حراك دبلوماسي مكثف لإحياء السلام في اليمن على وقع انهيار اقتصادي وغليان شعبي
- خاص الثلاثاء, 14 يناير, 2025 - 08:50 مساءً
حراك دبلوماسي مكثف لإحياء السلام في اليمن على وقع انهيار اقتصادي وغليان شعبي

عاودت الجهود الدبلوماسية حراكها بشكل مكثف بهدف إحياء عملية السلام المتعثرة في اليمن، على وقع انهيار اقتصادي غير مسبوق للعملة الوطنية بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية وتصاعد حدة الغليان العشبي تجاه تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار وانهيار الخدمات العامة.

 

يقترب سعر الدولار الواحد في العاصمة المؤقتة عدن إلى 2200 ريال يمني، فيما يقترب الريال السعودي إلى أكثر من 573 ريالا يمنيا، وسط غضب واستياء واسع في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومية الشرعية، حيث يتدهور الريال بهذا الشكل المتسارع، ويلقي بآثار عميقة على الوضع المعيشي والإنساني في البلاد، ويقضي على ما تبقى من قيمة شرائية للعملة المحلية، وهو الأمر الذي شهد إثارة ونقاش خلال اللقاءات الدبلوماسية والسياسية اليمنية والأطراف الدولية الفاعلة في المشهد اليمني.

 

بدأ الحراك الدبلوماسي الجاري المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، بزيارة للمنطقة استهلها من عمان التي تقود مع السعودية جهودا سياسية لعملية السلام في اليمن، توصلت لما يسمى بـ "خارطة الطريق" والتي أعلن عنها المبعوث الأممي في نهاية ديسمبر من العام الماضي، والتي هي الأخرى تجمدت عقب تصاعد الأوضاع في المنطقة بفعل الحرب المدمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023م.

 

المبعوث الأممي توجه مؤخرا إلى عمان والتقى مسؤولين عمانيين وقيادات في جماعة الحوثي بينها ناطق الجماعة محمد عبدالسلام، بهدف مواصلة الجهود الرامية لتحقيق السلام وإنهاء الحرب في البلاد.

 

وعقب زيارة غروندبرغ لعمان، توجه بشكل مفاجئ إلى صنعاء التي لم يزرها منذ قرابة عامين، حيث كانت الجماعة ترفض استقبال المبعوث الأممي وتتهمه بالتواطؤ مع السعودية والحكومة الشرعية، غير أن غروندبرغ الذي وصل إلى صنعاء لم يلتقي بزعيم الحوثيين أو قيادات حوثية عليا، وهو ما يعكس عدم التفاعل من قيادات الجماعة مع زيارة المبعوث الأممي، حيث التقى بوزير خارجية الحوثيين جمال عامر ورئيس الحكومة غير المعترف بها دوليا أحمد غالب الرهوي.

 

وتوجه غروندبرغ إلى طهران، ضمن جهوده الهادفة للضغط على الحوثيين للتجاوب مع مساعيه الهادفة لإحلال السلام وقبل ذلك للإفراج عن الموظفين الأمميين المختطفين في صنعاء وموظفي بقية المنظمات الدولية.

 

اليوم الثلاثاء، التقى غروندبرغ في الرياض، رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، والذي جدد تمسك الحكومة بنهج السلام الشامل، والعادل بموجب المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً والمؤيدة إقليمياً ودولياً.

 

وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن رئيس الوزراء، اطلع من المبعوث الاممي، على نتائج زياراته الإقليمية والدولية واتصالاته الاخيرة من اجل الدفع باتجاه احياء العملية السياسية، والخيارات المطروحة لدفع جماعة الحوثي وداعميها في إيران للتعاطي الجاد مع جهود السلام.

 

وناقش اللقاء، الدعم الاقليمي والدولي المطلوب لإسناد جهود الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، والتي ضاعفتها الحرب الاقتصادية الممنهجة لجماعة الحوثي على الشعب اليمني واستهداف موانئ تصدير النفط الخام، اضافة الى استمرار التصعيد الحوثي ضد السفن التجارية والملاحة الدولية.

 

وتطرق اللقاء، إلى الانتهاكات المتصاعدة ضد المدنيين واخرها الجرائم الوحشية ضد اهالي قرية حنكة ال مسعود بمحافظة البيضاء، وضرورة إطلاق سراح الموظفين الأمميين والدوليين المختطفين.

 

ولفت رئيس الوزراء إلى أن أعمال التصعيد الحوثية، تهدف الى زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة والعالم وتهديد خطوط الملاحة الدولية وتقويض مبادرات وجهود التهدئة وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية.

 

بدوره، عبر المبعوث الأممي، عن تقديره للتعاطي الإيجابي للحكومة اليمنية مع جهود السلام، مؤكدا حرص الامم المتحدة على مضاعفة التحركات والجهود من اجل إطلاق عملية سياسية شاملة وخفض التصعيد وانهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن.

 

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التقى أيضا، اليوم الثلاثاء، في الرياض، بوزير الخارجية اليمني شلال الزنداني لمناقشة تطورات الأوضاع في الساحة اليمنية.

 

وبحسب وكالة سبأ الحكومية، أكد الزنداني على ضرورة ممارسة الضغوط المطلوبة لدفع جماعة الحوثي نحو التعاطي الجاد مع مساعي السلام، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، وإطلاق سراح المعتقلين التابعين للمنظمات الدولية والمحلية والبعثات الدبلوماسية، مشيرا إلى تداعيات الجريمة التي ارتكبتها جماعة الحوثي بحق المدنيين الأبرياء والممتلكات المدنية في قرية الحنكة بمحافظة البيضاء وسط اليمن.

 

وطالب الزنداني، الأمم المتحدة بـ"إدانة هذه الأعمال الإجرامية وضرورة وقف تصعيدها العسكري ووضع حد لسلوكياتها العدائية"، مجددا "تأكيد حرص القيادة السياسية على التعاطي الإيجابي مع كافة الجهود الأممية والإقليمية، بهدف الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تضمن إنهاء التمرد واستعادة مؤسسات الدولة، استنادًا إلى المرجعيات المعتمدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار 2216".

 

الرئاسي يطالب بمواقف دولية رادعة للحوثيين

 

وفي ذات السياق، دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبدالرحمن المحرّمي، المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية إلى اتخاذ خطوات أكثر ردعاً ضد جماعة الحوثي، والعمل على وضع حد لممارساتها وانتهاكاتها في البلاد الغارقة بالحرب منذ عشر سنوات، وذلك خلال لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبدالرحمن المحرّمي، مع السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، لمناقشة مستجدات الأوضاع في اليمن، والتطورات الإقليمية.

 

وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن اللقاء بحث جملة من التحديات الاقتصادية والخدمية التي تواجه الشعب اليمني جراء استمرار التهديدات الحوثية على المنشآت الحيوية في اليمن، بإضافة إلى استهداف الميليشيا المستمر لخطوط الملاحة الدولية، وما يترتب على ذلك من تداعيات كارثية على بلادنا والمنطقة بشكل عام.

 

وأضافت أن عضو مجلس القيادة الرئاسي المحرمي، أطلع السفير الأمريكي على المستجدات المحلية بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي يقودها المجلس والحكومة، مؤكدا على أهمية الدعم الدولي لهذه الجهود لإجراء المزيد من الإصلاحات، ومكافحة الفساد، وتعزيز بناء مؤسسات الدولة، والتخفيف من معاناة المواطنين.

 

بدوره، جدد السفير الأمريكي، موقف بلاده الداعم لجهود مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، والجهود المبذولة لإحلال السلام في اليمن، مؤكداً استمرار دعم الولايات المتحدة لليمن في مختلف المجالات، لا سيما في مواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية.

 

دعم فرنسي للحكومة والرئاسي

 

السفيرة الفرنسية، أكدت التزام بلادها بدعم مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة الشرعية، مؤكدة حرص فرنسا على مواصلة دعمها لليمن في مختلف المجالات، وبما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وذلك خلال لقاء وزير الخارجية وشؤون المغتربين شائع الزنداني، الثلاثاء، مع السفيرة الفرنسية لدى اليمن، كاترين قرم كمون.

 

 وبحسب الوكالة الحكومية، فقد تم استعراض، آخر المستجدات على الساحة اليمنية والعربية، والتحديات التي تواجه الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن والمنطقة.

 

مصر تناقش التصعيد الحوثي في البحر الأحمر

 

وفي ذات السياق، أكدت جمهورية مصر العربية، موقفها الداعم لأمن واستقرار اليمن وجهود الحكومة اليمنية للتعامل مع التحديات القائمة، وذلك خلال لقاء رئيس الوزراء، اليوم الثلاثاء، سفير جمهورية مصر العربية أحمد فاروق، بمناسبة انتهاء فترة عمله.

 

وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن اللقاء مع السفير المصري، استعرض آخر المستجدات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ومواقف البلدين تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك تصعيد جماعة الحوثي في البحر الاحمر ومضيق باب المندب واستمرار استهداف السفن التجارية والملاحة الدولية.

 

كما تم مناقشة أهمية الترتيب لانعقاد اللجنة العليا اليمنية- المصرية، وتفعيل عملها لتقوية أواصر الشراكة والتعاون في مختلف الجوانب.

 

بريطانيا تؤكد دعمها جهود السلام

 

السفيرة البريطانية، جددت الثلاثاء، التزام بلادها بمواصلة جهودها الدبلوماسية والسياسية لدعم إحلال السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني، وذلك خلال لقاء السفيرة مع وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني.

 

وقالت الوكالة الرسمية الحكومية، إن اللقاء ناقش آخر التطورات في اليمن والمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى تحقيق سلام دائم ومستدام.

 

وتطرق الوزير الزنداني، الى التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي المرتقب في نيويورك الأسبوع المقبل، الذي يهدف إلى حشد الدعم السياسي والاقتصادي لليمن، وتعزيز دعم الحكومة ومؤسساتها لتحسين الخدمات الأساسية ومعالجة التحديات الاقتصادية، مشيدا بدور المملكة المتحدة لعقد المؤتمر الدولي، والجهود التي تبذلها بريطانيا في تقديم المساعدات الإنسانية التنموية ودعم العملية السياسية في اليمن.

 

تحديات تنموية

 

وفي موضوع متعلق بالمشاريع التنموية والخدمات في البلاد، والتي تشهد تدهورا كبيرا، بحث وزير الإدارة المحلية حسين الأغبري، الثلاثاء، بالعاصمة المؤقتة عدن، مع ممثلي مؤسسة برجهوف الألمانية، خطة المشاريع والبرامج التنموية للعام 2025م والداعمة للبناء والتأهيل المؤسسي للسلطات المحلية على مستوى المحافظات المحررة.

 

وبحسب وكالة سبأ الحكومية، فقد أشار الاغبري إلى العديد من التحديات التنموية والتمويلية التي تواجه الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات اليمنية، والتي هي بحاجة إلى دعم وتكاتف المنظمات الأممية لتجاوزها، مشيداً بالجهود التي تبذلها مؤسسة برجهوف الألمانية في تنفيذها للعديد من الانشطة والبرامج الخاصة بالحكم المحلي وبناء السلام والاسس الخاصة باللامركزية واللامركزية المالية والتنمية المحلية ونظام السلطة المحلية.

 

وأكد الوزير الاغبري، على أهمية التنسيق والتعاون المشترك وبذل الجهود لمساعدة السلطات المحلية في إدارة مؤسساتها ومكاتبها التنفيذية، والعمل على تعزيز الإيرادات وتنميتها وفقاً لقانون السلطة المحلية ولوائحه التنفيذية واعتماد مبدأ الشفافية والانتقال بعملية تنمية الموارد الى التحصيل الإلكتروني واتمتة الموارد، مجدداً استعداد الوزارة للتعاون والتنسيق المشترك وتذليل كآفة الصعوبات التي تواجهها المؤسسة في تنفيذ برامجها وأنشطتها التنموية.

 

بدورهم، استعرض ممثلو مؤسسة برجهوف الألمانية، طبيعة الانشطة والمهام المنفذة خلال الأعوام السابقة، ومشروع تعزيز التماسك الإجتماعي المزمع تنفيذه خلال العام الحالي 2025م كمرحلة أولى خاص بمحافظتي (عدن - ابين) والخاص بدعم قطاع المياه والبيئة، والاصطياد السمكي وسبل دعم المعيشة.. منوهاً بدور الوزارة للتنسيق والتخطيط لتنفيذ البرامج الهادفة لتأهيل وتدريب الكوادر البشرية للسلطات المحلية. 

 

تظاهرات حاشدة

 

داخليا، شهدت العاصمة المؤقتة عدن، تظاهرة حاشدة هي الثانية خلال أسبوعين، نظمتها النقابات العمالية، وشريحة واسعة من المعلمين وعدد من النقابات في مؤسسات الدولة، ومجلس تنسيق المتقاعدين.

 

ورفع المحتجون الذين تجمعوا في ساحة العروض بمديرية خور مكسر، في عدن، رفعوا لافتات معبرة عن مطالبهم بتحسين مرتباتهم وصرفها بإنتظام، ومعالجة التدهور الاقتصادي للعملة الوطنية، مطالبين بهيكلة المرتبات وإعادة قيمتها بما يعادلها بالعملة الصعبة كما كانت عليه قبل عام 2015، وإيجاد حلول عاجلة لمعالجة انهيار العملة وتدهور الخدمات الأساسية، وإلزام الحكومة بالوفاء بالتزاماتها تجاه أعضاء هيئة التدريس والموظفين.

 

وخاطب بيان التظاهرة الحكومة بالقول: "إن الاستمرار في تجاهل مطالبنا واحتياجاتنا المعيشية يعكس استهتاركم بمعاناة الناس. مطالبنا واضحة ومشروعة، وعلى رأسها إعادة صرف الرواتب بانتظام، تحسين الخدمات العامة، وهيكلة الأجور بما يتناسب مع الظروف المعيشية المتدهورة. إن تجاهلكم المستمر لن يقود إلا إلى تصعيد أكبر حتى انتزاع حقوقنا".

 

وحمل البيان، مجلس القيادة الرئاسي، مسؤولية التدهور الكارثي الذي تشهده الحياة اليومية، مشيرا إلى أن إصدار المذكرات والقرارات الخالية من التنفيذ لا يرقى إلى مستوى مواجهة الواقع، مطالبا المجلس القيادي بتحمل تبعات الفشل الجاري أمام الشعب وأن يكون على قدر المسؤولية الوطنية.

 

وطالب المحتجون، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه معاناة المواطنين الذين يواجهون سياسات الإفقار والتجويع المتعمد، مضيفين في بيانهم: "إن صمتكم عن هذه الانتهاكات المستمرة يمثل تواطؤًا غير مباشر مع من يعمقون أزماتنا. ندعوكم لاتخاذ موقف جاد لدعم حقوق هذا الشعب وضمان حقه في حياة كريمة بعيدًا عن المساومات السياسية".

 

ودعا المحتجون، التحالف لمراجعة دوره والتزاماته تجاه الشعب الذي لا يزال يعاني من أزمات متفاقمة، مؤكدا أنهم ينتظرون من التحالف خطوات حقيقية لإنقاذ الشعب من "الفساد المستشري وتردي الخدمات، بدلًا من التهاون مع من يعبث بمقدرات هذا الشعب".

 

وأكد البيان، على أهمية تحسين الخدمات الأساسية كالكهرباء، والمياه، والتعليم، والصحة بشكل عاجل، ووقف تدهور العملة المحلية ووضع برنامج اقتصادي شامل لمعالجة الأزمات الاقتصادية، مطالبا بإعادة تشغيل المنشآت الحيوية مثل مصافي عدن وميناء عدن لضمان الإيرادات ودعم الاقتصاد. 

 

وحذر البيان، كل الأطراف من موجة غضب شعبية ستجرف الجميع دون استثناء، مضيفا: "لن نصمت بعد اليوم أمام السياسات الفاشلة والفساد المستشري، وسنستخدم كل الوسائل المشروعة لانتزاع حقوقنا المسلوبة. هذه مرحلة اللاعودة، وستظل صرختنا "يا إما نكون أو لا نكون".


التعليقات