[ إنفوجرافيك يبرز الدور السعودي في المهرة ]
يتحدث مصدر خاص في ميناء نشطون لـ"الموقع بوست" -مطالبا بعدم الإفصاح عن هويته خوفا على حياته- عن جملة من الأعمال التي مارستها القوات السعودية في نشطون.
فإضافة لوقف جمركة واستيراد تلك القائمة التي فرضتها القوات السعودية، يشير هذا المصدر إلى أن إدارة الجمارك في الميناء وجميع المسؤولين اليمنيين لا يستطيعون الاعتراض على ما يفعله السعوديون، وسلبت جميع صلاحياتهم في الإفراج عن أي بضاعة مستوردة حتى وإن كانت متوافقة مع المواصفات اليمنية.
يتحدث هذا المسؤول بأن السعوديين يشرفون على عمل الموظفين العاملين في الميناء، وهم من يصدر لهم الأوامر والتوجيهات والتعليمات، وهم من يتحكم بالوضع بشكل عام، ويمارسون سلطة تحكم على الجميع في المحافظة بما في ذلك سلطة محافظ المحافظة نفسه.
ويشير إلى أن القوات السعودية تقوم بدوريات متكررة من وقت لآخر إلى الميناء في الظروف العادية، لكن مع وصول كل سفينة للميناء تأتي تلك القوات وتمارس مهمة التفتيش والفحص وتصدر الأوامر بالسماح بدخول محتويات تلك السفينة أو رفضها.
إقرأ أيضا: ميناء نشطون في المهرة.. أطماع سعودية قديمة تنتعش تحت غطاء إعادة الإعمار
والأمر ذاته ما تحدث عنه مصدر أمني آخر -مطالبا بالتحفظ على هويته- قائلا بأن الضباط السعوديين يصدرون توجيهات للقادة اليمنيين وهؤلاء يقومون بتنفيذها بحذافيرها، ما لم فيتحملون المسؤولية، ويتعرضوت للعقاب خاصة أن القوات السعودية تدفع لهم مبالغ مالية شهرية تحت مسمى "إكرامية".
ويضيف هذا بالقول وهو يشير إلى كتفيه: "أي قائد عسكري يمني أو ضابط في الميناء ليس له دور ولا قول ولا كلمة حتى لو ارتدى بدلة عسكرية عليها 50 نجمة، والأمر كله بيد القوات السعودية، فهي من تمنع ما تريد وتجيز ما تريد".
ضابط أمني يعمل في أحد الألوية العسكرية المتواجدة في المهرة، وعمل سابقا في ميناء نشطون تحت إدارة القوات السعودية تحدث هو الآخر لـ"الموقع بوست" -شريطة عدم الكشف عن هويته- قائلا بأنهم كأفراد عسكريين يرفضون كل تلك التدخلات والاستفزازات التي تمارسها القوات السعودية المتواجدة في الميناء، ويستدرك حديثه بالقول: "لكننا لا نريد أن نكون نحن وحدنا في الواجهة، خاصة أننا نقوم على ضبط النظام في هذا المكان كجزء من وظيفتنا".
يقول أحد الموظفين العاملين في الميناء لـ"الموقع بوست" -مطالبا بعدم الكشف عن هويته حتى لا يتعرض للضرر من القوات السعودية- إن تلك القوات تقوم بعملية التفتيش بنفسها للسفن الواصلة للميناء فور وصولها، لكن تفتيشهم بطيء جدا قياسا بما كان عليه الوضع من قبل عندما كان الميناء خاضعا للجانب اليمني، الأمر الذي عرقل الحركة التجارية في الميناء بشكل كبير.
وكشف بأن السعوديين يتدخلون في مهام لا تخصهم داخل الميناء، وينتهكون خلالها القانون اليمني، مثل منع دخول مواد يسمح بها القانون اليمني، لكنهم يرفضون دخولها، وكذلك رفض التوجيهات التي تأتي إليهم من قبل الجهات الرسمية بما في ذلك توجيهات محافظ المحافظة نفسه.
ويشير إلى أن المسؤولين اليمنيين في الميناء حاولوا في البداية عدم الانصياع لتوجيهات القوات السعودية التي تتدخل في كل شيء بالميناء، لكنهم اصطدموا بالجنود السعوديين الذين يصرون على تسيير وضع الميناء وفق مزاجهم، موضحا بأن قضية التدخل من أولئك الجنود تم الرفع بها إلى قيادة القوات السعودية في مطار الغيضة، والتي عملت على تخفيف تدخلات جنودها في الميناء، لكن ذلك كان لفترة مؤقتة ثم عاودوا نفس السياسة.
يرى هذا الموظف أن تلك الإجراءات السعودية أدت لتراجع عمل الميناء، وتسببت بـتراجع النشاط التجاري، وانخفاض نسبة الوصول إليه، وتدني عائداته المالية، واصفا ما يجري بأنه سياسة مقصودة لتعطيل الميناء، وإجراءات متعمدة تهدف لـ"تطفيش" الناس من الميناء، ودفعهم نحو عدم التعامل التجاري عبره.
تلك الأساليب لم تنحصر على العمل داخل الميناء فقط، بل هناك مضايقات أيضا طالت الصيادين الذين يمارسون الصيد هناك منذ عقود كثيرة.
يقول أحد الصيادين أثناء لقائنا به داخل الميناء: "كنا نصطاد بشكل طبيعي في المكان المخصص للصيد منذ عقود، نصطاد من هذا المكان (ويشير بيده إلى مساحة في الميناء) ثم نقوم بإفراغ ما حصلنا عليه من سمك داخل القوارب هنا (ويشير إلى مساحة أخرى في ذات الميناء والمكان) ثم تذهب إلى المراسي".
يضيف هذا الصياد الذي يبدو في العقد الخامس من العمر: "مع مجيء القوات السعودية تم التضييق علينا بعدة وسائل، من ضمنها تقليص مكان الصيد بسبب كثرة القوارب التي تم وضعها في المساحة التي كانت مخصصة لنا لممارسة الصيد، من خلال وضع قوارب عسكرية جديدة تابعة للسعودية، وأخرى تابعة لقوات خفر السواحل لم تتحرك من مكانها منذ وضعها في ذلك المكان".
يواصل هذا الصياد المسن حديثه وهو يشير إلى مسافة قريبة في مياه البحر قائلا بأن القوات السعودية قامت مؤخرا بوضع علامات تفصل بين رصيف الصيادين، والمكان المخصص لقواربها العسكرية، وهو ما أدى للتضييق على الصيادين المحليين الذين يقدر عددهم بـ150 صيادا بشكل أكبر بسبب المساحة التي تم اقتصاصها من رصيفهم لصالح الرصيف العسكري الذي استحدثته تلك القوات.
تم طرح ما ذكره ذلك الصياد على أحد القادة العسكريين الذي تتصل أعمالهم الوظيفية بما يجري في الميناء، وموقفهم من تلك الإجراءات التي تقوم بها القوات السعودية، وأفاد في حديثه لـ"الموقع بوست" بأن التبرير المقدم من التحالف هو إجراء أمني، ويضيف بأن الصيادين يعملون منذ فترة طويلة في المكان، ولا يوجد ما يؤثر على الجانب الأمني في الميناء.
وعند مناقشته حول التبريرات التي تطرحها القوات السعودية المتواجدة في الميناء بكونها تقوم بمكافحة التهريب، رد بالقول إن التهريب في الميناء ذريعة للتواجد، وأكد وجود زوارق بحرية عسكرية تتبع القوات السعودية لكنها متوقفة منذ نحو عام، وأشار إلى زوارق عسكرية موقوفة في الميناء وتتبع خفر السواحل قائلا: "هذه الزوارق التي تراها أمامك لها أكثر من خمسة أشهر ولم تتحرك من مكانها، فما الفائدة منها وهي متوقفة هنا، ولماذا لا يحركونها لمكافحة التهريب إذا كانوا فعلا يكافحون التهريب كما يزعمون؟".
تحدث هذا الضابط عن الأخبار التي قال بأن قناة العربية السعودية بثتها وتحدثت فيها عن إلقاء القوات السعودية وخفر السواحل القبض على مهربين ومواد مهربة جرى ضبطها في ميناء نشطون، ويصف ذلك بالكذب والفبركة، مؤكدا بأن هذه القوارب لم تتحرك من مكانها، ولم تلقِ القبض على أي قارب تهريب أو مهرب، مضيفا بأنه يراهن إن كان هؤلاء قادرون بالفعل على ضبط أي عملية تهريب أو مهربين بسبب عدم وجود تهريب في المكان أصلا.
وختم حديثه -طالبا إخفاء منصبه ورتبته العسكرية لظروف أمنية- بالقول: "نشعر أننا أمام مشروع كبير يسعى له هؤلاء من خلال تواجدهم في نشطون خصوصا وفي المهرة بشكل عام، قد لا ندرك طبيعة هذا المشروع الآن، لكن تحركاتهم وأفعالهم تشير إلى ذلك مستقبلا".
عسكرة ميناء نشطون
عند زيارتك لميناء نشطون، ستكتشف أنك تزور منشأة عسكرية وليست مدنية، فقد حولت القوات السعودية الميناء إلى ثكنة عسكرية كاملة، من خلال الاستحداثات التي أنشأتها هناك، والطريقة التي تدير بها الميناء.
وفي سبيل تعزيز بقائها قامت القوات السعودية باستحداث وإنشاء معسكر في المنطقة المطلة على ميناء نشطون، وهي أرض مسطحة تبلغ مساحتها أكثر من عشرة كيلومترات، ويطل جزء منها على الميناء والمناطق المحيطة به، بينما يطل الجزء الآخر على الطريق الإسفلتية التي تؤدي للميناء.
تلك الأرض كانت عبارة عن معسكر أنشأه الحزب الاشتراكي اليمني في فترة الثمانينيات أثناء إدارته للمهرة، وبعد حرب 1994م، سحبت وزارة الدفاع القوات المتواجدة هناك، وألغت المعسكر بشكل كامل، واكتفت بنقاط عسكرية قرب الميناء وفي مدخله، وتحولت الأرضية لملكية الحكومة، لكن دون أي تواجد عسكري فيه، احتراما لخصوصية السكان هناك، وتسهيلا لتحركهم في المنطقة.
شيدت القوات السعودية هناجر جديدة في ذلك المعسكر، واستحدثت سورا يحيط به من مختلف الاتجاهات، كما بنت عدة بوابات للمعسكر، وأنشأت مبانٍ لإقامة جنودها وضباطها الذين تم جلبهم للمكان، واستحدثت مكاتب ومقار وغرف عمليات داخل المعسكر، وزودته بالسلاح والمركبات العسكرية، وفقا لمعلومات حصل عليها "الموقع بوست" من مصادر عسكرية عملت مع القوات السعودية هناك.
بات ذلك المعسكر اليوم بمثابة قاعدة عسكرية تتولى إدارة المعسكرات الصغيرة المتواجدة في المواقع القريبة منه، وترتبط بشكل مباشر بالقاعدة العسكرية للقوات السعودية المتواجدة في مطار الغيضة، وجرى تعيين أحد الضباط السعوديين قائدا له.
ومن داخل ذلك المعسكر تشرف تلك القوات على ميناء نشطون، ويعمل ضباط وجنود سعوديون في هذه المهمة، وفي سبيل تحكمهم بالوضع داخل الميناء قام السعوديون بتركيب كاميرات مراقبة في مختلف زوايا ومداخل الميناء، وتم ربط تلك الكاميرات بمكاتبهم الخاصة في المعسكر بعيدا عن الجهات الرسمية اليمنية المتواجدة في الميناء سواء الجيش أو الجمارك أو السلطة المحلية.
هذه المعلومات كشف عنها مصدر أمني وثيق الإطلاع لـ"الموقع بوست" طالبا عدم الإشارة إلى هويته، مؤكدا أن القوات السعودية استحدثت غرفة عمليات في ذات المعسكر، ترتبط بشكل مباشر بقاعدتهم العسكرية الرئيسية في مطار الغيضة.
وإضافة لذلك المعسكر، شرعت القوات السعودية في استحداث معسكر آخر يطل على القرية الرئيسية المجاورة لميناء نشطون، والتي تسكنها عدة أسر محلية منذ فترات طويلة، واستغلوا علاقتهم بأحد مشايخ المنطقة لاستكمال إنشاء المعسكر.
احتج السكان على ذلك الاستحداث، معتبرين ذلك انتهاكا لخصوصيتهم، وتضييقا لتحركاتهم خاصة النساء، بحكم الطابع القبلي الذي يحكم علاقة السكان ببعضهم، إضافة لخشيتهم من تحول منازلهم إلى أماكن مكشوفة تحت أعين تلك القوات، وإحاطة المعسكرات لمنازلهم من مختلف الاتجاهات.
أدى ذلك الاحتجاج لتوقف أعمال التشييد في المعسكر، لكن المخاوف لا تزال قائمة من العودة لاستكمال العمل فيه بأي لحظة. يقول أحد مشايخ تلك القرية لـ"الموقع بوست" بأن القوات السعودية منحت مشايخ القبائل الموالين لها في القرية مبالغ مالية مقابل تسهيل عملية البناء واستحداث ذلك المعسكر، وهو ما يجعل عودتهم لتشييده ممكنة.
كان هذا الشيخ يتحدث ونحن إلى جواره في المنطقة الجبلية المطلة على تلك القرية المجاورة لميناء نشطون، وواصل حديثه قائلا وهو يشير بيده اليمنى نحو المنشآت والثكنات العسكرية التي استحدثتها القوات السعودية: "كل هذه الاستحداثات فرضتها القوات السعودية بالقوة، وعندما يعارض أي شخص من أبناء المنطقة تلك الاستحداثات يتهمونه بأنه حوثي وموال لإيران، ويتم التضييق عليه، ومعاقبته أيضا".
ضابط في الجيش اليمني أعرب عن غضبه وأسفه أيضا من تلك الاستحداثات التي تقوم بها القوات السعودية في نشطون، وكشف بأن تلك القوات استحدثت المعسكرات والثكنات بالقوة، وترفض الاستماع لنصائح الجيش اليمني، وقال بأن الحجة التي ترفعها السعودية هي مراقبة تهريب المخدرات والسلاح في الميناء أو الساحل القريب منه، وعلق على ذلك قائلا بأن تحريك القوارب العسكرية المتواجدة في الميناء وتوزيعها على المكان وتكليف قوة أمنية محلية تحت إشراف القوات السعودية كفيل بمراقبة الميناء والساحل على مدى الساعة من دون إلحاق أي ضرر يمس خصوصية السكان في المنطقة، أو يجعل منازلهم مكشوفة للجنود الذين سيتم جلبهم للمعسكر المطل على القرية بشكل مباشر، ويتمترسون فيها.
لم يتوقف الأمر عند حدود هذا الأمر، بل إن القوات السعودية المتواجدة هناك عطلت أيضا القوة العسكرية التابعة للجيش اليمني المرابط هناك، فالميناء تتواجد فيه قوة عسكرية تابعة للواء 137 المتمركز في مدينة الغيضة، وتتولى مهمة الأمن في الميناء، وحمايته، كجزء من مهامها في المحافظة منذ عقود.
لكن ضابطا عسكريا يتبع اللواء قال في حديثه لـ"الموقع بوست" إن المهام الأمنية التي تقوم بها القوة العسكرية التابعة للجيش اليمني هناك جرى تعطيلها وتهميشها من قبل القوات السعودية، وأصبح تواجدها اليوم حضور شكلي لا أكثر.
وذكر في حديثه -طالبا عدم الكشف عن هويته- بأن "عمل القوات اليمنية الرسمية في الميناء أصبح منذ مجيء القوات السعودية يتعلق بتنظيم الدخول والخروج من بوابات الميناء، بناء على توجيهات القوات السعودية التي تتحكم بكل شيء".
وأضاف بالقول: "نحن ننفذ الأوامر فقط، أما عملية التشييك وتفتيش السفن الواصلة للميناء يوميا فيقوم بها الجنود السعوديون لوحدهم ويمنعون مشاركة أي أفراد من القوة اليمنية معهم".
دور السلطة المحلية في نشطون
حين يتعلق الأمر بدور السلطة المحلية تجاه ميناء نشطون وما يدور فيه، يبدو الوضع مطابقا لبقية المرافق الحكومية في محافظة المهرة، سواء المنافذ أو الموانئ، أو المستشفيات وبقية القطاعات الحيوية الأخرى.
أظهر محافظ المحافظة راجح باكريت اهتمامه بميناء نشطون عندما جرى تعيينه محافظا للمهرة في الـ27 من نوفمبر/تشرين الثاني 2017م، وسرعان ما تلاشى ذلك الاهتمام بعد عودته للمهرة، وبات الحديث الرسمي عن منجزات يجري تنفيذها في الميناء هو الطاغي، بينما على الأرض يبدو الضعف والقصور والإهمال واضحا في ميناء نشطون.
ففي الـ20 ديسمبر 2017، أي بعد أقل من شهر على تعيينه، التقى باكريت بوزير النقل السابق مراد الحالمي في العاصمة السعودية "الرياض" وأبدت الشخصيتان اهتمامهما بالميناء، ونقل المركز الإعلامي لمحافظة المهرة التابع للسلطة المحلية عن الحالمي قوله بأن وزارة النقل تسعى لتعميق ميناء نشطون وتشييد البنية التحية له لمواكبة التطورات، وإنشاء ميناء خاص ولسان بحري لتصدير المعادن وتنظيم عملية دخول السفن وزيادة النشاط التجاري للميناء، لكن كل تلك الأحلام تبخرت بافتراق الرجلين من لقائهما، وبإقالة الحالمي لاحقا.
في أجتماع مع محافظ المهرة الجديد: وزير النقل يبشر بفتح مطار الغيظة بدء من الـ31 من الشهر الجاري الأربعاء 20 ديسمبر 2017...
Posted by مركز المهرة الإعلامي on Wednesday, December 20, 2017
وعندما عاد باكريت إلى المهرة، قام بأولى زيارته إلى ميناء نشطون في الـ20 من فبراير 2018م، وتعهد خلال لقائه بالمسؤولين في الميناء بتذليل مجمل الصعوبات والعراقيل ومتابعة المطالب والاحتياجات، وطالب في نفس الوقت بضرورة إطلاع السلطة المحلية بكل ما يعتمل في الميناء أولا بأول، وتنسيق الجهود المشتركة مع التحالف، وكان ذلك التصريح بمثابة الإعلان عن التنسيق القادم بين السلطة المحلية التي يرأسها، وبين القوات السعودية التي كانت حينها قد بدأت بالتغلغل داخل الميناء.
محافظ المهرة يتفقد مرافق ميناء نشطون ويحث على تقديم التسهيلات أمام التجار والموردين . أكد محافظ محافظة المهرة الشيخ...
Posted by الشيخ راجح سعيد باكريت on Tuesday, February 20, 2018
عاود باكريت زيارة الميناء في الثاني من أبريل 2018، وأعلن عن إضافة مولد كهربائي جديد لمدينة نشطون لتشغيل الكهرباء طوال الـ24 ساعة، إضافة إلى حل مشكلة المياه في اليوم التالي لزيارته، لكن الزيارة التي قمنا بها لمدة ثلاثة أيام لمدينة وميناء نشطون بعد عشرة أشهر على تصريحه، أظهرت أن المدينة والميناء لا زالا يعانيان من انقطاع الكهرباء في فترة النهار، وعودتها خلال ساعات الليل فقط، وأن المياه هي الأخرى لا تزال بدون حلول.
تم إضافة مولد جديد لمدينة #نشطون لتشغيل الكهرباء 24 ساعة وبيكون حل مشكلة المياه غداً بضخ من الخزانات إلى البيوت مباشرة لأول مرة pic.twitter.com/oJjoJwkU3E
— راجح سعيد باكريت (@RagehBakrit) April 2, 2018
ومرة أخرى زار المحافظ باكريت مدينة وميناء نشطون في السادس من مايو 2018م، بعد شهر على زيارته السابقة، وأعلن أنه وجه بالإسراع في إنجاز أعمال الصيانة في مبنى كهرباء نشطون وتشغيل جهاز "خلط" لربط مولدين الكهرباء بما يضمن وصول الكهرباء والمياه للمواطنين بشكل كامل.
اطلعنا على كهرباء ومبنى الكهرباء في ميناء #نشطون ، ووجهنا بالإسراع في انجاز أعمال الصيانه في المبنى ، وتشغيل جهاز خلط لربط مولدين الكهرباء ، بهذا ستكون منطقة نشطون وصل لمواطنيها خدمة المياه والكهرباء كاملة . pic.twitter.com/Lpx1LE3Iu1
— راجح سعيد باكريت (@RagehBakrit) May 6, 2018
كما أعلن المحافظ في الزيارة ذاتها بأنه وجه بالإسراع بعمل دراسة كاملة لتركيب فلتر تحلية للمياه في خزان مياه نشطون لضمان وصول مياه صالحة للشرب للمواطنين في نشطون، ولكن الأمر لا يعدو عن كونه تصريحا في الهواء.
تفقدنا اليوم مشروع خزان مياه #نشطون الموصل من وادي نوبا ووجهنا بعمل دراسة كاملة لتركيب فلتر تحلية للمياه في الخزان ليكون وصوله صالح لشرب لمواطنين منطقة #نشطون . pic.twitter.com/NGEn4LnuFD
— راجح سعيد باكريت (@RagehBakrit) May 6, 2018
وفي الأول من أغسطس 2018، زار الرئيس عبد ربه منصور هادي محافظة المهرة برفقة السفير السعودي لليمن محمد سعيد آل جابر، وأعلن عن وضع حجر أساس لعدد من المشاريع التي ستنفذها السعودية في المهرة، ونشرها المحافظ باكريت في حسابه على تويتر، ومنها إعادة تأهيل ميناء نشطون بمكوناته، ومنذ ذلك الحين لم يحصل أي تأهيل للميناء، وفقا لتأكيدات موظفين يعملون بالميناء.
وضع حجر أساس المشاريع التالية :
— راجح سعيد باكريت (@RagehBakrit) August 1, 2018
- إعادة تأهيل مطار #الغيضة .
- حفر آبار وتركيب مضخات وخزانات و أنابيب لقوة الضخ بمشروع مياه فوري .
- إنشاء محطة كهرباء #الغيضة لتغطي المديريات .
إصلاح قطاع الطرق ودعم المشتقات النفطية للكهرباء.
- إعادة تأهيل ميناء #نشطون بمكوناته . pic.twitter.com/0E7fNLlmHS
وفي الـ25 من سبتمبر 2018، أعلن باكريت أنه كلف وكيل المحافظة للشؤون الفنية بتدشين بناء مدرسة أساسية وثانوية في منطقة نشطون بدعم من البرنامج السعودي لإعادة الإعمار، ولم يتسنّ لنا التأكد إن كانت المدرسة قد دشنت أم لا.
في ظل حرصنا على سير العملية التعليمية التي تعتبر أساس التنمية والتقدم ، كلفنا الوكيل الفني بتدشين بناء مدرسة أساسية وثانوية في منطقة #نشطون #الغيضة بدعم من البرنامج السعودي .
— راجح سعيد باكريت (@RagehBakrit) September 25, 2018
التنمية طريقنا ... وبناء الأنسان هدفنا .
شكراً الملك سلمان شكراً حكومة المملكة . pic.twitter.com/zCUSZ5Btx8
وفي 19 من أكتوبر 2018، أعلن باكريت في حسابه على تويتر بأنه تفقد ميناء نشطون والمنشآت النفطية والإجراءات المتخذة بتنظيم وترتيب العمل فيه لتسهيل حركة البواخر ودخولها للميناء لتفريغ المشتقات النفطية دون عوائق.
تفقدنا اليوم ميناء #نشطون والمنشآت النفطية والإجراءات المتخذة بتنظيم وترتيب العمل فيه لتسهيل حركة البواخر ودخولها للميناء لتفريغ المشتقات النفطية دون عوائق لتأمين حاجة المحافظة منها.
— راجح سعيد باكريت (@RagehBakrit) October 19, 2018
المشتقات النفطية أولوية في الظرف الراهن لابد من ضمان وجودها وتأمينها وتوزيعها على كل المديريات. pic.twitter.com/WpIDQihBpn
الدور السعودي في نشطون
بالنسبة للدور السعودي في الميناء وفقا لمشاريع إعادة الإعمار التي أعلن عنها البرنامج في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، فيتضح أنها هي الأخرى مجموعة مشاريع جرى الإعلان عنها، تحت وصف التدشين، ولم تنجز حتى اللحظة، وفقا للاستطلاع الذي أجريناه في المنطقة.
تلك المشاريع برمتها هي بمثابة متلازمة تعمل عليها السعودية تحت مبرر إعادة الإعمار، بينما تمضي في مقابلها بخطواتها نحو استكمال إطباقها على المهرة وموانئها ومنافذها، وفي كل مشروع تعلن السعودية أنها ستنفذه في نشطون، يقابله خطوات أخرى على الأرض في التوسع العسكري، واستحداث نقاط عسكرية جديدة.
ورغم التوسع العسكري الذي أحرزته القوات السعودية في ميناء نشطون، إلا أن المشاريع التي تنفذها هناك لا ترقى لمستوى حالة التضخيم التي تروجها السعودية في تنفيذ تلك المشاريع، كما أن المشاريع ذاتها لا تمثل أولوية بالنسبة للسكان، ولا تلامس احتياجهم الفعلي لها، إضافة إلى أن تكلفتها هي أقل بقليل من تكلفة استحداث معسكر واحد في نشطون، وربما أقل مما تنفقه من أموال على مشايخ القبائل هناك لاسترضائهم، كما يعلق أحد أبناء المنطقة.
ففي الـ25 من سبتمبر 2018، أعلن البرنامج السعودي لإعادة الإعمار في المهرة أنه دشن مشروع بناء مدرسة أساسية وثانوية في منطقة نشطون قائلا بأن المشروع يحل أهم الصعوبات التي يعاني منها أبناء المنطقة في العملية التعليمية.
يدشن #البرنامج_السعودي_لتنمية_وإعمار_اليمن مشروع بناء مدرسة أساسية وثانوية في منطقة #نشطون بمحافظة #المهرة وتركيب مظلة خاصة لأبناء مدرسة عبدالمنعم لتحسين أوضاع المدرسة للطلاب والطالبات وذلك لأجل الأشقاء في #اليمن pic.twitter.com/JNqYgTcDZo
— البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (@SaudiDRPY) September 25, 2018
وبعد ما يقارب أشهر على هذا الإعلان، أعلن المشروع في الـ21 من يناير 2019م أنه مستمر في أعمال التشييد بذات المدرسة في نشطون.
استمرار أعمال التشييد في مدرسة #نشطون بمحافظة #المهرة في #اليمن، كأحد المشاريع التعليمية لـ #البرنامج_السعودي_لتنمية_وإعمار_اليمن pic.twitter.com/aY1Jm3ybMh
— البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (@SaudiDRPY) January 21, 2019
وفي الـ20 من أغسطس 2018، قال البرنامج إنه بدأ في الأعمال الإنشائية لتحسين وتطوير وزيادة قدرات ميناء نشطون، معتبرا ذلك أحد المشاريع التي وضع حجر أساسها الرئيس هادي، وتتضمن إعادة تأهيل وإصلاح الرصيف البحري، وإنشاء محطة كهرباء، ومستودعات، وإنشاء أنبوب خاص لتفريغ المشتقات النفطية من السفن، وإعادة تأهيل المباني، وتسوير الميناء، وتوفير سفينة سحب، ورافعات مختلفة الأحجام، وذلك سيسهم في زيادة الواردات لليمن.
يتضمن مشروع ميناء #نشطون إعادة تأهيل وإصلاح الرصيف البحري، وإنشاء محطة كهرباء، ومستودعات، وإنشاء أنبوب خاص لتفريغ المشتقات النفطية من السفن، وإعادة تأهيل المباني، وتسوير الميناء، وتوفير سفينة سحب، ورافعات مختلفة الأحجام، وذلك سيسهم في زيادة الواردات لـ #اليمن pic.twitter.com/JEnIwQXJxB
— البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (@SaudiDRPY) August 20, 2018
لكن تلك الوعود التي مضى عليها أكثر من عشرة أشهر، وهي ذاتها التي أعلن عنها مراد الحالمي وزير النقل السابق، لم تدخل حيز التنفيذ بعد، وفق تصريحات مسؤولين في الميناء لـ"الموقع بوست"، بل جرى اتخاذ إجراءات من قبل تلك القوات، أدت إلى تهميش وتعطيل الميناء.
وفي الـ16 من يناير 2019م، أعلن البرنامج عن وصول رافعة بقدرة 30 طنا مقدمة من السعودية إلى ميناء نشطون، بهدف رفع كفاءته، لكنها وفقا لمسؤول في الميناء لم تدخل الخدمة بعد.
وصول رافعة بقدرة 30 طن من #السعودية إلى ميناء #نشطون في #اليمن، بهدف رفع كفاءة الميناء وتنشيط الحركة الاقتصادية، ضمن مشاريع #البرنامج_السعودي_لتنمية_وإعمار_اليمن pic.twitter.com/k0x0fh9PJO
— البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (@SaudiDRPY) January 16, 2019
ومن الجدير بالإشارة هنا أن محافظ المحافظة راجح باكريت، والسفير السعودي لليمن محمد سعيد آل جابر الذي يعد المشرف على برنامج الإعمار السعودي، لم يردا على مجمل الأسئلة التي وجهت لهما للتعليق على ما جاء في هذه المادة.
شهادة حية من داخل الميناء
أثناء تجوالنا داخل ميناء نشطون للإطلاع على الوضع هناك، تفاجئنا بمداهمة مجموعة من الجنود اليمنيين الذي يرتدون الزي العسكري ويقودهم أحد الضباط للمكان، وحاولوا الوصول للكاميرات التي كانت بحوزتنا ومصادرتها، بحجة أن المكان منطقة عسكرية يحظر التصوير فيها.
توجهوا نحو المصور، وطالبوا بتسليم الكاميرات والهواتف النقالة، بأسلوب همجي، وبطريقة مستفزة، وعندما امتنعنا عن التسليم، هدد ذلك الضابط الذي ينتمي لإحدى المحافظات اليمنية بأخذ الكاميرات بالقوة، ونقلنا إلى سجن القوات السعودية في مطار الغيضة، قائلا بلهجته المحلية "ما لم تسلموا الكاميرا، والله لن تناموا إلا في السجن داخل المطار".
طلب منا اللحاق به إلى غرفة صغيرة تابعة للقوات السعودية في الميناء للتحقيق معنا ومعرفة من نتبع، وتسليم الكاميرات، وحاول إجراء العديد من الاتصالات، وهو يمسك بجواله في أذنه، وبعد شد وجذب غادرنا المكان، وعلمنا لاحقا أن ذلك الضابط تعرض للسجن بتوجيهات من القوات السعودية بسبب سماحه لنا بالمغادرة.
جرى كل هذا رغم أن القنوات السعودية وتلك المحلية التابعة لمحافظ المهرة بثت عدة تقارير مصورة من داخل الميناء، ولم يتم اعتبار ذلك أمرا محظورا، أو منطقة عسكرية.
لكن الأمر المؤكد الذي خرجنا به وقتها أن ما يتردد عن ممارسات القوات السعودية وتلويحها بالقوة في وجوه المناوئين لها بالمهرة، وتحويلها مطار الغيضة إلى سجن واقعا حقيقيا، وليس افتراءات كما تصفها تلك القوات، وأن تحكم القيادات العسكرية السعودية بالجيش اليمني ليس مجرد تهمة، بل فعلا مجسدا، وأن ميناء نشطون تحول بالفعل إلى ثكنة عسكرية لتلك القوات.