[ اللواء الركن صالح علي طالب رئيس هيئة العمليات المشتركة ]
في أواخر أبريل الماضي، أصدر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العلمي قرارا بإعلان ما سماه بـ "هيئة العمليات المشتركة"، وصفت هذه الخطوة بأنها تأتي في إطار الجهود الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية للحكومة الشرعية، ودمج التشكيلات العسكرية المختلفة، في هياكل وزارة الدفاع والداخلية فيما يسهم في تعزيز عمل هذه التشكيلات وعقيدتها القتالية، وتنفيذا للمهام المرسومة في جدول أعمال المجلس الرئاسي.
ومنذ مطلع أبريل/ نيسان، تشهد اليمن مفاوضات وجهود مكثفة بين رعاة الصراع في البلاد، في إطار إيقاف الحرب وتحقيق السلام بمساعي إقليمية حثيثة وبدعك دولي للتوصل إلى هدنة دائمة في ظل تهديدات جماعة الحوثي بالعودة للحرب في حال لم تحصل على مطالبها من وراء هذه المفاوضات.
ضرورة عسكرية
وصفت خطوة إعلان "هيئة العميات المشتركة" من قبل خبراء عسكريون، بأنها ضرورة عسكرية، وخطوة في الاتجاه الصحيح، فرضتها ظروف وتحديات الواقع في معسكر الشرعية من جهة وتعثر المفاوضات مع جماعة الحوثي من جهة أخرى.
يرى الخبير العسكري الدكتور علي الذهب أن هذه الخطوة ضرورة عسكرية في ظل تعثر المفاوضات مع الحوثيين ونشوب النزاع المسلح من جديد، ولكن هذا ليس السبب الرئيس؛ لأن هناك أيضا مصاعب في تحركات القادة، وأحيانا بعض القادة تعترضهم تشكيلات المجلس الانتقالي في الطريق، وتوقف تحركاتهم؛ لأنه ليس هناك بلاغ مسبق، لكن البلاغ عندما يأتي من الهيئة، أو من العمليات أو من دائرة العمليات الحربية، وهذه العمليات هي مشتركة بين مختلف التشكيلات، وبالتالي سيجري تسهيل تحركات القادة، واللجان العسكرية، أو لجان المرتبات، أو الوحدات، أو ما شابه ذلك.
في حديثه لـ "لموقع بوست" يقول الذهب "النسبة لهذه الهيئة هي كانت موجودة من قبل ضمن هيئة وزارة الدفاع، لكن تحت مسمى "هيئة العمليات" أي كانت هيئة وتحتها دوائر مختلفة من ضمنها دائرة العمليات الحربية، وهي المعنية بتحريك الجيش، أو إيصال الأوامر من القيادة العليا، والهيئات ذات الصلة إلى قادة المناطق والمحاور والوحدات؛ من شأن تحريك القطاعات العسكرية، أو الوحدات الفرعية، أو تحركات القادة، أيضا في تلقي إشعارات الوفيات، والشهداء، والجرحى، والمفقودين، وما إلى ذلك، حسب تعبيره.
اعتراف مبطن
واستدرك الذهب حديثه بالقول "لكن لأنه توجد هناك تشكيلات مسلحة خارج إطار قيادة وزارة الدفاع؛ كان لابد من إضافة كلمة "مشتركة" من أجل الإبقاء على الوضع القائم، ومعالجته مستقبلا كخطوة أولى، وهو يعد اعتراف بأن هناك جيوش متباينة، وتشكيلات مسلحة، بعقائد مختلفة".
واعتبر ذلك خطوة أولى من أجل جذب تلك التشكيلات إلى هياكل وزارة الدفاع بطريقة أو بأخرى، منها تشكيلات المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات العمالقة، والمقاومة الوطنية، وقوات درع الوطن المشكلة مؤخرا.
وتابع: قد يكون هذا المقترح هو الأنسب والوسط في ظل تمنع المجلس الانتقالي من إدماج التشكيلات المسلحة في إطار هياكل وزارة الدفاع، بحيث يجري الإعداد لذلك في المستقبل، لكنه في حقيقة الأمر يبيت النوايا للانفصال، ويعلن جيش مستقل، وهذا واضح وضوح الشمس".
وتوقع الخبير العسكري بوقوع متغيرات وفي ظل هذه المتغيرات أو التحولات سواء كانت داخلية أو خارجية سيكون هناك خطوة أولى لعملية الدمج.
تحديات ومخاطر
وعن التحديات والمخاطر التي يمكن أن تواجه عمل الهيئة قال الذهب في مستهل حديثه لـ "الموقع بوست" أنه يحب التعامل مع الواقع مع الأخذ بما سماه بـ "الحذر الشديد"، واصفا اياه بانه شيء مطلوب وضروري.
كما توقع أن الهيئة ستواجه تحديات، ومخاطر عديدة سواء لوجستية، أو في الملف المادي والبشري وفي مسألة اختيار القادة والضباط من بين مختلف الأطراف، وأيضا مكان عملهم في عدن أو محافظات أخرى، مما يدخل في ذلك البيئة الآمنة للعمل.
وأشار إلى أن هذه الهيئة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن ينبغي التعامل بحذر مع التوجيهات التي قد تستغل من قبل الأطراف ذات النزعة غير الوطنية سواء الانفصال أو ما شابه ذلك، حد قوله.
وعن إمكانية أن تسفر هذه الخطوة في دمج وتوحيد التشكيلات العسكرية التي تعمل خارج هيكل وزارة الدفاع إداريا وماليا، قال الذهب "من الصعب الحديث عن عملية الدمج في الوقت الحالي، في المفهوم المتعارف عليه، والذي هو الدمج المالي والإداري وتوزيع وإعادة ترتيب قوات وإخراجها من أماكنها وإضافة أسلحة لهذه الوحدة أو تلك، هذه مسألة تتجاوز الواقع، واعتقد أن "اتفاق الرياض" كان خيالي عندما وضعها في ذلك الوقت؛ لأنه لا يضع مثل هذه الشروط إلا من هو في موقع المنتصر، ولم تكن الشرعية هي المنتصرة آنذاك وإنما المتمردين حقيقة".
تأثير خارجي فعال
الخبير العسكري اللواء محسن خصروف بدوره أشاد بخطوة إعلان "هيئة العمليات المشتركة" وأرجع نجاح هذه الخطوة أو هذه الهيئة أو فشلها إلى المؤثر الخارجي، والمتمثل برغبة الأطراف الإقليمية المشتركة في الصراع.
وفي تصريح لـ "الموقع بوست" قال خصروف إن الملف اليمني لم يعد بيد اليمنيين وحدهم، بل بيد أطراف اقليمية لها قرار الفصل في مختلف القضايا الداخلية للبلاد.
وتابع: أتمنى أن تصدق هذه الأطراف في مواقفها مع قضايا ومشاكل اليمنيين، على رأس ذلك ذلك توقفها عن دعم لقوى، أو التشكيلات، التي تعمل خارج إطار الشرعية اليمنية، والمناهضة لها ولتوجهها مهما كانت الأسباب كون ذلك يخدم في المقام الأول مليشيا الحوثي.
ويضم المجلس الرئاسي في قوامه ثلاث من أبرز قادة التشكيلات العسكرية، والتي لم تكن تخضع لسيطرة وزارة الدفاع اليمنية، وهؤلاء الثلاثة، عيدروس الزبيدي والذي يتولى قيادة "قوات الحزام الأمني" في المحافظات الجنوبية، وطارق صالح والذي يتولى قيادة ما تعرف بـ"المقاومة الوطنية" في الساحل الغربي للبلاد، وأبو زرعة المحرمي، في قيادة ما تسمى "ألوية العمالقة". وتندرج تحت تلك القوات كيانات أخرى، كالحزام الأمني والنخبة الشبوانية والنخبة الحضرمية وغيرها من التشكيلات المسلحة.
ويعد الملف العسكري والأمني، أبرز الملفات تعقيدا من بين الملفات التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي، لاسيما في ظل تعدد القوات المنشرة في البلاد، حيث تتوزع تلك القوات العسكرية على قيادات ذات توجهات وأهداف مختلفة وبعقائد قتالية متباينة وأغلبها تعمل لصالح دول اقليمية وتتلقى منها توجيهاتها وتمويلها وهذه القضية كان لها تأثيرها السلبي، على المعركة ضد المتمردين الحوثيين.