[ مليشيات الحوثي وصالح ]
يتصاعد في اليمن قلق بالغ من احتمال أن يدفع انسداد أفق الحل السياسي وغياب الحسم العسكري المجتمع الدولي إلى الاعتراف بــ"سلطتين" في اليمن، إحداهما هي الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن ومدن الجنوب والشرق، والأخرى هي حكومة "الإنقاذ الوطني" في العاصمة صنعاء ومناطق الشمال والغرب.
ومنذ إعلان الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، ما تسمى بـ"حكومة إنقاذ وطني" في صنعاء، الشهر الماضي، تتزايد التحذيرات في اليمن من احتمال أن تطيل هذه الخطوة أمد الصراع وتعمق الانقسام، لاسيما وإن اعترف المجتمع الدولي بهذه الحكومة.
ويقلل مراقبون للشأن اليمني من أهمية إعلان هذه الحكومة، ويعتبرونها مجرد محاولة من تحالف الحوثي وصالح لتحسين شروط التفاوض مع الحكومة الشرعية، وإن تظاهر هذا التحالف بأنه غير مكترث بإيجاد حل سلمي ينهي الحرب الدائرة منذ سيطر مسلحوه على صنعاء يوم 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، ثم محافظات أخرى؛ بدعوى معاناتهم من تهميش اقتصادي وإقصاء سياسي.
وتستند هذه الرؤية إلى أن المجتمع الدولي لا يزال يعترف بـ"يمن موحد"، وأن اعترافه أو مجرد ضبابية موقفه من حكومة الحوثي وصالح سيظهره متناقضا مع قراراته وجهوده المتعلقة بإحلال السلام في اليمن، وربما يفجر مزيدا من الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.
لكن آخرين، ومنهم الحقوقي اليمني عبد الرشيد الفقيه، يرون أنه "إذا لم تنجز تسوية تنهي الوضع الشاذ القائم، فسيتعامل العالم والناس مع سلطتين على أرض الواقع، كل منها تحكم جانبا من الأراض اليمنية".
وفي حال تم الاعتراف بالسلطتين، وفق الفقيه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فإن "التقييم سيكون في النهاية لسلوك كل سلطة على المناطق التي تديرها وطريقة إدارتها لشأن الناس ومصالحهم، ولن ينظر إلى الشعارات واللافتات والإدعاءات".
ويستدل الفريق الثاني بانسداد مسار الحل السياسي، وفشل جولات التفاوض الثلاثة، التي رعتها منظمة الأمم المتحدة؛ ما قد يجعل المجتمع الدولي يفكر في حلول بديلة محتملبة، بينها الاعتراف بسلطتين.
ويخشى يمنيون من أن يكون إعلان حكومة الحوثي وصالح هو إعلان انفصال جزء من اليمن من طرف واحد، بحيث تدير هذه الحكومة "الجمهورية العربية اليمنية" (اليمن الشمالي قبل توحده عام 1990)، فيما تحكم الحكومة الشرعية ما كان يُعرف بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية"، والتي كانت تدير مدن الجنوب اليمني.
وتجاوز القلق من الاعتراف بحكومة الحوثي وصالح حدود اليمن، إذ أعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، عن خشيته من الاعتراف بحكومة الحوثي وصالح، لاسيما من قبل إيران، المتهمة بدعم الحوثيين ضمن صراع مع السعودية على النفوذ في اليمن ودول أخرى، منها العراق وسوريا ولبنان والبحرين.
فعلى حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، كتب قرقاش: "من سيعترف بالحكومة الانقلابية، التي أعلنت عنها مليشيا الحوثي وصالح؟.. إيران قد تعترف، أما المأزق الأكبر يبقى شرعنة التمرد".
وردا على إعلان حكومة الحوثي وصالح، اعتبرت الرئاسية اليمنية أن هذه الخطوة تمثل "تدميرا تدميرا وإنهاء للحوار والحلول السلمية".
وقال مصدر مسؤول في الرئاسية، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، إن هذه "خطوة تؤكد للعالم، ولكل من كان لا يزال ينظر بحسن نية لهذه الفئة المارقة، أنها جبلت على صنع الدمار وتمزيق المجتمع وإشعال الحروب".
ودعا المصدر الرئاسي اليمني المجتمع الدولي إلى "تحمل مسئولياته في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية؛ كونها الخارطة الأسلم لعودة الاستقرار إلى اليمن، والذي لن يكون راسخا إلا بزوال الانقلاب نهائيا".
ونددت المصدر اليمني المسؤول بما قال إنه "تراخي وتساهل" من قبل المجتمع الدولي "أغرى المليشيات الانقلابية، وصور لهم وكأن هناك قبولا دوليا بالانقلاب، ما دفعهم إلى مزيد من الخطوات الانقلابية".
وردا على سيطرة مسلحي الحوثي وصالح على محافظات يمنية عدة، أطلق تحالف عربي، بقيادة السعودية، عملية عسكرية يوم 26 مارس/ آذار 2015، بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي؛ لـ"دعم السلطة الشرعية في اليمن في مواجهة الانقلاب"، بحسب بيان للتحالف آنذاك.
وتحت وطأة الحرب أصبح 80% من سكان اليمن، البالغ عددهم حوالي 26 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب منظمة الأمم المتحدة، التي أضافت أن نحو مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية.
وأودى القتال الدائر في اليمن بحياة أكثر 10 آلاف شخص، وأصاب ما يزد عن 35 ألف آخرين بجروح، فضلا عن تسببه في نزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص داخل اليمن، ولجوء أكثر من 170 ألف إلأى خارج البلد العربي، وفقا لإحصاءات المنظمة الدولية.