التصنيف الأقسى للمنظمات الإرهابية.. كيف سيتعامل معه الحوثيون؟
- الحرة الجمعة, 24 يناير, 2025 - 10:18 صباحاً
التصنيف الأقسى للمنظمات الإرهابية.. كيف سيتعامل معه الحوثيون؟

[ مليشيا الحوثي - أرشيفية ]

اتخذت واشنطن موقفا أكثر صرامة تجاه الحوثيين، بإعادة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب وضعهم في التصنيف الأكثر تقييدا في قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" والتي تعرف اختصارا بـ (FTO).

 

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن قد وضعت في يناير من العام الماضي  الحوثيين، المدعومين من إيران، في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص" والتي تعرف اختصارا بـ (SDGT).

 

فما الفروقات بين (FTO) و(SDGT

 

المحلل الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن، محمد الباشا يشرح في حديث لموقع "الحرة" الفرق بين التصنيفين.

 

والولايات المتحدة لديها أدوات عقابية تكمل بعضها البعض، ولكل منها وظائف محددة، وحتى مزايا "إن جاز التعبير" على حد قوله.

 

وأوضح أن إدارة بايدن أدرجت الحوثيين في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص" وهي (SDGT) والتي تركز على تجميد الأصول وحظر المعاملات المالية، أي أنها اقتصادية أكثر وتديرها الخزانة الأميركية وفيها بعض الاستثناءات بالسماح بالمساعدات الإنسانية.

 

أما تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، فهي تشمل تجميد الأصول وحظر التعاملات، وما يشبه الحظر الاقتصادي، وتفرض عقوبات شديدة على من يحاول تجاوز هذه العقوبات، ويصدر عادة عن وزارة الخارجية،

 

ونوه إلى أن الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب يمثل توجيها للخارجية الأميركية، لكن عملية التصنيف الجديدة قد تستغرق أسابيع قبل دخولها حيز التنفيذ.

 

وأورد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب أن الحوثيين "شنوا هجمات كثيرة على بنى تحتية مدنية، بينها هجمات عدة على مطارات مدنية في السعودية"، بالإضافة إلى إطلاقهم "أكثر من 300 مقذوف على إسرائيل منذ أكتوبر 2023".

 

وزاد الباشا أن هذا التصنيف يجرم جميع أنواع التعاملات المالية أو الشخصية أو حتى تقديم الخبرات الفنية والتدريب أو المساعدة، والتي قد تشمل إجراء اتصالات مع الحوثيين أو أي أفراد من هذه الجماعة، من دون أي استثناءات.

 

وقال إن أخطر ما في هذا التصنيف على الحوثيين أنه "ينزع منهم أي جهود لإثبات شرعيتهم في اليمن، ولتصبح جهودهم السياسية والدبلوماسية من دون جدوى بعد أن أصبحوا منظمة إرهابية أجنبية".

 

كما أنه يسمح لأي "ضحايا متضررين من هجمات يشنها الحوثيون، برفع قضايا وملاحقتهم ضد الجماعة أو أي فرد منها"، ناهيك عن إجراء مراجعة للمساعدات الأميركية الإنسانية لليمن.

 

وفي أواخر إدارة ترامب الأولى، كان قد وضع جماعة الحوثي في تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية".

 

وكان الرئيس السابق بايدن وبعد توليه منصبه عام 2021 قد ألغى هذا التصنيف استجابة لمخاوف منظمات إغاثة من اضطرارها إلى الخروج من اليمن في ظل هذا التصنيف، باعتبار أنها ملزمة بالتعامل مع الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من البلاد بينها العاصمة صنعاء.

 

ماذا يعني التصنيف الجديد؟

 

المحلل السياسي والعسكري الأميركي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز يرى أن إدارة ترامب بفرضها هذا التصنيف تقول للحوثيين "إنها ستتعامل معهم بقسوة إذا ما استمروا في تهديد أمن البحر الأحمر أو المصالح الأميركية".

 

وأضاف لموقع "الحرة" أن ترامب يريد إثبات أن من قاموا برفع الحوثيين من هذه القائمة من الإدارة السابقة، كانت سياساتهم غير ناجحة في إدارة هذا الملف.

 

كما يريد ترامب العائد للبيت الأبيض أن يثبت أن "هذه الجماعة ما هي سوى دمية في يد إيران"، لذلك أي استهداف لهذه الجماعات يمثل استهدافا لطهران بطريقة غير مباشرة، وفق وايتز.

 

وبعد أسابيع من اندلاع الحرب في قطاع غزة في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، بدأ الحوثيون بشن هجمات استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن دعما للفلسطينيين على حد قولهم.

 

كما أعلنوا أن المصالح الأميركية والبريطانية تشكل "أهدافا مشروعة" لهم.

 

وردا على ذلك، أعادت إدارة بايدن العام الماضي إدراج الحوثيين، في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص"، وهو تصنيف أقل حزما يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

 

وفي بلد يسكنه 30 مليون نسمة، حذرت الأمم المتحدة قبل أيام أن الأزمة الإنسانية تتفاقم في اليمن حيث سيحتاج ما لا يقل عن 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، مبدية قلقها خصوصا على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية.

 

وقالت جويس مسويا نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أمام مجلس الأمن الدولي، أن "نحو نصف" سكان البلاد، أي أكثر من 17 مليون يمني، "لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية"، معربة عن قلقها بشأن "الأكثر تهميشا من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص".

 

مسار التهدئة والسلام

 

ويخوض الحوثيون في اليمن منذ العام 2014 نزاعا داميا مع القوات الموالية للحكومة اليمنية. وهم يتحدرون من شمال اليمن.

 

وسيطروا في بداية النزاع على العاصمة صنعاء ثم على مساحات شاسعة من الأراضي.

 

في مارس 2015، تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة المعترف بها دوليا.

 

وفي أبريل 2022، أدى وقف لإطلاق النار توسطت فيه الأمم المتحدة إلى تهدئة القتال، قبل أن تلتزم أطراف النزاع في ديسمبر 2023 بعملية سلمية.

 

وفي تصريح لموقع "الحرة" قال الباشا وهو مؤسس مجموعة "الباشا ريبورت" الاستشارية ومقرها واشنطن إن هذا التصنيف يضع مسار التهدئة والسلام في "منعطف صعب ومعقد للغاية".

 

ونوه إلى أن أي دبلوماسية لن تكون سهلة وسط العوائق القانونية، إذ قد يتخذها الحوثي ذريعة لوقف انخراطه في أي مفاوضات مع الوسطاء الدوليين، مع رفضه المسبق على التعامل مع الحكومة الشرعية المعترف بها.

 

بدوره، أشاد رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك بقرار الرئيس ترامب إعادة إدراج جماعة الحوثي في هذا التصنيف.

 

وقال بن مبارك في مقابلة مع "الحرة" إن "عدم الضغط على الحوثيين أطال أمد الأزمة في اليمن إلى أكثر من 10 سنوات".

 

ودعا الباشا لوضع خارطة طريق أممية، تتضح فيها سيناريوهات لليمن، أكان بوجود الحوثيين أو من دونهم، وتحديد السيناريو الأهم لليوم التالي لانتهاء الصراع.

 

من جانبه لا يعتقد المحلل السياسي وايتز أن هذا التصنيف سيؤثر على مسار السلام في اليمن، إذ أن المسار معطل، وسياستهم المماطلة وحتى عند اقترابهم من التوقيع على اتفاق سلام قبل 7 أكتوبر، وجهوا ضربات لخطوط الملاحة في البحر الأحمر، ما تسبب في تجميد المسار.

 

ويرى أن الحوثيين عليهم إدراك أن مهاجمة السفن والمصالح الأميركية سيكون له ردود فعل شديدة تجاههم، كما أن حالة الضعف التي تمر فيها طهران تنعكس عليهم بشكل مباشر.

 

من جهته، أكد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الذي زار صنعاء قبل أسبوع، على الحاجة "الفورية إلى خفض التصعيد وإلى التزام حقيقي بالسلام".

 

وأضاف أن "الحاجة إلى معالجة الأزمة في اليمن أصبحت أكثر إلحاحا لأن الاستقرار الإقليمي يتطلب، في جزء منه، تحقيق السلام في اليمن".

 

ويرجح المحلل الباشا أن الحوثيين في الفترة المقبلة سيصعدون من هجماتهم في البحر الأحمر ردا على وضعهم في تصنيف "المنظمات الإرهابية الأجنبية".

 

وزاد أن "المكون العسكري الحوثي المتشدد يتعامل مع هذا الأمر على أنه إعلان حرب"، ما قد يعني استهدافهم "للسفن والمصالح الأميركية، وحتى قد تعود هجماتهم على الإمارات والسعودية".

 

ويعتقد الباشا أن واشنطن لا تريد خوض أي حرب مباشرة مع الحوثيين، وهو ما أكده ترامب في تصريحاته المتكررة، لكن في حال تضرر المصالح الأميركية بسبب الحوثيين، قد نرى تغييرا في هذه السياسة.

 

وكانت الحكومة اليمنية الشرعية المدعومة من السعودية، قد نددت بهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مشيرة إلى أنها تعرض سكان اليمن أنفسهم للخطر.

 

هجمات الحوثيين برغم زعمها استهداف المصالح الإسرائيلية والأميركية في البحر الأحمر، إلا أن البيانات تكشف أن المتضرر الأكبر هو المواطن اليمني، حيث انزلق الملايين منهم إلى الفقر.

 

وبعد أن كانت التقديرات تشير إلى حاجة 18 مليون يمني إلى المساعدات، زاد العدد خلال عام واحد فقط ليصبح 19.5 مليون شخصا، أي انزلاق 1.3 مليون يمني إلى طبقة الفقراء المحتاجين للمساعدات الإنسانية.


التعليقات