[ الرئيس هادي خلال حضوره قمة العرب الأخيرة في البحر الميت ]
أصيب اليمنيون بإحباط شديد جراء تهميش القمة العربية المنعقدة في منطقة البحر الميت في الأردن، حالة الحرب المستعرة في اليمن منذ أكثر من سنتين، وعدم إيلاءها الاهتمام الذي كانوا يتوقعونه منها لوضع مشاريع جديدة للحل بعد وصول كافة المقترحات والمشاريع إلى طريق مسدود.
واعتبرها اليمنيون نسخة مكررة من القمم السابقة التي كانت تتعامل مع الشأن اليمني بتهميش كبير، غير أنهم كانوا هذه المرة يتوقعون أن تكون هذه القمة نوعية وتحقق تقدما في الاهتمام بالشأن اليمني خاصة وأنه يعاني من ويلات الحرب الراهنة في ظل انسداد الأفق أمام أي محاولات للحلول السياسية أو إحداث خرق في جدار الأزمة اليمنية.
ورغم أن القضية اليمنية شغلت حيزا كبيرا في كلمات ومداولات القمة وكسبت موقعا متقدما في بيانها الختامي، غير أن كل هذه الأمور في نظر العديد من اليمنيين لا تعدو أن تكون مجرد ذرّ الرماد في العيون لإسقاط الواجب، من قبيل الإجراء البروتوكولي للحديث عن القضايا الملتهبة في المنطقة وعرض رؤية كل بلد حيالها.
وكان اليمنيون يطمحون من الحضور الكبير والنوعي للزعماء العرب وتوقيتها ومكان انعقادها الدفع بقوة نحو الخروج بمقترحات جمعية ناجعة وحلول سياسية للأزمة في اليمن وإجبار مختلف الأطراف للالتزام بها، لأنها لم تعد مجرد أزمة أو قضية محــلــية، بـــقــدر ما تمس أمن واستقرار المنطقة العربية برمتها وفي مقدمتها دول شبه الجزيرة العربية.
وشعر اليمنيون بعدم الارتياح من الإشارة العابرة في بيان القمة الختامي للحرب اليمنية بجملة محدودة المساحة لا تتعدى ثلاثة أسطر والتي انحصرت في مباركة الجهود الحالية، قالت فيه "نساند جهود التحالف العربي دعم الشرعية في اليمن وإنهاء الأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216 عام 2015 وبما يحمي استقلال اليمن ووحدته ويمنع التدخل في شؤونه الداخلية، ويحفظ أمنه وأمن دول جواره الخليجية، ونثمن مبادرات إعادة الإعمار التي ستساعد الشعب اليمني الشقيق في إعادة البناء".
الأسوأ بين دول المنطقة
وتضاعف الإحباط اليمني مع تأكيد القمة ذاتها أنها "التأمت في ظرف عربي صعب، فثمة أزمات تقوض دولا وتقتل مئات الألوف من الشعوب العربية وتشرد الملايين من أبناء أمتنا لاجئين ونازحين ومهجرين"، وأن الوضع اليمني يعد من الأسوأ بين دول المنطقة التي تعاني الحروب وحالات الاقتتال نظرا لأنها حرب منسية.
وفي نظر العديد من المحللين السياسيين اليمنيين اكتفى البيان الختامي بالإشارة إلى الحرب اليمنية على قدر مصالحهم منها، كما هو الحال في خطابات القادة والزعماء العرب الذين تفاوتت إشاراتهم للقضية اليمنية من منظور حجم مصالحهم ومن مستوى علاقتهم باليمن والمصالح المرجوة من الاستقرار فيه وليس من قبيل الهم العربي الواحد والمصالح المشتركة للجميع، التي قد يكون اليمن حجر الزاوية في أي استقرار منشود في المنطقة.
واعتبروا عدم التطرق أو تبني آليات عملية لإنهاء الحرب عبر الأطر السياسية أو أي وسيلة ناجعة لوضع حد لحالة الاحتراب التي أتت على الأخضر واليابس وأدخلت المواطنين اليمنيين في أزمة معيشية غير مسبوقة وتنذر بحلول مجاعة محدقة، وفقا لتقارير الأمم المتحدة التي أطلقت صفارات الإنذار مرارا حيال الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن.
وكان اليمنيون يتوقعون من القمة تبني مشاريع حلول أو خريطة طريق منافسة لنظيرتها التي تطرحها الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة والتي رفضت من مختلف أطراف الصراع في اليمن، بحيث تكون خريطة الطريق العربية واقعية وعملية ومقبولة من جميع الأطراف وتسهم في الحل الجذري للمشكلة اليمنية وليس فقط مجرد طرح الحلول الآنية والمهدئة.
وبعد عامين من الحرب المدمرة في اليمن كان اليمنيون يتطلعون إلى خطة مارشال عربية عبر هذه القمة، لإنقاذ اليمن مما آلت إليه الأوضاع فيه، ومد يد العون إليه ودفع سفينة نجاته إلى بر الأمان، قبل أن يغرق بمن فيه في بحر الأمواج المتلاطمة والدامية.
المصدر: القدس العربي