ارتباط شهر رمضان بالطعام وزيادة الوزن، لم يعد محل شك، وتقريباً لم يعد الموضوع محلّ نقاش، حيث تشير غالبيّة الدراسات الطبيّة الحديثة، إلى زيادة الوزن في شهر رمضان. السؤال الآن، كيف تخرج من شهر رمضان الكريم دون أن يزداد وزنك؟ خاصة مع الإمساك عن تناول الطعام والشراب لأكثر من 15 ساعة، في أجواء ذات درجات حرارة مرتفعة جداً، تتزامن مع شهر الصيام هذا العام. الدكتور أشرف عبد العزيز، أستاذ التغذية، يقدم مجموعة من النصائح والإرشادات للصائم، كي ينعمَ بإفطار صحيّ وشهّي على مدار شهر كامل دون زيادة في الوزن، وتراكماتٍ في الشحوم الثلاثيّة أو الكوليسترول. في البداية، يؤكد الدكتور عبد العزيز، أن رمضان تواكبه هذا العام درجات حرارة مرتفعة جداً، وبالتالي خروج كميَّة كبيرة من العرق من الجسم، تحتوي على العديد من الأملاح المعدنيّة. وهو الأمر الذي يتطلَّب شرب كميَّات كبيرة من المياه. يقول في ذلك: "من المفترض أن يتناول الشخص في الأيام العادية حوالي 8 أكواب من المياه، ونفس الأمر وقت الصيام، فلا بُدَّ من تناول نفس كميّة المياه، ويفضّل تناولها منذ بدء الإفطار وحتى السحور. فالتقليل من كميات المياه يؤدّي إلى اختلال نسبة السوائل في الجسم، وهذا أمر غير صحّي ويؤدّي إلى اضطرابات"، موضّحاً: "يمكن أن تكون المياه في صورة عصائر، ويجب أن تكون عصائر طبيعيّة، لأن العصائر الأخرى تحتوي على كميات كبيرة من السكر، أو المشروبات الرمضانية التقليديّة، مثل قمر الدين والتمر هندي". ويقسم الدكتور عبد العزيز وجبات رمضان، وما يجب تناوله فيها، كالآتي:
الإفطار
يفضل أن يبدأ الإفطار على تمر ولبن، كما يؤكد الدكتور عبد العزيز، مشدداً على أهمية التمر في تعويض الجسم بالسكريات اللازمة، حيث يسمّى التمر بالثقافة الشعبيّة بـ "المنجم" بسبب احتوائه على الحديد وعدد كبير من المعادن اللازمة للجسم. ويضيف: "يجب التركيز في الإفطار على الخضروات المطهية والطازجة، مثل الملفوف والخس والجرجير والخيار وما إلى ذلك. تشكّلُ الخضر مصدراً هاماً جداً لتعويض الجسم عن الأملاح المعدنية التي يفقدها، ويفضّل الابتعاد عن المخللات بسبب احتوائها على كميّة كبيرة من الملح، أو تناولها بكمية قليلة جداً دون شرب مياهها كما يفضّل الكثيرون". ويشدد عبد العزيز على ضرورة تناول قطعة من البروتين الحيواني، حتى وإن كان عبارة عن بيض مسلوق لمن لا يستطيع شراء اللحوم أو الطيور، منبهاً إلى ضرورة الابتعاد عن تناول المعجنات أو الأرز أو الخبز، وإذا لزم الأمر يمكن تناولها بكميات قليلة جداً، بسبب سهولة تحوّلها إلى شحوم، وبالتالي زيادة الوزن في الجسم.
التحلية
في رمضان، تمتد فترة أكل الحلوى من بعد الإفطار إلى السحور. ويؤكد عبد العزيز، أن تلك الفترة تكون خطيرة في حال اقتصر الغذاء على السعرات الحرارية الكبيرة، وذلك بسبب العادات الشائعة في تناول الحلوى الرمضانيّة والمكسرات الثقيلة. ويفضل الدكتور عبد العزيز، ألا يتم تناول أي شيء بعد الإفطار لمدة ساعتين على الأقل، ويفضّل أنْ ُيكِثر فيها الفرد من شرب المياه، مضيفاً أنه يجب التقليل من تناول الطعام في تلك الفترة، وخاصة أثناء مشاهدة التليفزيون، لأن عملية الطعام أمام التلفزيون هي عمليّة غير واعية ولا يمكن التحكم بها بسهولة"، ويؤكد أنه من الممكن تناول قطعة من الكنافة أو قطعتين من القطايف، أو 25 غراماً من المكسرات بما يعادل 10 حبات، وليس الجمع بين كل تلك الأصناف في يوم واحد، أو تناول كمية كبيرة من نوع واحد، حيث يؤدي ذلك إلى تخزين السعرات الحرارية في الجسم في صورة دهون. ويلفِت إلى أنّه يمكن استبدال الحلوى الرمضانية كل فترة بالفاكهة، لإمداد الجسم بالألياف والأملاح المعدنية. وينصح الدكتور عبد العزيز، ببذل مجهود بدني، بعد تناول تلك الوجبة، حتى بالمشي لمدّة 30 دقيقة على الأقل.
السحور
يؤكد عبد العزيز أن الطبق الرئيسي الذي يُشعِر الصائم بالشبع وعدم الجوع هو الفول، فيجب تناوله لكن مع الأخذ في الاعتبار عدم الإفراط في الدهون المستخدمة في تجهيز طبق الفول، وكذلك عدم إضافة الطحينة لأنها تزيد من السعرات الحرارية، مشيراً إلى أهمية تناول الخس والخيار بجانب الفول. ويضيف أنه "لا بد من تناول الزبادي، لأنه يقلل الإحساس بالعطش ويساعد على الهضم"، موضحاً أن هناك اعتقاداً خاطئاً بأن شرب المياه بكميات كبيرة أثناء السحور يمنع العطش، مفسراً ذلك: "هذا اعتقاد خاطىء، لأنه يوجد ميزان مياه في الجسم، والمياه الزائدة تخرج في صورة عرق، ولا يمكننا تخزينها لأننا لسنا مثل الجمل".
أما بالنسبة لـ"عزومات رمضان"، فلا يمانع الدكتور عبد العزيز، في تجاوز النظام الغذائي خلالها "مرة أو مرتين طوال رمضان"، ويوضح: "إذا التزم الصائم بهذه الإرشادات، فلا مانع من خرقها لمدّة يوم أو يومين أثناء الموائد المشتركة الكبيرة، لا مشكلة في ذلك، ولكن يفضل المشي ساعة بعد الطعام". ويختتم عبد العزيز بأن تناول المياه والخضروات وممارسة الرياضة بشكل مستمر هو الضمانة لقضاء رمضان بأمان والخروج منه دون زيادة في الوزن، بل من الممكن أن تخرج منه بوزن أقل بعض الشيء.