[ يعيش النازحون في اليمن فصولا لا تنتهي من المعاناة ]
احتاجت اليمنية سهام علي إبراهيم شهرا لإكمال رحلتها الخطرة من قريتها قرب مدينة حيس الواقعة على خط الجبهة إلى المناطق الواقعة على الساحل الغربي لليمن التي تتمتع بأمان نسبي، وغالبا ما كانت تعبر خطوط القتال سيرا على الأقدام.
والآن تعيش سهام في كوخ من القش، مع ثلاث أسر أخرى بينهم تسعة أطفال، خارج مدينة المخا حيث يعيش الكثير من النازحين اليمنيين في أماكن إيواء مؤقتة أقاموها ويعتمدون على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية وقوات التحالف المناهض للحوثيين.
قالت سهام وهي مسنة ”جينا نزحنا من بلدنا نمشي وعلى ظهور الحمير... وبعدين جينا على المخا بعد شهر“.
ودمر صراع مستمر منذ ثلاث سنوات اليمن حيث تخوض حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية، حربا لطرد الحوثيين من المدن التي استولوا عليها في سلسلة من العمليات منذ عام 2014.
وتقع المخا على بعد 75 كيلومترا إلى الشمال من مضيق باب المندب الاستراتيجي. وكانت المدينة إضافة إلى خوخا وحيس المجاورتين من بين عدد قليل من المدن التي انسحب منها المقاتلون الحوثيون منذ بدء الحرب الأهلية في اليمن عام 2015 عندما أجبرت الجماعة المسلحة هادي على الانتقال إلى المنفى في السعودية.
وقالت إشراق السباعي وكيل وزارة الصحة اليمنية لرويترز ”طبعا في البداية يعني كان وصل العدد تقريبا إلى حد 40 ألف (نازح) ولكن الآن في تزايد“.
وأضافت خلال زيارة لمستشفى المخا العام، وهو المنشأة الطبية الوحيدة في الساحل الغربي الخاضع لسيطرة قوات التحالف، إن أغلب النازحين يأتون من مناطق القتال مثل حيس التي تبعد نحو 90 كيلومترا. ووصفت الوضع بأنه خطير جدا.
وفي الشهر الماضي، قالت الأمم المتحدة إن 85 ألف يمني على الأقل غادروا منازلهم في المنطقة منذ تجدد القتال في ديسمبر كانون الأول 2017.
ويواجه الأطباء والعاملون في مستشفى المخا صعوبات يومية في تقديم المساعدة والعلاج لضحايا الحرب والمرضى.
ويعيش الملايين من المدنيين في أنحاء اليمن تحت وطأة الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف بالإضافة إلى حملة قمع من جانب الحوثيين. وتؤثر المجاعة والكوليرا والدفتيريا على حوالي ثمانية ملايين شخص بينهم مليونا طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
وكانت هينام سالم، البالغة من العمر 40 عاما، ترقد على طاولة الفحص القديمة في غرفة متربة في الجناح المدني بمستشفى المخا بعد أن فقدت جنينها البالغ من العمر خمسة أشهر بعد وقت قصير من وصولها إلى البلدة مع أطفالها من قرية الهاملي بمحافظة تعز.
وتُستخدم زجاجات المياه البلاستيكية بدلا من أكياس الحقن الوريدي في المنشأة التي تعاني من نقص الإمدادات الطبية.
وقال عبد الرحيم الدهبي وهو طبيب يعمل مع منظمة الصحة العالمية وقوات التحالف العربي إن عملية إخراج الجنين من الرحم ليست معقدة لكنها تحتاج إلى كمية من الدم. وعبر عن أمله في توفر الدم المطلوب في اليوم التالي.
وقالت ممرضات إن المستشفى يفتقر إلى أساسيات تقديم الرعاية الطبية، بما في ذلك طبيب في تخصص النساء والولادة. وأضفن أنهن لم يحصلن على رواتبهن منذ خمسة أشهر.
وقالت ميمونة علي أحمد كبيرة الممرضات في قسم طوارئ التوليد بالمستشفى ”نحن نطالب... بأن يهيئوا لنا القسم وأن يفتحوا لنا العمليات على أساس ننقذ الأمهات والأطفال الذين يموتون أثناء الولادة، لكن لا حياة لمن تنادي، ما أي منظمة استجابت لنا، لا مسؤول كبير ولا مسؤول صغير“.
* تقييد الصيد
خارج المستشفى، اجتاحت العواصف الرملية الشارع الرئيسي غير الممهد في المدينة وكانت آلاف الأكياس البلاستيكية المستعملة تغطي الشجيرات والنباتات الصحراوية الأخرى.
وبدأت محطة توليد الكهرباء المحلية في العمل مرة أخرى ولكنها تنتج خمسة ميجاوات فقط، وهو ما يقل كثيرا عن طاقتها البالغة 160 ميجاوات قبل الحرب.
والنازحون ليسوا وحدهم من يعتمدون على المساعدات.
ويقول عاملون في محطة الكهرباء المحلية التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء إن المدير الإداري للمحطة يدفع الأجور شهريا، لكن خلال العام الماضي خُفضت رواتبهم إلى 24 ألف ريال يمني (حوالي 40 دولار) نزولا من 60 ألف ريال.
ولا يزال الصيد، وهو المصدر الرئيسي لدخل غالبية السكان المحليين، خاضعا لموافقة قوات التحالف. وقال عدد من الصيادين لرويترز إن التحالف سمح لهم بالإبحار مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع.
وقال قائد في قوات التحالف إنه في بعض الأحيان لا يُسمح للصيادين بالخروج إلى البحر ”لأسباب أمنية“.
وقال أحد الصيادين بينما كان ينتظر في طابور للحصول على المساعدات التي يوزعها الهلال الأحمر الإماراتي ”على الأقل، لم يكن عند الحوثيين مشكلة مع قواربنا“.