلين السودانيين في الحرب، إلى جانب الدعم السياسي والعسكري للقوى الغربية، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، "ساهمت في تواصل هذه الحرب البغيضة".
وذكر الموقع أن المحتجّين السودانيين "لا يزالون يرفضون حُكم المجلس العسكري الانتقالي، الذي يرأسه في الوقت الراهن الفريق عبد الفتاح البرهان، ويطالبون بإرساء حكومة مدنية انتقالية".
ويتابع: "في الحقيقة، كان البرهان يضطلع بمُهِمة الإشراف على القوات السودانية التي تُقاتل إلى جانب التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن. وخلال زيارة أداها مؤخرا إلى جدة، أكد نائبه الحالي محمد حمدان دقلو الذي يُعرف أيضا باسم "حميدتي"، التزام السودان المستمر بنشر قواته لمحاربة الحوثيين في اليمن نيابة عن التحالف الذي تقوده السعودية".
وقال إن "المطالبة الصريحة بإعادة القوات السودانية التي تشارك في الحرب الكارثية التي تدور في اليمن من شأنه أن يبعث برسالة قوية إلى القادة العسكريين الحاليين في السودان، مفادها أن محنة أسر هؤلاء المقاتلين السودانيين تعتبر بمثابة محنة للمجتمع السوداني ككل".
وينوه أن هذا المطلب "سيرسل برسالة قوية إلى التحالف الذي تقوده السعودية، حيث سيؤكد لهم أن السودان لم يعد بحاجة إلى خوض الحرب التي تقودها المملكة من أجل إطعام العائلات السودانية، كما أنه سيرسل رسالة تضامن إلى اليمنيين الذين لا تزال أسرهم تتضور جوعا وتُقتل يوميا على أيادي الحوثيين وقوات التحالف التي تقودها السعودية بدعم من الغرب والأطراف الأخرى المتناحرة".
وأشار الموقع إلى أنه من "غير المدهش أن تُصدر كل من السعودية والإمارات بيانين تدعمان فيهما المجلس العسكري الانتقالي في السودان بعد إقالة البشير، فضلا عن تقديمهما لحزمة من المساعدات بقيمة 500 مليون دولار، وفي الحقيقة، يعزى ذلك إلى تواجد العديد من الشخصيات العسكرية في المجلس الانتقالي الحالي التي تدعم فكرة التضحية بأرواح السودانيين مكان السعوديين والإماراتيين".
ويؤكد أن المعطيات هذه "هي بمثابة ناقوس خطر للمتظاهرين في الخرطوم، نظرا لأن المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية لا تنفصل عن المطالبة بوقف استغلال الشباب السوداني في الحرب المندلعة في اليمن".
ويختم بالقول إن المحتجين السودانيين "يتحدّون عزم القوات العسكرية على التمسك بالسلطة. وفي الوقت الذي يواصل فيه المحتجون التمسك بمواقفهم وتجديد مطالبهم والتفاوض، تعتبر هذه الفرصة مناسبة بالنسبة لهم للتأكيد على أن السودان لن يكون بعد الآن رهن أهواء السياسات الخارجية المدمرة للبلدان الأخرى".