[ الرئيس هادي ]
تلقى اليمنيون بمناسبة حلول شهر رمضان، ثلاثة خطابات تباين مضمونها كليا، بحسب أهداف كل جماعة، وشعاراتها.
كان مصدر تلك الخطابات الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يعد ممثل الشرعية، ورئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين مهدي المشاط، ورئيس ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزبيدي.
أظهر التباين في مضمون تلك الخطابات، حجم التشرذم الذي وصلت له البلاد بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب.
وأدت الحرب إلى ظهور كيانات عديدة بعيدة عن الشرعية، كان أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، تعمل جميعها وفق أهدافها، بعيدا عن مصلحة الشعب اليمني الذي تتفاقم معاناته بشكل مستمر.
واحدية المصير
الرئيس هادي في خطابه الذي وجه للشعب اليمني بمناسبة حلول رمضان، أكد على واحدية المصير مع دول الإقليم، وأن اليمن لن تكون ممرا خلفيا يعبر منه المتسللون لإقلاق الأمن الإقليمي عبر شركائهم (في إشارة إلى إيران وأذرعها في اليمن).
كما تحدث عن الحرب التي تسببت بها مليشيات الحوثي، وفرضتها على الشعب اليمني الذي عانى منها كثيرا، وعن التنازلات التي قدمتها الشرعية من أجل التوصل إلى حل سياسي وفق المرجعيات الثلاث.
وركز هادي في خطابه على إصرارهم على الحسم العسكري، وبذات الوقت أكد على بقاء الشرعية في مربع الإيجابية وكداعية للسلام، ولم يغِب عنه مشروع الدولة الاتحادية التي اتفق عليه اليمنيون، وترتكز على التوزيع العادل للسلطة والثروة.
وأشار إلى دور التحالف وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، في إفشال محاولات إيران ووكلائها لتحويل اليمن الى ساحة ابتزاز للجيران والاقليم والعالم.
مغالطات
على النقيض جاء خطاب المشاط، الذي غلبت عليه الصبغة الدينية، فقد ركز على أهمية شهر رمضان، كونه فرصة لتعزيز التواصل الإنساني، وخلق أجواء روحانية تنمي الإيمان في النفوس، واستمر باستغلال مختلف المتغيرات لمغالطة أتباعهم للعمل ضد الشرعية وحلفائها.
وتطرق المشاط إلى مواجهتهم لما أسماه بـ"قوى الطاغوت والإجرام" في إشارة إلى التحالف العربي، ودور أمريكا في "العدوان" اللاأخلاقي وغير المبرر، حسب قوله.
ووظفوا ذلك لتحريض أنصارهم ضد التحالف، بقوله "إننا اليوم معنيون جميعاً لتعزيز التلاحم ورفد عوامل النصر والقوة أكثر من أي وقت مضى. وصوَّر الأمر على أنه مؤامرة عليهم تستوجب الصبر والثبات.
كما استغل المشاط -كالعادة- قضية فلسطين، لتسجيل موقف عند أتباعهم، فقد أدن جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.
وزعم عملهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي، من أجل مواجهة المعاناة الاقتصادية التي يعانيها اليمنيون، وتوفير الخدمات والمرتبات، وهو ما يناقض التقارير التي تؤكد استمرار التدهور الاقتصادي وارتفاع نسبة الفقر نتيجة الحرب التي أعقبت انقلاب الحوثيين عام 2014.
وركز المشاط كذلك على استعدادهم على مد أيديهم للسلام العادل، برغم أنهم أفشلوا مختلف جولات مشاورات جولات السلام السابقة، وحث –مستندا على ما قال إنه الواجب الوطني والديني- على ضرورة أن يكونوا على قلب رجل واحد، لمواجهة كل التحديات على مستوى جبهتهم الداخلية.
وشاد بانتصاراتهم في مختلف الجبهات، داعيا إلى ضرورة استمرار حالة النفير والجهوزية في ظل التصعيد الكبير من قبل ما أسماه بـ"قوى العدوان" وهي إشارة واضحة للتحالف العربي.
مناوأة الشرعية
أما خطاب الزبيدي فجاء مقتضبا، وبصبغة مختلفة، فدق أشار في كلمته إلى أن رمضان شهر خير ورحمة، وفرصة لتظافر جهود الجميع نحو التعاطف والتراحم فيما بينهم، وظهر في خطابه توجيه النقد للحكومة الشرعية، وهو خطاب يتطابق مع التوجه الإماراتي المقوض للحكومة.
وفي خطابه الذي وجهه لأنصاره، حضر الزبيدي كعادته ضد الحكومة الشرعية، التي اعتبرها تستهدف معيشتهم وحقوقهم، بهدف إخضاعهم لما يريدوا أن يكون عليه المستقبل السياسي.
وظهر الزبيدي في خطابه كمدافع وممثل لأبناء الجنوب، فقد قال " إننا إذ نتابع وبأدق التفاصيل ما تعانوه وتواجهوه من عقاب جماعي، وعلى وجه الخصوص أهلنا في العاصمة عدن، فإننا نؤكد هنا أن مسؤوليتنا لا تتوقف على المتابعة ومراقبة الأوضاع، بل سنكون حاضرين وفي الوقت المناسب لخدمة شعبنا والدفاع عن مصالحه".
مشاريع مختلفة
وتستغل مختلف القيادات المناسبات المختلفة منها شهر رمضان، لتوجيه خطابات إلى أتباعها أو المجتمع الدولي.
وتحولت الخطابات في اليمن –وفق المحلل السياسي محمد المهدي- إلى خطابات يتم توظيفها لإيصال رسائل معينة إلى الداخل والمجتمع الدولي.
وبحسب المهدي الذي صرح لـ"الموقع بوست" فإن خطابات الرئيس هادي تمتاز بأنها تأتي في سياق المشروع الوطني العام الجامع، الذي يتفق عليه أغلب اليمنيين بعكس باقي الخطابات.
ورأى أن تلك الخطابات التي يتم استغلالها لتمرير أفكار وأهداف معينة، يحتم ضرورة دراستها بدقة باعتبارها موجهة.
ولفت إلى أن تعدد المشاريع في اليمن، جعل الخطابات المختلفة تختلف، ولم تعد تجتمع على مشروع واحد يتفق عليه الجميع.
وتدعم الإمارات العربية المتحدة ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بينما حلفاء الحوثيين في المنطقة –وعلى رأسهم إيران- يدعمون ما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى".