[ الفريق الركن علي محسن الأحمر يتفقد جبهة نهم - أرشيف ]
بعد ركود دام لأشهر، عاودت جبهات القتال المختلفة الاشتعال مجددا، خصوصا جبهات تعز ونهم، كإجراءات استباقية تعوّد اليمنيون رؤيتها قبيل إجراء مشاورات سياسية.
مليشيات الحوثي دشنت حملتها في تعز، تحديدا في الجبهة الغربية، والهدف بدا واضحا وهو إعادة الحصار على تعز عبر السيطرة على منطقة الضباب.
جاء ذلك في ظل حديث عن إنشاء قوات "حزام أمني" للمدينة على غرار المدن الجنوبية الخاضعة لسيطرة الشرعية، والتي قوبلت بالرفض القاطع، نظرا للسمعة السيئة التي حظي بها "الحزام الأمني" الجنوبي.
لكن سرعان ما جاء الرد للقوات الحكومية بهجوم على مواقع الحوثيين في جبهة نهم شرق العاصمة، وبحسب قيادة المنطقة السادسة، فإن القوات الشرعية تمكنت من تحرير بعض المواقع هناك.
وتشهد المكونات المؤيدة للشرعية انقساما ترجمه الحراك الجنوبي الممثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطالب بالانفصال، حيث يقوم رئيس مجلسه برحلة مكوكية إلى حضرموت والمهرة شرق البلاد للملمة الجهود في سبيل الانفصال عن الشمال.
بالمقابل، من المتوقع إشهار تحالف جنوبي مؤيد للشرعية، تقول مصادر إنه يجري الإعداد له منذ أشهر برعاية المملكة السعودية، ربما يكون كيانا مناهضا للمجلس الانتقالي الحالي.
ويرى مراقبون أن الوتيرة المتسارعة التي تجري عليها الأحداث هي معارك تسعى من خلالها الأطراف المختلفة لتحقيق مكاسب واقعية، ربما كانت مقدمة لتسوية دولية ما يجري الإعداد لها.
استماتة الحوثيين في تعز
كلما أراد الانقلابيون تحقيق انتصارات معنوية لمقاتليهم أو ترقبا لمحادثات دولية وشيكة، هرعت مليشياتهم للانقضاض على تعز، فأرادت هذه المرة إعادة الحصار على المدينة مجددا، الأمر الذي راق كثيرا لدعاة "الحزام الأمني".
بدأ الحوثيون، عبر حشد غفير، السيطرة على جبل هان وقطع خط الضباب، الشريان الذي يغذي تعز، وبالتالي سيسمع القاصي والداني عن هذا النصر، وستسمع أنات المقهورين داخل المدينة جهارا.
حاول الحوثيون مرارا فعل ذلك، غير أنهم فشلوا بعد هجمات دامت لأيام، وعادوا ليعوضوا ذلك بالهجوم على جبهة مقبنة لقطع الخط من مكان آخر، في ظل غياب للطيران وتواطؤ واضح من دعاة "الحزام الأمني".
تأتي هذه الحملة عقب إدراج وزارة الخزانة الأمريكية لقيادات في مقاومة تعز في قائمة الإرهاب، والذي صادقت عليه دول تحالف دعم الشرعية، الأمر الذي جعل الحوثيين ينصبون أنفسهم كمكافحين للإرهاب، مبررين كافة جرائمهم بحق أبناء المدينة.
فشل نموذج الشرعية
لم تكن ردة الفعل الحكومية في نهم إلا محاولة لتخدير العقول، إذ على الرد أن يكون بإسناد تعز واستكمال تحريرها، لكن الانقلابيين يعرفون قيمتها أكثر من الحكومة وتحالف دعم الشرعية.
سيكون الرد الحكومي قاس بتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، ورسم نموذج مشرف كرسالة واضحة للمجتمع الدولي بالفارق الذي حققته، وكرسالة تطمينية للمواطن البسيط أن لا خذلان سيطاله.
سيكون الرد الحكومي مدويا في إعادة أسعار العملات الأجنبية ولو نسبيا، وصرف مستحقات الموظفين الحكوميين في ربوع الوطن، وتسليم رواتب الجيش الوطني الذي يعول عليه إخراج البلاد من براثن الانقلاب.
لكن فشل أو إفشال النموذج الشرعي في المناطق الخاضعة لسيطرتها يرسم هو الآخر صورة قاتمة عن مستقبل البلاد، خصوصا مع التباين الذي طفح مؤخرا على التحالف العربي، وامتداد الحرب لتصل ثلاث سنوات دونما بوادر تلوح في الأفق.