[ القيادي الاشتراكي علي الصراري ]
*هناك اختلالات تشوب أداء التحالف العربي والحكومة الشرعية اليمنية و أكدنا من قبل على أهمية امتلاك رؤية إستراتيجية مشتركة يتفق عليها التحالف مع الحكومة اليمنية، وطرحنا ملاحظاتنا على كثير من النقاط، أما الحوثيون فأداؤهم كارثي بحق أنفسهم وبحق اليمن.
*في الجنوب هناك اتجاهان يمكن أن يكونا مطروحين للمستقبل، الأول الدخول إلى مشروع بناء الدولة الاتحادية وضمن ذلك الاتفاق على عدد الأقاليم والثاني إعلان انفصال متفق عليه وبطريقة سلمية.
*فشلت الأطراف المكونة للقاء المشترك ولم تحاول تطوير أهدافه بعد ثورة 11 فبراير 2011 وإسقاط نظام علي عبدالله صالح وأخذ هذا الفشل طابعا برنامجيا من خلال التباعد الذي ظهر بين أطرافه في مؤتمر الحوار الوطني.
*حزب الإصلاح وبقية الأحزاب الأخرى تسرعوا في المطالبة بطرد دولة الإمارات من التحالف العربي بعد ظهور أزمة سقطرى وموقف الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري كان صائبا.
*المؤتمر الشعبي العام يستطيع أن يحافظ على وجوده ودوره إذا ما توحد في إطار الشرعية ومكن الرئيس عبدربه منصور هادي من قيادته، وإذا أراد طارق أن يلقى شيئا من التقدير فعليه أن يعلن انضمامه للشرعية وقتال الانقلاب تحت قيادة الرئيس هادي.
*على الجناح المؤتمري الذي يحاول أن يكون تيارا خارج الشرعية وربما بديلا لها نقول له بأن هذه ستكون مغامرة لا طائل منها، ولن يستطيعوا أن يعفوا أنفسهم من تحمل مسؤولية الانقلاب ضد الشرعية الذي كان لهم باعا طويلا فيه.
*على أولاد صالح وأولاد أخيه أن يدركوا أن مشروع التوريث قد فشل في ظل وجود الوالد وفي ظل هيمنته وبطشه، أما وقد انتهى إلى هذا المصير المأساوي فإن عشمهم في السلطة كعشم إبليس بالجنة.
*المجلس الانتقالي ثمرة من ثمرات الحراك الجنوبي السلمي والمقاومة الجنوبية المسلحة ضد الانقلاب الحوثي العفاشي، وبهذه الخلفية يجب التعامل معه ومحاورته حول مطالبه لكن المجلس ليس هو الحامل الوحيد أو الممثل الوحيد للقضية الجنوبية.
*يمتلك الحزب الاشتراكي علاقة قوية وواسعة بالمجلس الانتقالي وتشارك قيادات اشتراكية في الهيئات القيادية للمجلس، وبالمثل يمتلك الحزب وجودا قياديا ومؤثرا في المكونات الحراكية الجنوبية الأخرى ويسعى الحزب إلى توحيد كل هذه المكونات.
*الحزب الاشتراكي يرى ويشاركنا في هذه الرؤي التنظيم الناصري أهمية وجود رؤى إستراتيجية مشتركة يتفق عليها التحالف العربي والحكومة اليمنية، ويتشارك الجانبان تنفيذها وينبغي أن تقوم هذه الرؤية على التكافؤ والندية والعمل في إطار الالتزامات المشتركة.
يمر المشهد السياسي والعسكري في اليمن بظروف معقدة، واختلالات كثيرة على كل المستويات، فهناك أزمة عامة ورئيسية وهناك أزمات فرعية كثيرة محشورة في هذا الإطار.
من الشرعية إلى التحالف العربي إلى واقع الأحزاب السياسية ومواقفها المتذبذبة، تبرز الاختلالات بشكل بارز، ومن سقطرى إلى عدن إلى تعز إلى الساحل الغربي، سلسلة طويلة من الاختلالات والتباينات التي تؤكد وجود مشكلة كبيرة ومعقدة، إضافة إلى ظهور أطراف عسكرية جديدة، ومنع عودة الشرعية من فرض سلطة الدولة من قبل أطراف اقليمية وغير ذلك.
مواقف ومواقف أخرى، تسير بها الأحزاب السياسية اليمنية، وتباينات بشأن موقف الحزب الاشتراكي اليمني، والذي تحول مؤخرا إلى موضوع جدل ونقاش واسع، كل ذلك حملناه إلى القيادي السياسي البارز في الحزب الاشتراكي اليمني علي الصراري، وحاولنا في هذا الحوار مع الموقع بوست أن نتوصل إلى توضيحات بشان كل تلك الاختلالات، إضافة إلى مستقبل عائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومصير حزب المؤتمر الشعبي العام، والوضع الراهن لكل من الحكومة الشرعية والتحالف العربي.
نص الحوار
*أربعة أعوام من الحرب في اليمن تداخلت المسارات، وما بين فترة وأخرى تدخل الحرب فصلا جديدا من فصول الصراع لماذا تحولت الحرب إلى حرب مسدودة النهايات؟
* *صحيح أن أمد الحرب طال كثيرا بالقياس إلى التوقعات التي كانت مطروحة عند بدايتها، لكن لا أظن بأن نهايتها غدت مسدودة، فالواضح الآن أن الحرب على سوئها لم تتوقف عند نقطة معينة -وربما أن هذا لا ينطبق على جبهة نهم التي صارت مثالا للسخرية -بل هي تتحرك وحركتها ذات اتجاه واحد، أي في غير صالح الانقلابيين والشرعية تكسب المزيد من الأرض في غالبية الجبهات تقريبا.
نستطيع أن نقول بأنها حركة بطيئة ومكاسبها صغيرة قياسا لما هو ممكن، في البداية كانت قدرة الانقلابيين أكبر بالنظر إلى ما كان يقدمه التحالف بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح ومن ورائه الجناح الذي يقوده في المؤتمر الشعبي العام من قدرة على الحرب وتوفير الأسلحة والمقاتلين ورفد جبهاتهم بها، ويبدو أن مخزون الأسلحة والذخائر الذي أمنه علي عبدالله صالح كان ضخما جدا، وتقول بعض التقديرات إنه كان مخزونا يضارع ما تملكه دولة عظمى، أضف إلى هذا الأسلحة المهربة من إيران وكانت القوات العسكرية المسيطر عليها من علي عبدالله صالح والمنتشرة في المناطق المختلفة تؤمن وصول هذه الأسلحة وخاصة الصواريخ البالستية.
من عوامل إطالة أمد الحرب، أن الوحدات التي أبقت على ولائها للشرعية كانت محدودة العدد والإمكانيات، وعندما بدأ يتشكل الجيش الوطني ظهرت مراكز فساد في قيادته تحرص على الإثراء الشخصي على حساب جنود وضباط الجيش الوطني، وتبين بوضوح أن هذه القيادات الفاسدة لا ينقصها الدافع الى النصر فحسب بل وتنقصها الكفاءة في إدارة المعارك.
بطبيعة الحال حدثت متغيرات مهمة في الآونة الاخيرة، منها الانقسام بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح ومن ثم قتلهم له، ومن لحظتها تغير الموقف الروسي الذي كان يعارض حسم المعركة عسكريا، إلى جانب أن بعض القوى الإقليمية والدولية التي كانت تراهن على إمكانية أن ينقلب علي عبدالله صالح على الحوثيين، وبعد ذلك التوصل إلى اتفاق سلام معه، تقبله دول التحالف العربي، هذا الرهان لم يعد موجودا إلى جانب أن قدرة الحوثيين على الحشد إلى الجبهات تراجعت إلى حد كبير وفي تقديري أن الأسابيع وربما الأشهر القادمة، ستشهد انهيارات متسارعة في صفوف الحوثيين وستخرج من أيديهم المزيد من المناطق والمدن والقرى.
أما إذا استطاعت الشرعية إصلاح صفوفها، ووضعت حد للفساد في إطار الجيش الوطني، واحترمت المعايير الوطنية في بناء الجيش، ووضع قيادات نزيهة وكفؤة على رأس تشكيلاته المقاتلة فإن النصر سيكون سريعا جدا.
*هناك من يربط نهاية الحرب بعدم توفر طرف سياسي بديل في اليمن تعتمد عليه القوى الإقليمية والدولية في المستقبل؟ ما علاقة هذا الطرح بإطالة أمد الحرب؟
* *في تقديري أن إطالة أمد الحرب ينطوي على خطر أكبر، لأن ذلك سيصل باليمن إلى مرحلة يصعب التحكم بها، وستخرج عن السيطرة لصالح الفوضى الشاملة، وتنامي الجماعات والأنشطة الإرهابية، ثم إن النهاية الحقيقية والممكنة للحرب تتوقف على قدرة اليمنيين على بناء شراكة واسعة فيما بينهم لإدارة البلد بدلا من تسليمها لشخص أو جماعة أو حزب يوالي هذه القوة الإقليمية أو الدولية أو تلك، لأنه في هذه الحالة لن تتوقف الحرب ولن تستقر الأوضاع في اليمن.
وفي تقديري أن الدولة اليمنية القائمة على الشراكة بين قواها السياسية والاجتماعية والممثلة لكافة مكوناتها هي وحدها القادرة على ضمان المصالح المشروعة، للقوى الإقليمية والدولية، بما لا ينتقص أو يضر بالمصالح الوطنية للشعب اليمني.
*كيف تنظر إلى المشهد في الجنوب؟ وما الذي يمكن أن تقوله لنا عن ذكرى الوحدة اليمنية على ضوء ما حدث ويحدث؟
** لا يزال المشهد القائم في الجنوب على الرغم من خروجه من قبضة الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح مرتبكا يستدعي الحيرة، وربما يرتبط هذا الوضع بعدم تمكن القوى الجنوبية المختلفة من إدارة حوار يتمخض عنه توافق جنوبي، على تحديد أهداف وخيارات واقعية قابلة للتطبيق، ولا تزال الشعارات العاطفية تطغى على المشهد.
أي أن هذا يستدعي أهمية أن تتجه كافة القوى الجنوبية، إلى الحوار والاتفاق فيما بينها أولا، ثم العمل على إدارة حوار مع بقية الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية، للاتفاق على مصير الجنوب، وفي هذا الصدد هناك اتجاهان يمكن أن يكونا مطروحين للمستقبل، الأول الدخول إلى مشروع بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية اليمنية، وضمن ذلك الاتفاق على عدد الأقاليم التي يتكون منها الاتحاد، والثاني إعلان انفصال متفق عليه وبطريقة سلمية، هذا الأمر يتطلب التفكير بواقعية ومسؤولية وتجنب الوقوع تحت هيمنة الشعارات العاطفية التي غالبا ما يكون الدافع إليها البحث عن الزعامة والشعبوية.
أما بالنسبة لذكرى الوحدة اليمنية فأننا نقف أمام مصير مأساوي عصف بمشروع الوحدة اليمنية وألحق به إساءات عميقة لا يمكن تجاوزها إلا من خلال تغيير شكل الوحدة ومضمونها.
ومن المهم هنا أن أشير إلى أن رد الفعل السلبي تجاه الممارسات الإجرامية لعصابات 7/7 وحربها القذرة عام 94 ضد الجنوب، وضد المشروع الوحدوي الديمقراطي دفع البعض إلى أخذ موقف عدائي من الوحدة كقيمة سياسية ووطنية وإنسانية، ورد فعل كهذا ينطوي على خطر دائم يستهدف كيان الدولة حتى لو كانت الدولة هي الدولة الجنوبية وسيغدو التفكك والتفتيت هو القيمة العليا المقابلة لقيمة الوحدة.
*كل الحلول باتت شبه مستحيلة لهذه الحرب كما يرى البعض، لا الحسم العسكري وجد طريقه ولا المفاوضات السياسية وجدت طريقها؟ لماذا برأيك؟ أين يكمن الخلل؟
** هذا استنتاج غير دقيق، لأن الحلول العسكرية والسياسية لا تزال مطروحة ولا يزال الجميع داخل اليمن وخارجها يتعامل مع هذه الحلول، الحرب مستمرة وإمكانية الحسم فيها وارد، وكذا الحل السياسي التفاوضي مطروح ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بصدد إطلاق مبادرة جديدة للتفاوض والتسوية، وفي النهاية لا يمكن أن تستمر الحرب إلى ما لانهاية، ولا بد أن تتوقف في لحظة ما، ولا بد أن تتوصل السياسة إلى حل قابل للتنفيذ، الحرب مؤلمة لكن لا ينبغي أن نفقد الثقة بإمكانية وضع نهاية لها.
*من المتوقع أن يقدم المبعوث الأممي خارطة جديدة للحل، هل تتوقع أن يصنع المبعوث الجديد حلا لهذه الأزمة؟ وكيف؟
** أظن أن المبعوث الجديد قد أخذ وقتا كافٍ في استطلاع وجهات نظر الأطراف المختلفة، وكان حريصا أن يلتقي بالجميع، وأن يذهب إلى كل مكان، وأن يتعرف على ما تريده الأطراف، بغض النظر عن حجمها ودرجة علاقتها بقضية الحرب والصراع الدائر في اليمن، الآن الصورة واضحة لديه، ويستطيع أن يرى ما تحتويه هذه الصورة من تناقضات وتوافقات، ويستطيع أن يرى المداخل المناسبة التي تستوعب المطالب والمخاوف لهذا الطرف او ذاك، وفي تقديري أن المبعوث حصل على تأكيدات الدعم من جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وإذا أضفنا إلى كل ذلك ما يتمتع به المبعوث من خبرة وقدرات سياسية أتوقع أن يتقدم بخطة محكمة تضع قطار الحل على قضبان التسوية، ومن ثم السلام والاستقرار في اليمن، أنا ممن ينتظرون هذه الخطة والتفاؤل يغمرهم.
*حاجة القوى السياسية في اليمن لمراجعات سياسية وتاريخية؟ وما أبرز تلك المراجعات برأيك؟
**ليس جديدا أن القوى السياسية المختلفة تؤكد استعدادها للقبول بالآخر والتعايش معه، لكن الأمر الأكثر أهمية أن تترجم هذه التأكيدات إلى ممارسات حقيقية وتوجهات ملموسة ذات مصداقية.
التجربة التاريخية لليمنيين أفضت إلى استخلاص درس مهم جدا، هو أن اليمن لا يمكن أن يستقر وأن يزدهر إلا بوجود شراكة حقيقية بين مكوناته السياسية والاجتماعية، وأن هذه الشراكة لا يمكن أن تقوم إلا بالتزام الجميع باحترام الآخر، وصيانة مصالحه المشروعة، ويتطلب هذا ايضا احترام التنوع الفكري والثقافي والخصوصيات المحلية، والنظر إليها باعتبارها مصدر غنى وقوة لليمن الاتحادي، المطلوب الآن من القوى السياسية المختلفة أن تسأل نفسها: ماذا فعلت في الممارسة لتأكيد مصداقية موقفها من الآخر؟ أما إطلاق المزيد من التأكيدات اللفظية فلم تعد تعني شيئا.
*على مستوى الأحزاب السياسية والتحالفات، لنفترض أن اللقاء المشترك لم يعد صيغة سياسية مناسبة، ما البديل لذلك على صعيد الكتلة السياسية التاريخية؟
** كان اللقاء المشترك يصلح لأن يكون إطار الكتلة السياسية التاريخية المدعوة لإنجاز مهام بما يتعلق بالدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، ولكن مشكلته أن الأطراف المكونة له فشلت، وربما لم تحاول تطوير أهدافه بعد ثورة 11 فبراير 2011 وإسقاط نظام علي عبدالله صالح، وأخذ هذا الفشل طابعا برنامجيا من خلال التباعد الذي ظهر بين أطرافه في مؤتمر الحوار الوطني.
لا أريد هنا أن أتوغل في تفاصيل هذا الفشل لأنه معروف، ولكن من المهم التأكيد على أن قيام كتلة سياسية تاريخية لا تزال مهمة قائمة ومطلوب إنجازها ولم يفت الوقت عليها بعد، بل يحتاج الأمر إلى مراجعات حقيقية للتوجهات البرنامجية لدى الأطراف السياسية والاجتماعية والأخذ بالجوامع المشتركة وتجاوز ضيق الأفق الحزبي أو تطويع التحالفات لخدمة هيمنة طرف بذاته.
أما بشأن تحالف الأحزاب المؤيدة للشرعية المتعثر منذ 3 سنوات تقريبا فإنه تحالف مؤقت مرتبط بإنجاز مهام إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة التي أطاح بها الانقلاب، وفي جميع الأحوال تظل التحالفات الأولية أو الممهدة لتحالفات أكبر مطلوبة كجزء من حيوية العمل السياسي الوطني.
*هناك جدل سياسي كبير بشأن المواقف التي تعلن عنها الأحزاب السياسية بينها الحزب الاشتراكي اليمني؟ ولماذا بدأت الأحزاب تتجه نحو الخلافات؟
** فعلا تحتاج الأحزاب السياسية الوطنية أن تكون أكثر تقاربا في هذا الظرف كي تنجح في إخراج اليمن محنتها الراهنة، لكن هذا الظرف الصعب نفسها جعل البعض منها يميل بقوة نحو القراءة المتعسفة أو المرتابة لمواقف الأحزاب الأخرى، الأمر الذي يتطلب أن يتروى هذا البعض، وأن لا يتهور ويرتجل مواقف غير مدروسة، وأضرب مثلا على هذا التسرع الذي شاب موقف التجمع اليمني للإصلاح ومعه مجموعة من الأحزاب الأخرى والمطالبة بطرد دولة الإمارات العربية من التحالف العربي بعد ظهور أزمة سقطرى في الآونة الأخيرة والدفاع في توجيه التهم الجزافية ضد الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري لأنهما رفضا الانضمام لذلك البيان المتهور، ثم أظهرت الأحداث اللاحقة صحة موقف الحزب والتنظيم وأن الأمر يمكن معالجته دون خسران الإمارات التي تلعب دورا رئيسيا ومهما في إطار التحالف العربي، على أن تفكك التحالف العربي سيكون كارثة على اليمن، وسيمكن الانقلاب الحوثي من استعادة أنفاسه، بل والعودة مجددا لاستعادة السيطرة على المناطق التي خرجت من يده، ومن ناحية أخرى كان الحزب والتنظيم يدركون الأضرار الفادحة للدعاية القطرية التي روجت لطرد الإمارات من التحالف، وتقبلتها بعض القوى اليمنية خلافا لما تتطلبه مصلحة اليمن والمتمثلة بالنأي بالنفس عن التورط في هذه الاستقطابات العبثية.
يمكن قول شيء مشابه حول الموقف من المجلس الانتقالي في الجنوب، ففي حين دفع البعض نحو استقطاب جنوبي -جنوبي بما يخلق ظروف لمزيد من العنف في الجنوب كانت رؤية الحزب أن يقبل الجميع بالحوار مع الانتقالي، والبحث في المطالب التي يطرحها والعمل من أجل التوصل إلى حلول واقعية ومقبولة وقابلة للتنفيذ، ويضمن ذلك الحوار مع الإمارات بشأن توحيد القوى الأمنية والعسكرية في إطار الشرعية وتحت رايتها، وفي تقديري أن الحزب ظل يتصرف برؤية وطنية أعمق وأشمل بينما الذين شنوا الحملات الدعائية ضده كانوا يتصرفون من وحي مصالحهم الصغيرة فقط.
*ماذا عن مغادرة صالح للمشهد برحيله النهائي؟ وماذا عن إحياء بعض رجال عائلة صالح والعودة بهم إلى المشهد كما هو حاصل مع طارق صالح؟
** كانت نهاية درامية مأساوية اختتمت فترة غلب عليها اللامشروع وتسيدها الفساد والحروب الداخلية، وأتمنى أن يتجاوز الشعب اليمني مرارات هذه الفترة وينصرف إلى ترتيب شؤون مستقبله مستفيدا من دروسها.
أما عن المؤتمر الشعبي العام فأظن أنه يستطيع أن يحافظ على وجوده ودوره إذا ما توحد في إطار الشرعية ومكن الرئيس عبدربه منصور هادي من قيادته، وعلى الجناح الذي يحاول أن يكون تيارا خارج الشرعية وربما بديلا لها فإن هذه ستكون مغامرة لا طائل منها، ولن يستطيعوا أن يعفوا أنفسهم من تحمل مسؤولية الانقلاب ضد الشرعية الذي كان لهم باع طويل فيه.
أما أولاد صالح وأولاد أخيه فعليهم أن يدركوا أن مشروع التوريث قد فشل في ظل وجود الوالد وفي ظل هيمنته وبطشه، أما وقد انتهى إلى هذا المصير المأساوي فإن عشمهم في السلطة كعشم إبليس بالجنة، وإذا أراد طارق أن يلقى شيئا من التقدير فعليه أن يعلن انضمامه للشرعية وقتال الانقلاب تحت قيادة الرئيس عبدربه.
*ما رأيك بالمجلس الانتقالي؟ وما علاقة الاشتراكي بهذا المجلس؟ وهل صار هو الحامل للقضية الجنوبية والحزب الاشتراكي سلم له الأمر؟
** المجلس الانتقالي ثمرة من ثمرات الحراك الجنوبي السلمي والمقاومة الجنوبية المسلحة ضد الانقلاب الحوثي العفاشي، وبهذه الخلفية يجب التعامل معه ومحاورته حول مطالبه ودوره، لكن المجلس ليس هو الحامل الوحيد أو الممثل الوحيد للقضية الجنوبية، فهناك قوى ومكونات حراكية أخرى لها وجودها وتأثيرها ومنها مؤتمر حضرموت الجامع، وليس من حق مكون واحد أن يتحدث باسم الجنوب، بل لا بد من حوار تشارك فيه كافة القوى والمكونات الجنوبية، والتوصل إلى صيغة تتفق عليها في كيفية تمثيل القضية الجنوبية والمشاركة في التسوية السياسية الشاملة باسمها.
يمتلك الحزب الاشتراكي اليمني علاقة قوية وواسعة بالمجلس الانتقالي، ويشارك العديد من القياديين الاشتراكيين في الهيئات القيادية للمجلس، وبالمثل يمتلك الحزب وجودا قياديا ومؤثرا في المكونات الحراكية الجنوبية الأخرى، ويسعى الحزب إلى توحيد كل هذه المكونات والاتفاق على صيغة برنامجية موحدة لها، يتفق هذا الدور للحزب مع انخراط أعضائه ومنظماته في العملية الوطنية الشاملة لمقاومة الانقلاب الحوثي، واستعادة الدولة اليمنية من قبضة الانقلابيين واستعادة العلنية السياسية الشرعية برئاسة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رأس الشرعية المعترف به إقليميا ودوليا.
*هناك من يقول بأن هناك أجندة إقليمية في بعض المناطق المحررة خارج أهداف استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب كيف ترى الامر ؟
**ليس كل ما يقال صحيحا، وإذا ما أجلت ببصرك مواقف أطراف التحالف العربي ستجدها جميعا تؤكد التزامها بمهمة استعادة الشرعية والإطاحة بالانقلاب وإعادة اليمن إلى محيطها العربي، وما يقال كثير جدا، ولكن وتجنيبها الوقوع في براثن المشروع الإيراني الطائفي المعادي للعروبة، لكن الحزب الاشتراكي يرى ويشاركنا في هذه الرؤية التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أهمية وجود رؤى إستراتيجية مشتركة يتفق عليها التحالف العربي والحكومة اليمنية، ويتشارك الجانبان تنفيذها تجنبا للاختلافات المعيقة لاستعادة الدولة اليمنية، وينبغي أن تقوم هذه الرؤية على التكافؤ والندية والعمل في إطار الالتزامات المشتركة.
*ما تقييمك لكل من أداء الشرعية والتحالف العربي وجماعة الحوثي؟
**ما يهمني هنا هو أداء التحالف العربي، والشرعية، وللأسف الشديد هناك اختلالات تشوب هذا الأداء وسبق أن أكدت على أهمية امتلاك رؤية إستراتيجية مشتركة يتفق عليها التحالف مع الحكومة اليمنية، كما أن قيادة الشرعية مطالبة بالاستجابة للمطالب المطروحة أمامها من الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والمتعلقة بوضع حد للفساد المالي والإداري، ومراجعة التعيينات العبثية المخالفة للقانون واحترام المعايير الوطنية في بناء الجيش الوطني، واحترام حق الأحزاب في الشراكة في القرار السياسي ..الخ.
أما بالنسبة للحوثيين فأن أداءهم كارثي بحق اليمن وبحق أنفسهم، وهم وحدهم يتحملون مسؤولية الاستمرار في السير على هذا الطريق المهلك.