[ إحدى مناطق المهرة وقد أغرقتها السيول ]
في منطقة المسيلة بمحافظة المهرة (شرقي اليمن)، وقف عبد الله إبراهيم على سطح منزل مجاور يرقب المياه وهي تغرق منزله، مدمرة أجزاء منه، وهم يتمتم داعيا "يا رب سلم سلم".
ورغم مأساته، فإن إبراهيم كان محظوظا بالمقارنة مع جيرانه الذين ظلوا محاصرين على أسطح منازلهم لنحو ثلاثين ساعة كاملة، بينما ارتفع منسوب المياه إلى أكثر من مترين وتهدمت أجزاء كبيرة من المنازل نتيجة للأمطار الغزيرة والسيول التي سببتها العاصفة "لبان"، التي ضربت مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة.
وفي الوقت الذي كانت السيول فيه تجرف المنازل وتغرق الأحياء السكنية، فجر الاثنين الماضي، كان عبد الله إبراهيم من بين عشرات السكان الذين رفعوا الرايات البيضاء على أسطح منازلهم، وأطلقوا نداءات استغاثة لنجدتهم.
يقول إبراهيم للجزيرة نت "كنا من بين عشرات الأسر على الأسطح محاصرين دون سبيل للنجاة، ولم يتدخل أحد".
في ذلك الوقت، كانت المروحيات التابعة للتحالف السعودي الإماراتي تربض في مطار الغيضة (شرقي المدينة). وكتب المحافظ راجح باكريت على "فيسبوك" إن "خمسين أسرة عالقة على أسطح منازلها بالمسيلة (...) ولا نستطيع إنقاذها دون إسناد جوي".
وتابع "نناشد الحكومة الشرعية والتحالف العربي دعمنا بمروحيات لإجلاء الأسر العالقة وسط السيول".
وحاولت الحكومة اليمنية التدخل بمروحيتها الوحيدة التي تملكها في المكلا (غرب المهرة)، لكن التحالف رفض، لتتعذر الأولى بأن هذه المروحية غير قادرة على التحليق في هذه الظروف الجوية، وفق ما أفاد مصدر في السلطة المحلية للجزيرة نت.
وقال المصدر مفضلا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث للإعلام، إن السكان ظلوا محاصرين نحو ثلاثين ساعة، والتحالف يرفض التدخل، قبل أن يسمح للمروحية اليمنية صباح الثلاثاء بالتدخل.
بعد فوات الأوان
الساعة الحادية عشرة من صباح الثلاثاء، هبطت مروحيتان سعوديتان في حي العبري شرقي المدينة، لكن العالقين رفضوا الصعود عليهما، ورموا إحداها بالأحذية والحجارة؛ فالخطر كان قد زال بشكل كبير.
وقال هيثم الحمادي للجزيرة نت إن السكان عبروا عن غضبهم جراء تخاذل التحالف عن إنقاذ العالقين خلال ذروة العاصفة الإعصارية التي ضربت المدينة.
وأشار إلى أن تدخل مروحيتي التحالف كان بعد انحسار السيول، ونزول عدد من الجنود السعوديين كان غرضه التسويق الإعلامي، فعملية الإجلاء جرت بجهود مروحية القوات الحكومية بعد يوم ونصف من معاناة السكان.
تنديد بالتحالف
وما إن زالت مظاهر العاصفة مساء أمس الأربعاء، حتى تجمع عدد من الغاضبين ونظموا مظاهرة عفوية في سوق المهرة المركزي، اتجهت نحو المطار حيث يقع مقر قوات التحالف، للمطالبة بطرد التحالف السعودي الإماراتي.
ويقول هيثم الحمادي للجزيرة نت "تجمعنا بشكل عفوي وما لبث أن تداعى سكان المدينة للمشاركة في المظاهرة التي انطلقت في الظلام، تعبيرا عن التذمر والاستياء من التحالف الذي رفض إنقاذ العالقين من السيول".
ورفع المتظاهرون شعارات "لا تحالف بعد اليوم"، و"برع برع يا استعمار"، و"برع برع يا سلمان"، و"بالروح بالدم نفديك يا يمن".
ووصلت المظاهرة إلى أول حاجز بالقرب من المطار، قبل أن يطلق جنود الحراسة النيران في الهواء لتفريق المتظاهرين الغاضبين، لكن المحتجين وصلوا إلى البوابة الرئيسية.
ووفق الحمادي فإن المتظاهرين ظلوا يهتفون على بوابة المطار ضد التحالف، قبل أن يقرروا العودة للمدينة وتنظيم مظاهرة كبيرة يوم غد الجمعة "ضد التحالف الذي اتضح أن همه السيطرة على الأرض واستعمار المنطقة".
والأحد الماضي، ضربت العاصفة "لبان" مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة، وهطلت الأمطار الغزيرة بكثافة مصحوبة برياح شديدة، مما تسبب في جريان سيول وفيضانات.
واستمرت الأمطار حتى مساء الثلاثاء، بينما ظلت السيول تغمر المدينة ومديريات أخرى حتى ظهر أمس الأربعاء، وتسبب ذلك في وفاة اثنين وفقدان ستة أشخاص آخرين مع تسجيل أكثر من سبعين إصابة، وفق إحصائية أولية حصل عليها موقع الجزيرة نت من مصدر في مكتب الصحة.
كما خلفت الفيضانات دمارا كبير في البنية التحتية -المتدهورة أصلا- بحسب سليم أحمد، العضو في الفرق المحلية التي عملت على إجلاء العالقين.
ويقول أحمد للجزيرة نت إن السيول تسببت في تدمير العشرات من المنازل والطرق الرئيسية وجزء من المستشفى المحلي ومحطة الكهرباء وكابلات الاتصالات، وتركز الدمار في أحياء العبري والمسيلة ومونغ وتنهالن.
وأضاف أن المئات من السكان لا يزالون نازحين في المدارس والمقار الحكومية، إثر دمار منازلهم في أحياء قشن ووادي الجزع وسيحوت.