باتت منطقة حجور في محافظة حجة اليمنية، التي تشهد مواجهات بين المسلحين الحوثيين ورجال القبائل، العنوان الذي يتصدر اهتمام اليمنيين تحديداً الناقمين على سيطرة جماعة الحوثي.
وتتخذ المعركة أبعاداً استراتيجية بوصفها اختباراً جدياً للشرعية اليمنية ومدى استعدادها لدعم أي انتفاضة أو صوت معارض ينطلق ضد الحوثيين في ظل السيطرة التي تفرضها الجماعة بالقوة على غالبية مناطق شمال وغرب البلاد.
وفيما تستمر الجماعة في التحشيد ملقية بثقلها بهدف السيطرة على المنطقة وكسر تحرك القبائل، فشلت قوات الشرعية بالتحرك الفعلي لفك الحصار المفروض على حجور من قبل الحوثيين، ما يعرضها لانتقادات عدة.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها صحيفة "العربي الجديد" من مصادر محلية مواكبة للتطورات في حجور، تواصلت أمس السبت، المواجهات الميدانية بين المسلحين الحوثيين ورجال القبائل في المنطقة مع محاولة الحوثيين التقدم في مديرية قارة، شمال شرق مديرية كشر، التي تدور فيها المعارك بوتيرة تشتد في حينٍ وتهدأ أحيان أخرى منذ أكثر من شهر.
ويستخدم الحوثيون مختلف الأسلحة، بما في ذلك الدبابات والمدافع وقذائف الهاون ويقصفون بصورة متكررة المناطق الخاضعة لرجال قبائل حجور المناوئين لهم ويحاصرونهم من مختلف الاتجاهات. في المقابل يخوض مسلحو القبائل المعركة مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة بالغالب إلى جانب الغارات الجوية التي تنفذها مقاتلات التحالف من حينٍ لآخر ضد أهدافٍ مفترضة للحوثيين بالقرب من مناطق المواجهات. كما تحدثت معلومات منذ أول من أمس الجمعة عن إنزال طائرات التحالف كميات من الأسلحة والذخائر للقبائل.
وينظر العديد من اليمنيين المعارضين للحوثيين إلى أن الصمود الذي أبداه رجال القبائل في حجور، حتى الآن، يعد إنجازاً بحد ذاته وفرصة لقوات الشرعية لتدعم تحركاً مسلحاً في إطار مناطق الحوثيين. ويمكن أن تشكل المعركة، من وجهة نظرهم، مؤشراً بشأن فرص أي تحرك قبلي في إطار مناطق الحوثيين يقف بوجه الجماعة وسيطرتها على أغلب محافظات البلاد شمالاً وغرباً ووسطاً، وبالتالي فإن حسمها من قبل الحوثيين سيتحول إلى نكسة كبيرة لأي صوت معارض يقف في طريقهم.
كما أن الاهتمام بالمنطقة والتعاطي مع المعركة على أنها ذات أولوية قصوى، ينطلق من الموقع الاستراتيجي الذي تحتله حجور كبوابة من سواحل حجة نحو أكثر من محافظة، إذ تقع حجور بين محافظات حجة وعمران وصعدة.
في السياق، تتوالى المواقف السياسية الصادرة عن الأحزاب المؤيدة للشرعية، تفاعلاً مع التطورات في حجور، كان أحدثها، بيان صادر عن الحزب الإشتراكي اليمني، أول من أمس الجمعة، أعلن فيه "إدانة الحزب للحملات العسكرية المفروضة من قبل جماعة الحوثي على أبناء حجور بمحافظة حجة ومديريات الحشاء ودمت وقعطبة وتضامنه الكامل معهم ووقوفه الى جانبهم".
وطالب الحزب الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة معين عبدالملك بـ"إيلاء هذه المناطق اهتماماً خاصاً، وإدراك الأهمية الاستراتيجية للانتصار فيها على طريق إنهاء الحرب بإجبار الانقلابيين على الامتثال للسلام وإنهاء الانقلاب وفقا للقرار الأممي 2216 والعودة لاستكمال العملية السياسية وبناء الدولة بناء على ما تم التوافق عليه بمخرجات الحوار الوطني".
وتتفق أغلب التقييمات اليمنية مع رؤية الحزب الاشتراكي الي تعتبر أن ما يجري في حجور "محطة استراتيجية للصراع مع الحوثيين"، بما جعل المنطقة في صدارة التفاعلات على الساحتين السياسية والعسكرية في اليمن.
ويقول محافظ المحويت (مجاورة لحجة)، صالح حسن سميع، إن "العمل على التسريع بفك الحصار عن حجور فريضة شرعية ووطنية، وضرورة إنسانية".
وكما هو الحال في أكثر من جبهة عسكرية في اليمن، حضر الحديث عن تخاذل الشرعية في دعم أبناء القبائل في المعركة وسط خشية من إمكانية أن تلقي جماعة الحوثيين بكل ثقلها العسكري لكسر القبائل في تلك المنطقة.
وتذهب غالبية التقييمات إلى أن حضور الشرعية وجيشها لا يزال محصوراً في المواقف والبيانات، في الوقت الذي لا تبعد فيه حجور أكثر من 20 كيلومتراً من آخر نقطة تسيطر فيها قوات الجيش الموالية للشرعية والتي تقدمت من جانب الحدود السعودية في محافظة حجة، الشهور الماضية.
ويرى المعترضون على أداء الشرعية أن أقل ما يمكن فعله لتخفيف ضغط الحوثيين على القبائل هو تحريك الجمود في جبهات المواجهات المباشرة مع الجماعة بأكثر من محافظة.
وفي السياق، حاول رجل الإمارات الأول في اليمن، نائب ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، الشيخ السلفي هاني بريك، توظيف التطورات في حجور والملاحظات على أداء الشرعية، معتبراً في تغريدة على حسابه على موقع تويتر يوم الخميس الماضي، أنه "إن كانت هناك عزيمة صادقة لإنقاذ حجور فلتتحرك كل جبهات القتال ضد الحوثي باستثناء الحديدة احتراما لعهد وميثاق السويد"، قبل أن يضيف "أما ما نراه من هدوء والحوثي يحشد من كل المواقع لإخماد حجور، فهذا مؤشر على أن المؤامرة الإخونجية كبيرة"، على حد وصفه.