ممثل اليونيسف في اليمن: 48 بالمئة من الأطفال يعانون من التقزم
- متابعات الاربعاء, 21 أغسطس, 2024 - 07:12 مساءً
ممثل اليونيسف في اليمن: 48 بالمئة من الأطفال يعانون من التقزم

حذر بيتر هوكينز ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في اليمن، من تفاقم أزمة سوء التغذية بين الأطفال، خاصة مع استمرار النزاع والانهيار الاقتصادي، مشيرا إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد تجاوزت 30% في بعض المناطق، في حين يعاني 48% من الأطفال من التقزم، مما يعيق نموهم البدني والمعرفي. وحذر مما وصفها "بأزمة المستقبل" التي قال إنها تهدد اليمن.

 

أوضح هوكينز- في حوار مع موقع أخبار الأمم المتحدة - أن اليونيسف تعمل على توفير المساعدات الإنسانية العاجلة، مثل الغذاء والمياه النظيفة، للأطفال والأسر المتضررة، خاصة في المناطق التي شهدت فيضانات مدمرة مؤخرا، مشيرا إلى جهود اليونيسف في مكافحة الأمراض وتوفير اللقاحات، بالإضافة إلى دعم التعليم وإعادة تأهيل المدارس المتضررة.

 

وشدد على أن الحل الجذري يكمن في تحقيق السلام والاستقرار في اليمن، وتمكين الأطفال من الوصول إلى التعليم والخدمات الأساسية الأخرى. ودعا المجتمع الدولي إلى تكثيف الاستثمار في الاستجابة الإنسانية والعمل على إنهاء النزاع.

 

وأشار إلى أن هناك أزمة مستقبلية في اليمن تتجسد الآن، ونحن بحاجة إلى بذل المزيد لضمان أن يتمكن الأطفال من التعلم، وأن يصبحوا متعلمين، وأن يكونوا قادرين على المساهمة بشكل إيجابي في مستقبل هذا البلد.

 

وقال "نعم، إنها كارثة، 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، لكنها تخفي أيضا حقيقة أن هؤلاء الأطفال في المدرسة هم في مدارس تعاني من نقص الموارد والقدرات ومستويات سيئة من النسبة بين التلاميذ والمعلمين، وخاصة المعلمات".

 

نص الحوار:

 

يعاني الأطفال في اليمن من ارتفاع حاد في معدلات سوء التغذية، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. ما العوامل التي تتسبب في ذلك؟

 

أعتقد أن هناك ثلاثة عوامل تؤدي إلى سوء التغذية والذي هو شائع في جميع أنحاء اليمن. العامل الأول هو الصراع وعواقبه. العامل الثاني هو الانهيار الاقتصادي الذي ظل يحدث على مدى السنوات الثماني الماضية. لكن العامل الثالث والمهم للغاية في اعتقادي هو الانقسام الاجتماعي.

 

ظل الناس يتنقلون وتعطلت سبل عيشهم التقليدية. وما رأيناه، على سبيل المثال، في المسح الأخير الذي أجريناه في جنوب غرب البلاد، في جنوب الحديدة، هناك انهيار كامل تقريبا في نظام المياه في منطقتين.

 

لقد جفت الآبار أو أصبحت مالحة، وانكسرت الأنابيب ولم يتم إصلاحها. هناك ندرة حادة في المياه في هذه المرحلة. إلى جانب حقيقة أنه إذا ذهبت إلى هناك الآن، فلن ترى سوى الماء. هناك فيضانات في كل مكان.

 

المياه تنحدر من الجبال إلى السهول على الساحل الغربي وتفيض في كل مكان. هذا، إلى جانب حقيقة أن لدينا سوء تغذية حادا. يعاني 48 في المائة من الأطفال من التقزم. وهذا يعني أنهم يعانون من نقص المغذيات الدقيقة بما يحول دون نموهم بدنيا ومعرفيا. لذلك فإنهم يعانون من ضعف كبير. تمكنا على مدى السنوات التسع الماضية من إبقاء السكان على قيد الحياة.

 

وما رأيناه تدريجيا هو أن الوضع ازداد سوءا عاما بعد آخر، على مدى العامين أو الثلاثة أعوام الماضية وقد بدأ يبلغ ذروته. نرى مستويات سوء التغذية الحاد عند أكثر من 30 في المائة من السكان، وهو من أسوأ ما رأيت. وقد فاقم موسم العجاف من حدة ذلك.

 

نحن الآن في موسم العجاف الذي يستمر بين تموز/يوليو حتى تشرين الثاني/نوفمبر، ونتوقع أن يزداد سوء التغذية بشكل كبير. لقد قمنا بتخزين المساعدات الإنسانية مسبقا، وعملنا على أنظمة المياه، ونأمل أن نتمكن خلال هذه الفترة الزمنية من منع وقوع أي كارثة أخرى. ولكن العام المقبل، سيتعين علينا أن نكرر ذلك مرة أخرى، وسيتعين علينا تجنب وقوع كارثة أخرى.

 

بالحديث عن الفيضانات، تأثر آلاف الأشخاص بهذه الفيضانات الأخيرة في اليمن. ماذا تفعل اليونيسف لمساعدة الأطفال المتضررين وأسرهم؟

 

هناك ثلاثة أشياء. الأول هو المساعدة الفورية، والتي يتم من خلالها تقديم المساعدة الإغاثية على الفور، في غضون الـ 72 ساعة الأولى، حيث يتم توفير الغذاء ومجموعات النظافة ومستلزمات الكرامة. تلقت 3,500 أسرة هذه المجموعات الأمر الذي مكنها من ممارسة حياتها.

 

اليمن بلد مليء بالجبال، وتنحدر المياه عبر الوديان. يعيش الناس عادة في اليمن في المناطق الجبلية، ولكن بسبب القيود ومشاكل الانقسام الاجتماعي وحركة الناس، بدأوا يعيشون في المنخفضات على طول الساحل. ولذلك عندما تحدث الفيضانات، تغمر منازلهم وتدمر سبل عيشهم وتؤثر عليهم بشكل كبير. لذا، نحاول أن نوفر لهم المياه، والنقود والمأوى والمواد الأخرى التي تسمح للناس باستئناف حياتهم. ولكن ما يجب أن يحدث هو أنهم بحاجة إلى الانتقال إلى الجبال بعيدا عن السهول.

 

أمراض الطفولة، إلى جانب تفشي الكوليرا والحصبة، لا تزال تؤثر على الأطفال اليمنيين. حدثنا عن الجهود التي تقوم بها اليونيسف لمعالجة هذه القضايا؟

 

يعد تطعيم الأطفال جزءا أساسيا من استجابتنا. تمكنا من القيام بحملتي تطعيم، عبر 12 محافظة، خلال هذا العام، مما سمح لنا بالوصول، على سبيل المثال، إلى مستوى عالٍ من التغطية بالتطعيم ضد الحصبة، فوق 80 في المائة، أي الحصول على المناعة الجماعية. هناك صعوبة في القيام بهذه الحملات. نتطلع إلى توسيع نظام الرعاية الصحية الأولية، في جميع أنحاء البلاد.

 

نعمل الآن في 3,200 عيادة رعاية صحية أولية في جميع أنحاء البلاد، حيث يعتبر التطعيم أحد أهم الجوانب. التواصل من تلك المراكز إلى المجتمعات أمر صعب للغاية دائما. التضاريس قاسية، وعملية الوصول إلى المجتمعات التقليدية التي لا تعي كثيرا أهمية التطعيم أصبحت أكثر تقييدا.

 

أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، ويعاني 1.3 مليون طفل نازح من اكتظاظ الفصول الدراسية ونقص المعلمين. حدثنا عن جهود اليونيسف لدعم الأطفال اليمنيين في هذا السياق؟

 

نعم، إنها كارثة، 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، لكنها تخفي أيضا حقيقة أن هؤلاء الأطفال في المدرسة هم في مدارس تعاني من نقص الموارد والقدرات ومستويات سيئة من النسبة بين التلاميذ والمعلمين، وخاصة المعلمات.

 

تحاول اليونيسف إعادة تأهيل 1,116 مدرسة في جميع أنحاء البلاد. يجب أن ننتهي من ذلك بحلول نهاية هذا العام. لقد كنا ندفع للمعلمين المتطوعين والمعلمات في جميع أنحاء البلاد. أعتقد أن العدد هو في حدود 3,800 معلم.

 

لكن كل هذا لا يكفي، فهناك مشاكل الوصول إلى المدرسة، ونوعية التعلم الذي سيتلقاه الأطفال هناك، ولهذا السبب لدينا هذا الرقم الفلكي البالغ 4.5 مليون طفل خارج المدرسة. سيكون لهذا الأمر عواقب وخيمة على الأجيال القادمة. إن تكلفة عدم وجود جيل متعلم قادم، وخاصة في مجال القراءة والكتابة والحساب، ستؤثر بشكل كبير على التنمية المستقبلية للبلاد.

 

لكنني أعتقد أن التأثير الأكبر هو على هؤلاء الأطفال أنفسهم. لقد تم المساس بحقهم في التعليم. اليونيسف واليونسكو والمنظمات الأخرى، جنبا إلى جنب مع وزارات التعليم في جميع أنحاء البلاد، تحاول بذل قصارى جهدها. لكنه لا يكفي.

 

هناك أزمة مستقبلية في اليمن تتجسد الآن، ونحن بحاجة إلى بذل المزيد لضمان أن يتمكن الأطفال من التعلم، وأن يصبحوا متعلمين، وأن يكونوا قادرين على المساهمة بشكل إيجابي في مستقبل هذا البلد.

 

وما الذي تسمعه من هؤلاء الأطفال الذين تقابلهم في اليمن؟ هل لديك أي قصص أو شهادات منهم ترغب في مشاركتها معنا؟

 

على غرار الكثير من الأطفال في مناطق أخرى من العالم، يتمتع أطفال اليمن بقدرة هائلة على الإبداع وهم مدفوعون ذاتيا. منذ وقت ليس ببعيد، كنت عائدا إلى صعدة من مدينة رازح التي تقع في أقصى الشمال على الحدود السعودية. توقفت عند مدرسة تدمرت جدرانها بسبب القصف، لكنها كانت مليئة بالأطفال الذين يأتون من المناطق المحيطة.

 تحدثت إلى هؤلاء الأطفال وكانوا متحمسين للتعلم. لقد أحبوا القدوم إلى هذه المدرسة التي لا أستطيع حتى أن أسميها مدرسة، حيث كانت المياه منتشرة في كل مكان على الأرض. جاء إلي أحد الصبية الصغار وأخبرني أنه أكمل امتحانه هذا الصباح. سألته، أين؟ فقال لي: نظفت الأرض في الزاوية هنا وجلست وأجريت امتحاني هذا الصباح. هذا هو الطفل اليمني. لم يحن دورنا بعد للوصول إلى هؤلاء الأطفال، لكنهم يغتنمون الفرص بأنفسهم للتقدم والتعلم ومواكبة امتحاناتهم ومؤهلاتهم.

 

ندرك أن هناك العديد من التحديات التي تواجه اليونيسف وشركاءها في استجابتهم للوضع في اليمن. هل لك أن تحدثنا أكثر عن هذ الجانب؟

 

أكبر تحد هو أن هذا البلد ظل في حالة حرب على مدى السنوات العشر الماضية. لقد كانت حربا مع بعضهم البعض، شمالا وجنوبا، ومع جهات فاعلة خارجية. هذا يجلب مستوى من الشك والصعوبات التي تعقد القدرة على تجاوز الانقسام الاجتماعي بين الحكومة في عدن ثم السلطات هنا في صنعاء، حيث أقيم أنا في الوقت الحالي. يضيف كل هذا تعقيدات إلى قدرتنا على العمل.

 ولكن في نهاية المطاف، فإن مهمتنا - اليونيسف والأمم المتحدة - هي ضمان الوفاء بالواجب الإنساني، أي أن يحصل الأطفال على الرعاية الصحية، وألا تتأثر الحالة التغذوية للأطفال، وأن يكون الأطفال قادرين على الحصول على الغذاء، وأن تتمكن النساء والفتيات والفتيان من الوصول إلى فرص تعلم القراءة والكتابة والحساب حتى يتمكنوا من اغتنام الفرص لأنفسهم في الحياة.

 

مهمتنا هي ضمان الوفاء بالواجب الإنساني كي يحصل الأطفال على الرعاية الصحية وألا تتأثر حالتهم التغذوية. هذا ما يدفعنا إلى المضي قدما. نحن نتفاوض ونعمل جنبا إلى جنب مع السلطات هنا في صنعاء والحكومة المعترف بها دوليا في عدن لضمان أننا قادرون على القيام بهذا العمل. الأمر ليس سهلا، لكنني أعتقد يقينا أن ما نحاول القيام به له قيمة وأن النساء والفتيات والفتيان في اليمن في وضع أفضل اليوم مما كانوا عليه قبل بضع سنوات.

 

إذا تم منحنا المستوى المناسب من الوصول والمستوى المناسب من الموارد، فسنكون قادرين على ضمان أن النساء والفتيات والفتيان يمكنهم التقدم إلى الأمام في غضون السنوات القادمة.

 

أخيرا، لا يزال الأطفال يدفعون أثمانا باهظة من جراء النزاعات، على الرغم من وجود القوانين التي وضعت لحمايتهم. ما الإجراءات المطلوبة من المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة لمعالجة هذه القضية بفعالية؟

 

تتعرض النساء والفتيات والفتيان لتأثير غير متناسب للنزاع. أولا لابد أن تصل اتفاقية السلام اليمنية إلى نتيجة مفادها أن المجتمع الدولي يدعم كلا من صنعاء وعدن في مفاوضاتهما من أجل تحقيق السلام المستدام لهذا البلد.وثانيا هو الاستثمار المستمر، ليس فقط في الاستجابة الإنسانية، بهدف تحقيق إمكانات الناس في هذا البلد.

 

ثم ثالثا، محاولة تقليل احتمالية نشوب المزيد من الصراعات وضمان مساءلة السلطات والحكومة المعترف بها دوليا عن أفعالها ومسؤوليتها فيما يتعلق بدعم الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية من خلال ضمان سلامة وأمن موظفيها ليكونوا قادرين على الاستمرار في تقديم المساعدة التي تمس الحاجة إليها في هذا البلد.

 

*موقع أخبار الأمم المتحدة


التعليقات