[ الكهرباء مقطوعة أيضا في معظم المدينة منذ ثلاثة أيام، وفي بعض الأحياء منذ أسبوع- جيتي ]
مع استمرار احتدام المعارك بمدينة الحديدة اليمنية الساحلية غرب البلاد، تستمر معاناة أهالي المدينة جراء عمليات القصف والحصار والعمليات العسكرية التي أدت ولا تزال إلى نزوح الآلاف .
ويواجه السكان غير القادرين على الفرار من المدينة قصفا لا يهدأ ونقصا في المياه النظيفة فضلا عن انقطاع الكهرباء، في الوقت الذي يقاتل فيه التحالف العربي لانتزاع السيطرة على الميناء اليمني الرئيسي من قبضة الحوثيين.
وقال عاصم محمد (30 عاما) وهو صيدلي عبر الهاتف "نسمع صوت انفجارات طوال الوقت"، وأضاف "لم تصلنا المياه منذ ثلاثة أيام".
ومحمد وزوجته وطفلته البالغة من العمر ستة أشهر ضمن عدد متناقص من السكان الذين بقوا في منطقة الحوك، المحصورة بين المطار الذي سيطر عليه التحالف هذا الأسبوع والميناء البحري، الهدف الأكبر للهجوم العسكري.
وبعض الأسر مثل أسرة محمد غير قادرة على الفرار لأسباب منها عدم وجود المال الكافي أو بسبب العمل أو التزامات شخصية أخرى.
ورفع السائقون الذين ينقلون الفارين من الحديدة الأجرة إلى أكثر من مثليها منذ بدء المعركة، بينما هدد المستشفى الذي يعمل به محمد الموظفين بالفصل إذا تغيبوا لفترات طويلة.
وقال محمد "الكهرباء مقطوعة أيضا في معظم المدينة منذ ثلاثة أيام، وفي بعض الأحياء منذ أسبوع".
وأرجع سبب نقص المياه إلى الأضرار التي لحقت بالأنابيب والتي يقول موظفو الإغاثة إنها نتجت عن حفر الحوثيين للخنادق. ولم يتسن الوصول إلى مسؤولين حوثيين للتعليق.
وأطلق التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات هجومه على الحديدة الأسبوع الماضي سعيا لعزل الحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم المناطق المأهولة بالسكان، عن العالم الخارجي.
وتخشى الأمم المتحدة أن تسبب الحملة كارثة في البلد الذي يعاني أزمة إنسانية هي بالفعل الأسوأ في العالم إذ يعتمد 22 مليون يمني على المساعدات بينما يُعتقد أن ما يقدر بنحو 8.4 مليون نسمة على شفا المجاعة. والميناء هو شريان الحياة الرئيسي للسكان.
وقالت ليز غراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن لرويترز الجمعة "نرصد مستويات مرتفعة من سوء التغذية".
وأضافت "من بين كل الأمور التي نخشاها، لا شيء أكثر أهمية الآن من احتمال تفشي الكوليرا... ربما يتأثر مئات الآلاف"، ويقطن الحديدة نفسها 600 ألف شخص.
ويستخدم سكان الحديدة منذ عام 2015 مولدات خاصة للحصول على الكهرباء. لكن الهجوم الذي بدأ هذا الشهر جعلهم يواجهون صعوبة في الحصول على وقود الديزل الضروري لتشغيلها.
وترتفع درجات الحرارة في الصيف في اليمن لتتجاوز الأربعين درجة مئوية في الظل، وهو ما قد يساعد إلى جانب نقص المياه النظيفة في انتشار الأمراض.
وتعهد التحالف بعملية عسكرية سريعة للسيطرة على الميناء دون دخول وسط المدينة وذلك لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والحفاظ على تدفق السلع الأساسية.
وقال محمد قاسم المسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الحديدة لرويترز بينما كان موظفو الإغاثة يوزعون أكياسا من الطعام في إحدى المنشآت إنه تم نقل عشرات الأسر النازحة إلى مدارس في المدينة.
وقالت امرأة بينما كانت تنتظر للحصول على حصتها "هربنا بما علينا من ملابس فقط".
وقدرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عدد النازحين من الحديدة بما يتراوح بين 50 ألفا و60 ألف شخص. وقال برنامج الأغذية العالمي إن تصاعد القتال قد يتسبب في نزوح أو حصار ما يصل إلى 1.1 مليون شخص في مدينة الحديدة بحاجة إلى مساعدة غذائية عاجلة.
وأفرغت سفينتان 50 ألف طن من القمح إجمالا في ميناء الحديدة هذا الأسبوع. وأضاف برنامج الأغذية العالمي في بيان أن سفينة ثالثة تحمل 25 ألف طن من القمح موجودة حاليا في منطقة تابعة للتحالف تستعد للرسو بالميناء.
الأمم المتحدة قلقة
وحذرت غراندي من انتشار الكوليرا "بسرعة البرق" إذا انهارت شبكة المياه وما لم يتم اتخاذ إجراء للتصدي للوضع على الفور.
ويقدر مسؤولون بالأمم المتحدة أن القتال يمكن في أسوأ التصورات أن يزهق أرواح ما يصل إلى 250 ألف شخص، خاصة إذا حدث وباء الكوليرا في المنطقة التي تعاني من انتشار الفقر على نطاق واسع.
وتدخل التحالف بقيادة السعودية في الحرب عام 2015 لوضع حد لسيطرة الحوثيين على المراكز السكانية الرئيسية وإعادة الحكومة المعترف بها دوليا إلى السلطة. واستعادت قوات التحالف معظم الجنوب قبل دخول الحرب، التي ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها صراعا بالوكالة بين السعودية وإيران، حالة من الجمود.
وفرت بعض الأسر من القتال في الحديدة طلبا للسلامة في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون بينما اتجه آخرون إلى ريمة ووصاب، وهي أيضا ضمن مناطق يسيطر عليها الحوثيون.
وقال مروان وهو أحد النازحين من الحديدة "قالوا لنا إن هناك منظمة يمكننا التسجيل لديها كنازحين هنا، لكن الله أعلم".
وكان مروان يقف مع رجال آخرين يصطفون في مدرسة بصنعاء لتسجيل أسرهم للحصول على مساعدات، بينما جلست النساء على أرض الفصول الدراسية في حين كان أطفالهم حفاة الأقدام يلعبون بالجوار.