[ لماذا تخلى التحالف العربي عن الشرعية بعدن؟ ]
بعد نحو ثلاث سنوات من القتال لاستعادة صنعاء من الحوثيين، تعرضت الحكومة اليمنية الشرعية مؤخرا إلى "طعنة من الخلف" عندما فقدت معظم مدينة عدن التي تتخذها عاصمة مؤقتة، والتي سيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم من الإمارات، العضو الرئيسي بالتحالف العربي لدعم الشرعية.
ومنذ إقالته من منصبه محافظا لعدن يوم 27 أبريل/نيسان الماضي، لجأ عيدروس الزبيدي إلى تشكيل المجلس الانتقالي في ما تشبه حكومة ظل لإدارة المحافظات الجنوبية والشرقية التي خرجت من سيطرة الحوثيين، وظل أشهرا عدة يلوح بتشكيل مجلس عسكري جنوبي.
استثمر المجلس تردي الخدمات بالجنوب لإسقاط الحكومة، ودعا أخيرا أنصاره للزحف من كافة المحافظات إلى عدن، وسرعان ما تطوّر الأمر إلى مواجهة مسلحة مع قوات الحماية الرئاسية، وخلال يومين سيطرت قوات المجلس على معظم المدينة وحاصرت قصر معاشيق الرئاسي في حي كريتر.
دعا التحالف العربي إلى هدنة دون أن يدين صراحة تحرك الجنوبيين، ووقعت الحكومة مع المجلس الانتقالي فجر الثلاثاء على الهدنة، لكن قوات المجلس لم تلتزم بها، الأمر الذي اعتبرته الحكومة خيانة.
وأكد ناشطون وإعلاميون أن الطائرات الإماراتية دعمت قوات المجلس الانتقالي بقصفها القوات الحكومية، ولم تعلن الحكومة ذلك صراحة مكتفية بالقول على لسان متحدثها راجح بادي إن "مليشيات المجلس الانتقالي هاجمت مقر اللواء الرابع بأسلحة نوعية حديثة لا يُعرف مصدرها".
موقف السعودية
كان أنصار الحكومة الشرعية يدركون حجم دعم الإمارات للمجلس الانتقالي، لكنهم كانوا يراهنون على موقف سعودي مضاد، ومع أن الإعلام السعودي وصف أحداث عدن في البداية بأنها تمرد، فإنه تجاهل في اليوم التالي اجتماع الرئاسة اليمنية الذي اعتبر أحداث عدن انقلابا.
ويبدو أن الرؤية السعودية قد توافقت مع الرؤية الإماراتية بشأن شرعية الرئيس هادي وحكومته، ووفقا لمصدر حكومي فقد خططت الإمارات لأحداث عدن قبل قرابة سبعة أشهر، إذ طالبت بنقل الحماية الرئاسية إلى خارج عدن، وهو ما رفضه هادي آنذاك.
ويرى الكاتب اليمني جمال حسن أن التحالف لم يكن حاميا للشرعية من الأساس، وأنه أدار اللعبة وفق مصالحه الخاصة، حتى إنه لم يساعد الحكومة الشرعية على العودة إلى عدن، بل أبقاها مرهونة لديه في الرياض.
ورأى مصدر دبلوماسي عربي -طلب عدم ذكر اسمه- أن السعودية صارت توافق الإمارات على تقسيم اليمن إلى إقليمين فدراليين، الأول في الشمال برئاسة أحمد علي عبد الله صالح، وذلك لحماية حدود السعودية من الحوثيين، والثاني برئاسة الزبيدي، على أن يبقى هادي رئيسا صوريا للفدرالية.
ويستند المصدر في هذا التفسير لرؤية أفصح عنها اللواء السعودي المقرب من دوائر الحكم أنور عشقي في تغريدة نشرها الثلاثاء، تعكس على ما يبدو قناعة سعودية بأن هذا المخطط هو الحل الأمثل لمواجهة الحوثيين والقضاء عليهم بكيانين بدلا من كيان واحد.
ولعل ما يعزز هذه الرؤية تصريح الزبيدي قبل يومين، إذ كشف أن الجنوبيين سيساندون بقوة أبناء الرئيس الراحل علي عبد الله صالح لتحرير الشمال من الحوثيين، وهو الذي كان يرفض حتى وقت قريب دخول طارق صالح ابن شقيق الراحل إلى عدن.
ويتهم مراقبون التحالف بتسليح فصائل خارجة عن سيطرة الحكومة الشرعية، مثل الحزام الأمني في عدن، وقوات النخبة الشبوانية في شبوة، وقوات النخبة الحضرمية في حضرموت، حيث يتقاضى كل عنصر فيها ثلاثة أضعاف راتب العنصر بالقوات الحكومية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات بعيدة المدى في اليمن.