[ الشيخ عبدالمجيد الزنداني - وسائل التواصل الإجتماعي ]
شنت وسائل إعلام سعودية حملة إعلامية شرسة استهدفت الشيخ عبدالمجيد الزنداني، الذي وافته المنية في مدينة إسطنبول التركية هذا الأسبوع.
ونشطت الحملة بشكل مكثف عقب إعلان وفاة الرجل، الذي يعد أحد القيادات السياسية في حزب التجمع اليمني للإصلاح، المؤيد للدور السعودي في اليمن، وتقيم قياداته في الرياض منذ العام 2015م، عقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء.
وصدرت الحملة من عدة وسائل سعودية، بما في ذلك قنوات الـ mbc والعربية والحدث، بالإضافة لوسائل إعلام إماراتية.
وبدا واضحا نشر تلك الجهات تقارير ربطت بين الرجل وتنظيم القاعدة، ووجهت له العديد من التهم، فيما لايزال تراب قبره رطبا، وفي ظل تشييع عربي وإسلامي واسع لجنازته في تركيا، والتي حظيت بحضور رسمي، تقدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
حملة واتهامات
ونشرت قناة إم بي سي تقريرا عن الزنداني، وقالت إنه أشعل الفتنة، وسوّق لعلاجات وهمية لأمراض مستعصية في اليمن، وأنه حرض على القتل والفوضى.
أما قناة الحدث فاعتبرت الزنداني الأب الروحي لزعيم تنظيم القاعدة السعودي أسامة بن لادن، وهي محاولة تنصل وهروب من مسؤولية السعودية في انتماء بن لادن لها.
فيما ذهبت قناة العربية لاتهامه بالاحتيال والدجل، ونشرت تقريرا وصفت الزنداني بأنه جمع المتناقضات، وانتقل من ثوب لآخر.
ودخل على خط الحملة موقع صحيفة العين الإماراتية الإلكترونية الذي قال إن تنظيم القاعدة في اليمن نشر تعزية بوفاة الزنداني، معتبرا ذلك دلالة على تحالف جمع ما وصفها بقوى الشر.
وتتسق الحملة السعودية مع هجوم تيارات سلفية يمنية ممولة من الرياض على الزنداني.
السلفية على الخط
ونشر القائم على دار الحديث السلفية بمسجد الصحابة بمدينة الغيضة عاصمة المهرة عبدالحميد الزعكري هجوما على الزنداني، واتهمه بأنه داعي الضلالة، ومفتي الثوار، وأحد مؤسسي حزب الإخوان المسلمين في اليمن، ومجوز الديمقراطية والشورى.
ويعد الزعكري أحد القيادات السلفية التي تتلقى التمويل من السعودية في محافظة المهرة، وتعمل لصالح أجندتها هناك، وتحظى بدعم سعودي واسع، وتعمل تحت حماية القوات السعودية، وتعد المهرة أحد مراكز الإيواء التي أنشأتها السعودية للسلفيين بعد انتقالهم من منطقة دماج بصعدة.
تجاهل سعودي
وتجاهل الإعلام السعودي انتقال الزنداني إلى الرياض، عقب سقوط صنعاء في العام 2014م، واندلاع معارك التحالف العربي في اليمن، وبقائه هناك لأيام، قبل أن ينتقل إلى تركيا، ويستقر فيها حتى وفاته.
كما تجاهل علاقة الزنداني بالمملكة العربية السعودية لعقود، خاصة في فترة تصدر السعودية لتحشيد المجاهدين لأفغانستان، ومواجهتها للمد السوفيتي، وتزعمها تصدير المقاتلين، وجمع التبرعات في تلك الفترة.
صمت إصلاحي
ولم يصدر عن حزب التجمع اليمني للإصلاح أي ردود توضيحية على هذه الحملة الإعلامية، التي نشطت بشكل لافت عقب الوفاة.
ولم يتمكن الموقع بوست من الوصول لقيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح لمعرفة تعليقها على هذه الحملة.
هروب من المسؤولية
واعتبر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية نبيل البكيري توجه الإعلام السعودي وما نشرته قنوات العربية والحدث وأم بي سي للهجوم على الشيخ الزنداني يوم وفاته بمثابة التوجه الجديد للسعودية الذي تحاول من خلاله أن تتبرأ من تأريخها السابق في دعم الجهاد الأفغاني وتمويله، من خلال تحميل مسؤولية ذلك للأشخاص الذين كانوا جزءا من استراتيجية السعودية، وأداتها في مرحلة الجهاد الأفغاني.
وقال في تصريحه لـ "الموقع بوست" إن الزنداني كان حليفا للمملكة طوال عقود مضت، ولم يسيء يوماً للسعودية وحكامها.
وقال الصحفي عامر الدميني إن الإعلام السعودي والملتحقين بالرياض من الجماعات الدينية هاجموا الشيخ الزنداني بما لم يقوله خصوم الشيخ التقليديين وأعداءه المفترضين.
واعتبر الدميني هذا بمثابة تذكير من تلك الجهات بنفسها وأجندتها وطبيعتها، وقال بأنهم ظهروا مكشوفين، وفاقدين للأولوية والهدف، ويخدمون بذلك خصومهم بمثل هذا الحال المتعجرف والفاقد للرؤية.
وقال رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم سيف الحاضري إن السعودية قادت انقلاباً على الشيخ الزنداني بعد وفاته بـ24 ساعة، مذكرا باستضافتها له منذ العام 2015 حتى 2021م.
وقال في منشور له على حسابه الشخصي في فيسبوك أن الرياض سمحت بإقامة عزاء للشيخ بحضور كبار هيئة علماء السعودية، وفي نفس الوقت تبث تقارير مسيئة له، ولنفسها، وباتت تفقد حلفائها.
وتساءل في منشوره بالقول: "لا أدري لماذا تريد السياسة الإعلامية السعودية إقناعنا وإقناع جميع حلفائها أن الابتسامات التي توزعها قيادات المملكة على حلفائها بأنها زائفة، وأن الوجه الحقيقي لموقف وتوجهات قيادات المملكة تمثله قنوات العربية والحدث والـmbc وصحيفة عكاظ والوطن وغيرها".
وتسائل الناشط اليمني محمد المحيميد بالقول: "هل سيحتج الجانب اليمني على الأقل إلى إدارة قنوات العربية وmbc بسبب التقارير والشتائم التي وجهت للزنداني والإصلاح؟
وأردف بالقول: رسالة العتب مهمة جدا.
وتوفي الزنداني في الـ22 من أبريل الجاري عن 82 عاما، بعد حياة حافلة بالحضور بمختلف محطات وتحولات الوضع في اليمن، ظل فيها حاضرا ومؤثرا بشكل كبير.