[ أبو العباس شيخ سلفي من تعز تدعمه الإمارات ]
اتهمت وثيقة أممية سرية عادل فارع المكنى "أبو العباس" بالسماح لتنظيم القاعدة بالانتشار في تعز. وبما أنه حليف للإمارات، تطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين أهداف التحالف العربي وأجندة أبو ظبي في اليمن.
وأبو العباس سلفي التوجه، ارتبط اسمه خلال مراحل صراعه مع الحوثيين بقائد الجبهة الشرقية في مدينة تعز، وبرزت شخصيته بعد تشكيلة مجموعة مقاتلة من داخل الحركة السلفية عرفت بكتائب "حُماة العقيدة" وحظيت بدعم عسكري ومالي إماراتي كبير مكّنها في غضون أشهر من تصدر المشهد بالمدينة.
وقبل أيام قليلة، أشارت وثيقة سرية أعدها فريق خبراء تابع للجنة العقوبات الدولية في الأمم المتحدة إلى أن الصراع باليمن عزز دور شخص اسمه أبو العباس يتلقى دعما مباشرا من الإمارات سمح بانتشار القاعدة لتعزيز قواته وتقييد نفوذ حزب الإصلاح في محافظة تعز وسط البلاد.
وثيقة
وحصلت الجزيرة نت على وثيقة تؤكد نفوذ القاعدة إلى جانب معلومات تفسر علاقة الرجل بالإمارات، والتي بدأت عقب إعلان التحالف العربي الاتجاه نحو تحرير تعز من قبضة مسلحي جماعة الحوثي المسنودين بقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
والوثيقة رسالة رسمية من إحدى المحاكم التي أنشأها تنظيم القاعدة مؤخرا ضمن عدد من أقسام الشرطة للقيام بدور الدولة في الاحتكام والتقاضي داخل أحياء مناطق الجبهة الشرقية بتعز، وهي الجغرافيا المشتركة بين جبهة أبو العباس ومناطق تمركز التنظيم بمدينة تعز.
وذيلت الوثيقة بختم وتاريخ قاضي أنصار الشريعة "تنظيم القاعدة" في محافظة تعز، وهي موجهة إلى إدارة البحث الجنائي بالمحافظة للمطالبة بالإفراج عن أحد المواطنين المعتقلين لديه بناء على شكوى تقدم بها أقارب المعتقل إلى قاضي محاكم التنظيم.
ويُعد فصيل حُماة العقيدة بقيادة أبو العباس التشكيل العسكري الوحيد في تعز الذي يمتلك مدرعات عسكرية متطورة حصل عليها من الإمارات، كما حظي بدعم مالي مكنه لاحقا من استقطاب مقاتلين من خارج الحركة السلفية بينهم عناصر محسوبة على تنظيم القاعدة.
ويقول منير المحجري، وهو ناشط سياسي في تعز، إن التحالف حين أعلن معركة تحرير تعز شرع بواسطة الإمارات بدعم جماعة أبو العباس بالتوازي مع الجيش الوطني، لكن الأمر لم يوقف عند تقديم الدعم مناصفة، بل تجاوز ذلك لاحقا وأصبح كل الدعم المقدم ماليا وتسليحا وتغذية للجيش يمر عبر أبو العباس.
وفي وقت سابق، أشاد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش بالجبهة الشرقية ودورها القتالي، وهي جبهة أبو العباس السلفية، وفي ذات التصريح هاجم قرقاش جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب الإصلاح، واتهمه بالتآمر وتعطيل عملية تحرير تعز، وفق قوله.
ومؤخرا، شكلت مناطق الجبهة الشرقية بقيادة أبو العباس في محافظة تعز محضنا لعدد من الشخصيات المحسوبة على القاعدة "أنصار الشريعة" سواء ممن التحقوا بالجبهة من أبناء المحافظة أو القادمين من محافظات أخرى وجدت في المقاومة السلفية مظلة منحها فرصة للتماهي معها والتخفي في آن واحد.
ولم تقتصر جبهة أبو العباس على احتواء العناصر الهامشية من تنظيم القاعدة، بل تعدت ذلك إلى احتواء قيادات ذات وزن تنظيمي وعسكري رفيع المستوى، خصوصا بعد تبني الانقلابيين منتصف العام الماضي إطلاق العشرات من قيادة التنظيم من سجون جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في صنعاء.
كسب التعاطف
وتم ذلك على ثلاث مراحل ضمن صفقات تبادل للأسرى بين الحوثيين والقاعدة في حضرموت، الأمر الذي هيأ الأجواء لحركة تنقل جديدة لقيادات التنظيم ومعاودة نشاطها بعيدا عن أي ملاحقات أمنية، ووجد عدد منهم في جبهة أبو العباس مأوى لاحتضانهم وثغرة يمكن النفاذ منها في إعادة التموضع والانتشار وتعزيز النفوذ.
ومن بين هذه القيادات أحد المقربين من أبو العباس، وقد تم إيقافه في سجن الأمن السياسي قبل أربع سنوات على خلفية مقتل المدرس الأميركي جويل ويسيليا شارم، وأفرج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى واستقر به المقام لدى أبو العباس، كما تقول المعلومات.
ونظرا للخبرة القتالية المكتسبة لدى عناصر التنظيم وقدرتهم على التخطيط للمعارك مقارنة بحديثي العهد داخل الحركة السلفية في المقاومة بقيادة أبو العباس، فقد تصدرت معظم الشخصيات المحسوبة على القاعدة الواجهة، وانضم إليها عدد من شباب مدينة وأرياف تعز.
ووفق الناشط المحجري، فإن كسب القاعدة تعاطف عدد من الشباب مكن التنظيم توسع نفوذه وتجنيد عناصر جديدة "ترى المعركة مع الحوثيين دينية وليست سياسية بفعل التغذية العقدية للسلفية، بالإضافة إلى انضمام الهاربين لاحقا من سجن الأمن السياسي لصفوف كتائب أبو العباس".
وقال للجزيرة نت "الكل يعلم بوجود عناصر من القاعدة في صفوف المقاومة تحت عباءة أبو العباس، لكن لا يمكن لأحد أن يستهدفها لأن ذلك يعتبر استهدافا لكتائب أبو العباس، وهذه النقطة بالتحديد خلقت مشاكل متكررة بين الجيش الوطني في تعز وبين أبو العباس".
وأضاف المحجري "لعل رفض الاندماج في صفوف الجيش الوطني كان بسبب وجود تلك العناصر في صفوفه، ومع هذا لم تلزمه الإمارات -وهي الداعم الرسمي له- بالتخلي عن هذه العناصر رغم ضجيج الإعلام حولهم، مما يؤكد أن وجودهم مع صمت الإمارات متفق عليه لهدف معين وغير معلن".