[ أرشيفية ]
تباطأ الهجوم الذي تشنه القوات الموالية للحكومة اليمنية للسيطرة على ميناء الحديدة الأحد، في وقت يواصل مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث، وسط تكتم شديد، مهمته الدبلوماسية في صنعاء سعيا للتوصل إلى حل سلمي يمنع الحرب عن شوارع الحديدة بعدما وصلت إلى مشارفها.
وفي اليوم الخامس للهجوم، شهد محيط مطار الحديدة قصفا متبادلا واشتباكات متقطعة، بينما عمد الحوثيون إلى قصف مواقع القوات الموالية للحكومة على طول الطريق الساحلي الغربي لليمن، حسبما أفادت مصادر في هذه القوات.
وتسيطر القوات الموالية للحكومة على الطريق الساحلي من جنوبه وحتى مشارف مدينة الحديدة شمالا عند مدخل المطار الواقع في جنوبها، بينما يسيطر الحوثيون على المناطق الداخلية الواقعة شرق الطريق الساحلي.
وكانت القوات الموالية للحكومة بدأت الأربعاء بمساندة قوات اماراتية هجوما واسعا تحت مسمى “النصر الذهبي” بهدف اقتحام مدينة الحديدة، في أكبر عملية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.
وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة الى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة إنسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه.
لكن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن ويضم الامارات، يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.
ويدعو التحالف إلى تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة أو للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم.
قطع الطريق
ونجحت القوات الحكومية في بداية الهجوم بالوصول سريعا إلى مشارف مطار الحديدة، لكنها اصطدمت بمقاومة شرسة من قبل الحوثيين.
والسبت أعلنت القوات الموالية للحكومة السيطرة على المطار، في تطور لم تؤكده مصادر في هذه القوات على الأرض ولا التحالف العسكري الداعم لهذه القوات بقيادة السعودية.
كما نفى الحوثيون خسارة المطار. ونقلت وكالة الانباء “سبأ” المتحدثة باسمهم عن مسؤولين قولهم إن صورا تم تداولها في وسائل اعلام قريبة من القوات الحكومية لعناصر داخل المطار هي صور قديمة.
ونشروا تسجيلا مصورا لمسلحين حوثيين يجولون في سيارات داخل حرم مطار.
وتحدث الحوثيون الأحد عبر وكالة “سبأ” عن غارات شنتها طائرات التحالف العسكري على عدة مناطق في محافظة الحديدة ومحافظات، علما أن التحالف لم يعلن عن شن غارات جديدة.
وكان الحوثيون نجحوا الجمعة في قطع الطريق الساحلي في منطقة التحيتا على بعد نحو 100 كلم جنوب مدينة الحديدة بعدما هاجموا موقعا للقوات الموالية للحكومة اليمنية.
وتسبّب الهجوم في قطع الطريق بين مدينة الحديدة ومنطقتي المخا (150 كلم جنوب الحديدة) والخوخة (130 كلم جنوب الحديدة) الساحليتين اللتين تضمان مراكز عسكرية رئيسية للقوات الموالية للحكومة.
وقال مصدر في هذه القوات إن المواجهات في التحيتا مستمرة وأن الطريق مقطوع، موضحا أن “هذا الأمر أثر على العملية العسكرية” وعلى إرسال التعزيزات من جنوب الطريق الساحلي إلى شماله.
دبلوماسية وتكتم
ويشهد اليمن منذ سنوات نزاعا بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمسلحين الحوثيين. وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في ايلول/ سبتمبر 2014 وبعدها على الحديدة.
وتتهم السعودية إيران بدعم المسلحين الحوثيين بالسلاح، لكن طهران تنفي هذا الاتهام.
وستمثل السيطرة على مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، في حال تحققت، أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء.
وعلى وقع القصف المتبادل وأعمال العنف جنوب المدينة والتي أدت إلى سقوط 139 قتيلا على الأقل من الجانبين، واصل مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث في صنعاء الأحد زيارته العاجلة الهادفة لمنع الحرب من بلوغ شوارع المدينة.
وتسير زيارة المبعوث الدولي إلى صنعاء التي بدأت السبت وسط تكتم شديد.
وتخشى الأمم المتحدة ومنظمات دولية أن تؤدي الحرب في مدينة الحديدة إلى وقف تدفق المساعدات، لكن السعودية والامارات سعتا إلى طمأنة المجتمع الدولي عبر الاعلان عن خطة لنقل المساعدات في حال توقف العمل في الميناء.
وكان غريفيث أكد لدى بداية الهجوم الذي تقوده الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف، أن المفاوضات مستمرة تجنّبًا لمواجهات دامية داخل الحديدة.
وقال في بيان “لدينا اتصالات دائمة مع كل الاطراف المشاركين للتفاوض حول ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والإنسانية والأمنية لكل الاطراف المعنيين”.
وأدى النزاع في اليمن منذ التدخل السعودي إلى مقتل نحو عشرة آلاف شخص واصابة نحو 53 الفا في ظل أزمة انسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم حاليا.