[ المخا ما تزال مدينة عسكرية تحت سيطرة القوات الحكومية والإماراتية ]
القارب والشبكة وحياة البحر الباذخة بتفاصيلها أمست ذكريات يحنّ إليها صيادو مدينة المخا غربي اليمن، بعد أن مُنعوا من الإبحار بقرار عسكري من القوات الإماراتية التي تقاتل الحوثيين إلى جانب السعودية.
يقضي محمد الشاذلي صباحه في فناء داره المطل على ساحل البحر الأحمر، ومن هناك يظل يراقب الحركة في ميناء المدينة الذي يبعد عن منزله قرابة نصف كيلومتر إلى الجنوب، بعد أن تحول إلى ميناء عسكري للإماراتيين.
حرمت تلك القوات سكان المدينة من مصدر رزقهم الدائم وقررت أن تستهدف عسكريا من يدخل البحر لأي غرض، ليجد أغلب سكان المدينة أنفسهم دون مصدر دخل، وفق ما أفاد به مصدر حكومي وبعض السكان.
وكانت القوات الإماراتية قد حذّرت الصيادين من الإبحار في المياه الإقليمية اليمنية والاصطياد في البحر الأحمر، وفق المصدر الحكومي الذي تحدث للجزيرة نت.
وعزا المصدر القرار الجديد إلى الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون على ميناء المخا بواسطة قوارب صيد محلية، مما دفع الإماراتيين إلى منع إبحار القوارب بشكل كامل، تفاديا لهجمات مماثلة.
ولطالما اشتهرت مدينة المخا (94 كلم غربي مدينة تعز) بأنها مصدر لأجود وألذ أصناف الأسماك في اليمن، وكان أغلب سكانها البالغ عددهم 62 ألفا حسب تقديرات مصدر حكومي، يمتهنون العمل في صيد البحر.
وكانت القوات الإماراتية والقوات الحكومية اليمنية قد سيطرت على المدينة في فبراير/شباط 2017 بعد معارك استمرت طيلة شهرين ضد مسلحي جماعة الحوثيين.
وكان مقررا أن تُطبع الأوضاع في المخا عقب استعادة الحكومة السيطرة عليها من الحوثيين، غير أن المدينة ما تزال منطقة عسكرية حتى اليوم، وما لم يكن في الحسبان فإن الأمور آلت إلى وضع يشبه الأوضاع التي تعيشها مدينة عدن.
يأمل الشاذلي إعادة فتح الميناء التاريخي الذي أخذت المدينة شهرتها منه، ليعاود العمل مجددا في صيد السمك وإعالة أسرته وأطفاله بعد أن تدهورت حالته المعيشية، ويقول للجزيرة نت "نحن الآن بلا عمل.. ولا نستطيع مزاولة الصيد"، كاشفا أن "من ينزل البحر هذه الأيام يقتلونه دون اكتراث".
مدينة البُن
ويُعد ميناء المخا من أقدم الموانئ وكان من أهم المراكز التجارية الواقعة على البحر الأحمر في القرن السابع عشر، ويعود له الفضل في التعريف بالبن اليمني الذي كان يصدّر عبره، وعرف وما زال يعرف باسمه "موكا".
محمد عمر -وهو قيادي في القوات الحكومية وينتمي إلى ذات المدينة- يقول للجزيرة نت إن فرض القوات العسكرية تواجدها منع عودة مؤسسات الدولة. ويضيف أن "السلطة اليوم للعسكريين من خارج المدينة، مما جعل المدنيين يعانون".
وما تزال مؤسسات الدولة المدنية مثل القضاء والأمن والنيابات العامة والاتصالات والتعليم وغيرها مغلقة حتى اليوم، بل إن أمين محمود محافظ تعز -التي تتبعها مدينة المخا إداريا- عين مديرا لمديرية المخا قبل أسابيع فقط.
تطبيع الحياة
ويحاول مدير المديرية -المعيّن مؤخرا- تطبيع الأوضاع وإعادة مؤسسات الدولة، لكن لم يسمح له بدخول مبنى المديرية الذي تحول إلى معسكر، واضطر إلى استئجار منزل سكني وبدأ تسيير أعماله من هناك.
وكان على ثلاثة من طلاب الثانوية تحمل مشقة السفر 150 كلم من المخا إلى مدينة تعز من أجل أن تُوقّع ملفاتهم الدراسية لدى السلطات المحلية في المدينة، فمكتب وزارة التربية والتعليم ما يزال مغلقا.
ولكون المدينة بعيدة نسبيا عن مرمى الصواريخ القصيرة المدى والكاتيوشا التي يطلقها المسلحون الحوثيون، فإنها ستظل قاعدة عسكرية إلى وقت طويل، حسبما يرى الصحفي محمد سعيد الشرعبي.
ويرى الشرعبي أن المخا منطقة عسكرية حتى الآن، والإمارات مسيطرة على الجانب الأمني والعسكري عبر قوات العمالقة. وقبل أيام أعادت السلطات الحكومية تطبيع الأوضاع مجددا وعادت الحياة إلى المدينة.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن طبيعة المدينة العسكرية تعود إلى أنها مركز لقيادة التحالف السعودي الإماراتي وقوات العمالقة والمقاومة الوطنية، كما تتواجد فيها منظومة للدفاع الجوي، لكن المدنيين يعيشون حياتهم فيها بكل أريحية، بحسب الشرعبي.