[ تراجع المساعدات أحد الأسباب الرئيسية في ندرة السلع بالأسواق (فرانس برس) ]
انزلقت الأوضاع المعيشية في اليمن إلى مستويات كارثية من التدهور، خلال الفترة الأخيرة، في ظل أزمة غذائية وسلعية تضرب الأسواق التجارية.
يتزامن ذلك مع نقص حاد في المعروض يشمل مختلف السلع الأساسية وانعكاس ذلك على الأسواق المحلية وارتفاع الأسعار إلى مستويات مضاعفة بالرغم من الركود التجاري وانخفاض القوة الشرائية لليمنيين.
وتركزت الزيادة السعرية في أهم السلع الغذائية مثل الدقيق الذي قفز إلى ما يقارب 45 ألف ريال في عدن وتعز ومناطق سيطرة الحكومة اليمنية، بينما يقترب سعره في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين من 22 ألف ريال للكيس سعة 50 كيلوغراما.
وزادت أسعار زيوت الطبخ ومنتجات الألبان بنسبة تزيد على أكثر من 70%، في حين قفزت أسعار البيض من 1800 ريال للطبق الواحد (الدولار = نحو 1140 ريالا).
ويشكو تجار في مختلف المناطق اليمنية من تراجع حركة الإمداد السلعي في الأسواق الداخلية تأثراً باضطراب حركة الاستيراد والقيود المفروضة على التوريد إلى اليمن، ما أدى إلى نقص حاد في العديد من السلع الأساسية.
من جانبه، يوضح التاجر في عدن جنوب اليمن، صابر أحمد، لـ"العربي الجديد"، أن هناك تخوفا تجاريا في الأسواق اليمنية نتيجة عدم وضوح الرؤية في الأسواق والأوضاع المتأزمة وتبعات وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، ما جعل تجار الجملة يتعاملون بحذر شديد في الإمداد السلعي واحتياجات الأسواق المحلية.
ويؤكد البنك المركزي اليمني أن قيمة السلع التي تمت تغطيتها من خلال مزادات بيع العملة الأجنبية البالغة حتى الآن 466.7 مليون دولار تصل إلى 11 سلعة، تشمل القمح بنسبة تزيد على 35%، والدجاج المجمد حوالي 19%، ونحو 16% لكل من السكر والأرز، إضافة إلى الدقيق 7%، وغيرها من المواد.
الباحث الاقتصادي علي قايد يتحدث لـ"العربي الجديد"، عن تأثير انخفاض التمويلات والمساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الأممية بأكثر من النصف وتأثر الأسواق اليمنية بدرجة كبيرة.
وأوضح أن ذلك ساهم في تصاعد أزمة ندرة المواد الأساسية والإمدادات الغذائية بشكل كبير، وسط عجز حكومي عن تقديم أي حلول إجرائية للتخفيف من حدة المشاكل الغذائية والسلعية بما يفضي لتغطية النقص في المعروض من مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية.
ويشير قايد إلى أن المنظمات الأممية كانت تغطي نسبة تزيد على 25% من احتياجات اليمن السلعية من الدقيق والقمح والزيوت والسكر، والتي كانت تمنح إلى مئات الآلاف من المستفيدين اليمنيين وانعكاسها في نفس الوقت على الحركة التجارية والأسواق التي كانت تستقبل كمية من هذه السلع التي تضطر بعض الأسر بيعها إلى تجار مواد غذائية لتوفير جزء من السيولة التي تحتاجها هذه الأسر لتوفير وشراء بعض السلع والاحتياجات الغذائية والاستهلاكية الأخرى.
ويفيد مستفيدون في محافظات الحديدة وتعز وإب بأنهم حصلوا من آخر توزيع للمساعدات الغذائية الأسبوع الماضي على نصف كيس من القمح أو الدقيق نحو 25 كيلوغراما فقط بعد أن يصل ما يحصلون عليهم بين 50 و100 كيلوغرام مع كل دورة توزيع التي كانت تصل إلى شهرين وأكثر، إضافة إلى مواد غذائية أخرى كالسكر وزيت الطعام.
فيما تبين تقارير اقتصادية أن الحرب الروسية الأوكرانية في ظل الأوضاع الحالية في اليمن، وانخفاض المخزون السلعي وارتفاع الأسعار ستكون شديدة التأثير على الفئات الأشد فقراً والأكثر احتياجاً، إذ تمثل المواد الغذائية ما لا يقل عن ثلثي إجمالي نفقات الأسر اليمنية مع اضطرار نسبة كبيرة من هذه الأسر إلى رهن ممتلكاتها الثمينة حتى تتمكن من شراء الطعام.
ويلفت الباحث الاقتصادي هشام النقيب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وقوف الحكومة والسلطات اليمنية المتعددة مكتوفة الأيدي في التعامل مع هذه الأزمات التجارية والسلعية والمعيشية، إذ إن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن عملها من قبل الحكومة في إطار أسس وقواعد الشراكة مع القطاع الخاص اليمني.
ورغم النقص الحاد في العديد من السلع الأساسية، تعاني الأسواق اليمنية من حالة ركود واسعة انعكست سلباً على التجار. وحسب تاجر المواد غذائية في تعز جنوب غربي اليمن، عبد الغفار الشرجبي، لـ"العربي الجديد"، فإن كثيراً من التجار وباعة المواد الغذائية أصبحوا مهددين بالإفلاس بسبب الانخفاض الذي تشهده الحركة التجارية في الأسواق وتحديات فرضها عدد من العوامل، كعدم مقدرة الناس على الشراء وتناقص البضائع والسلع من أدراج محال البيع بالتجزئة.