لا تزال مشاهد اللاجئين الذين قضوا غرقا على شواطئ اليونان هربا من جحيم الحرب في سوريا تسيطر على مخيلة الفنانة التشكيلية عُلا الشريف وزملائها، الذين فضلوا أن تكون مشاركتهم تمثل هذه المشاهد خلال رسم أطول جدارية في غزة تعبر عن اليوم العالمي للشباب.
وحطم خمسون فنانا من الشباب الرقم القياسي الفلسطيني برسمهم أطول جدارية في غزة تعبر عن الشباب في اليوم العالمي للشباب بطول مئة متر، تحت شعار الشباب والمشاركة والمدينة، والتي نظمتها مجموعة منظمات الأمم المتحدة الخاصة بالشباب أمس الأربعاء.
البحث عن الحياة
وتمثل اللوحة الجدارية التي رسمتها الفنانة عُلا وزميلاتها "الشباب الخريجين الذين اصطدموا بواقع البطالة في قطاع غزة فتوجهوا للبحر بعد إغلاق كل المنافذ في وجههم للسفر إلى أوروبا أملا في الحصول على حياة أفضل، ليكون الغرق مصيرهم".
وراودت عُلا فكرة اللوحة من الواقع المعاش حاليا، ومن المشاهد التي امتلأت بها شاشات الفضائيات والإنترنت حول "الهاربين" من جحيم الحروب في الوطن العربي، خاصة السوريين والفلسطينيين في سوريا.
وتقول عُلا للجزيرة نت "اللوحة عبارة عن موجة بحر لا تظهر منها سوى أيادٍ تمثل الشباب الذين ركبوا البحر بحثا عن حياة أفضل، إضافة إلى جواز السفر وشهادة التخرج من الجامعة التي طفت على سطح المياه.
وتضيف "أردنا إيصال صوت الشباب عبر هذه اللوحة، وأن من حق هؤلاء الشباب أن يعيشوا بكرامة، وأن يجدوا حياة كريمة بعيدا عن خطر ركوب البحر والموت في أعماقه".
كما اختار الفنان الفلسطيني خالد عيسى من مجموعة "مخيم" رسم لوحة "صرخة" الشباب التي تعبر عن هموم الشباب الفلسطيني ومطالبه بالحق في الحياة الكريمة.
وقال عيسى للجزيرة نت إن "جدارية "صرخة" تتحدث عن وضع الشباب الفلسطيني، الذين يمثلون أعلى شريحة في المجتمع، بهدف لفت الانتباه إليهم والمطالبة بحقوقهم العادلة والكريمة، وحقهم في السفر والمشاركة السياسية وحرية التعبير".
وأوضح الفنان أن اللون الأسود -الذي يمثل الشباب- يشير إلى الواقع المظلم الذي يعيشونه في ظل الحصار والبطالة ومستقبلهم المجهول، أما اللون الأصفر فيشير إلى النور الذي هو صرخة الشباب وأمله في الحصول على حقه.
التغيير بالفن
من جهته، قال رئيس الاتحاد العام للمراكز الثقافية يسري درويش إن الرسالة الأولى التي أراد القائمون على الفعالية إيصالها هي أن "شعبنا الفلسطيني بحاجة إلى العمل الجمعي وليس الفردي للخلاص من مشاكله، وهذا ما تمثل في رسم خمسين فنانا جدارية مشتركة تتضمن عدة لوحات تعبر عن واقع الشباب وهمومهم وآلامهم".
وأكد درويش أن الفنانين قادرون على التعبير عن همومهم وطموحاتهم ومعاناتهم، مشيرا إلى أن الجدارية أريد لها أن تعكس مشاركة الشباب، من أجل المطالبة برفع الحصار وحق المشاركة السياسية والتعبير عن الرأي وخلق فرص عمل لهم.
وقال المنسق الفني للجدارية شريف سرحان إن الهدف من هذا العمل الجداري هو ترك مساحة للشباب للتعبير عن أنفسهم، ومحاولة نقل الفن للشارع الفلسطيني.
ورأى سرحان أن الفن نوع من أنواع الرسائل المهمة في العالم، فكثير من الناس لا يعتنون بالسياسية ولا يبحثون سوى عن الفن الذي يكون بالنسبة لهم مصدر التغيير، وهي شريحة ليست بسيطة، ويمكنها أن تؤثر -ولو بقدر يسير- على صناع القرار.
وأكد سرحان أن شباب غزة لديهم طاقات عالية جدا، ويملكون الحس الإنساني الذي يمكّنهم من التعبير عن قضيتهم وهمومهم وآمالهم والمطالبة بحقوقهم التي حُرموا منها بسبب الاحتلال والظروف السياسية المختلفة.