[ احد مهرجانات الحراك الجنوبي - عدن ]
بعد شهر ونصف الشهر من تشكيله، فإن السؤال الذي يواجه "المجلس الانتقالي" في جنوب اليمن، ليس تخليه من عدمه عن نزعته الانفصالية تحت ضغط سعودي، بل ما ستكون عليه فاعليته في الملعب السياسي.
ويعود تشكيل هذا المجلس بالأساس إلى إقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي لمحافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، لكن مساعيه التي شملت تقليد تجربة الحوثيين في الشمال بفرض نفسه كسلطة أمر واقع، اصطدمت بمعارضة السعودية.
واليوم، دخل المجلس، وفقا لمراقبين، حالة أشبه بمرحلة "الموت السريري"، مع مغادرة أبرز قياداته الـ 26 إلى الرياض بناء على دعوة من المملكة التي تجاهر بدعمها للحكومة الشرعية ضد أي دعوات انفصالية.
وجاءت الدعوات السعودية لقادة المجلس لـ "التشاور"، إثر استغاثة من رئيس الحكومة الشرعية أحمد عبيد بن دغر، مهدت أيضا لعودة الحكومة الشرعية والمحافظ الجديد عبد العزيز المفلحي إلى عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد.
وكان ناصر الخبجي محافظ لحج والقائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي، آخر المغادرين، من بين القادة الجنوبيين البارزين في المجلس، إلى الرياض، الإثنين الماضي، بعد رفضه للدعوة سابقا.
ورافق عيدروس الزبيدي، محافظ عدن المقال، الخبجي في رحلته إلى السعودية، التي لم تتضح بعد خططها حول المجلس، لكن مصادر في الحراك الجنوبي قالت للأناضول إنها ترتكز على "تحويل المجلس إلى كيان سياسي فقط".
وقبيل وصول "الخبجي"، كان محافظ حضرموت عضو المجلس المقرب من أبو ظبي اللواء أحمد بن بريك، قد وصل إلى الرياض رفقة محافظ سقطرى سالم السقطري، فيما وصل محافظ المهره محمد عبد الله كده منفردا الأسبوع الماضي.
ومحافظ حضرموت الذي كان قد قضى عدة أسابيع في أبو ظبي، من بين أكثر قادة المجلس الذين تحركهم نزعة انفصالية، إذ سبق وأن دعا إلى تشكيل "إقليم حضرموت" بشكل مستقل، قبل أن ينخرط في المجلس الانتقالي مطالبا بـ "إقليم جنوبي" لكافة مدن الجنوب، مقابل إقليم شمالي.
غير أن دعوات الرجل حظيت بمعارضة قوية من الحكومة، بوصفها أقرب إلى التجربة الانفصالية التي طويت في 1990، العام الذي توحدت فيه البلاد مرة أخرى.
ووفقا لمصادر في الحراك الجنوبي، فإن دعوة الرياض لمحافظ حضرموت الذي كان قد صرح بأن محافظته "ستحتضن أول اجتماع للمجلس الانتقالي بكامل قوامه"، كانت بهدف التحقيق معه في قضايا فساد.
وأبلغت هذه المصادر الأناضول أن هناك "قيادات في التحالف العربي كانت غاضبة من أحمد بن بريك، على خلفية اتهامات بتحويله كافة الحسابات البنكية للمؤسسات الإيرادية بحضرموت إلى اسمه الشخصي".
ولم يتسن الحصول على تعليق من محافظ حضرموت على هذه الاتهامات.
ويرى مراقبون أن الرياض نجحت حتى الآن في "تحييد" المجلس الجنوبي، الذي يمثل التحدي الأبرز، بعد تحدي الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق على عبد الله صالح.
وكان قادة في المجلس الانتقالي قد لمحوا عقب تشكيله في مايو الماضي، إلى تشكيل "مجلس عسكري" يكون ممثلا لمدن الجنوب، ويمهد لـ "استعادة دولة الجنوب".
وفي تعليقه للأناضول، قال الناشط السياسي الجنوبي باسم الشعبي إن" توجه السعودية في دعم الحكومة الشرعية واضح، وأعتقد أنها ستقوم بتذليل كافة الصعوبات أمامها في القريب العاجل".
وأضاف الشعبي الذي يرأس مركز "مسارات للاستراتيجيا والإعلام"، غير الحكومي، أن "المجلس الانتقالي جاء في توقيت غير مناسب، وهو لا يخدم توجهات المملكة في استعادة الشرعية باليمن، ويبدو أن السعودية قامت بالتنسيق مع الإمارات مؤخرا من أجل البحث عن حلول ناجعة لهذه الأزمة".
ويعتقد الرجل أن من أبرز تلك الحلول "احتواء أو تجميد عمل المجلس في هذه المرحلة، وإيجاد صيغة لإشراك الجميع في إطار السلطة الشرعية، للمساهمة في استعادة الدولة اليمنية وهزيمة الانقلاب".
*الأناضول