[ عاد الكثير من العمالة اليمنية لبلدهم بسبب سياسة السعودية الجديدة ]
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن إجبار السلطات السعودية اللاجئين اليمنيين القاطنين بالمملكة على العودة إلى بلادهم رغم الحرب. ويبدو أن اليمنيين هم أول ضحايا سياسة تركيز اليد العاملة السعودية في سوق الشغل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المهاجر اليمني "صقر" البالغ من العمر 20 سنة لا يتذكر من طفولته التي قضاها في عدن شيئا، ولم يبق له سوى بعض الصور التي التقطها مع عائلته. لقد ترعرع صقر وكبر في أحد الأحياء القديمة للعاصمة السعودية الرياض. وفي ظل الأوضاع الراهنة، ذكر صقر أن والده قرر أن يعيد والدته وأخواته الست إلى عدن رغم انعدام الأمن، ولكنه مازال مترددا بشأن عودته إلى مسقط رأسه.
وأكدت الصحيفة أن والد صقر (الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه خوفا من شد انتباه السلطات السعودية) فقد تجارته سنة 2017 بعد أن كان صاحب محل لبيع الهواتف المحمولة. ويعتبر والد صقر من بين ضحايا سياسة المملكة الجديدة التي تهدف إلى تشجيع اليد العاملة المحلية لتعويض اليد العاملة الأجنبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا العامل اليمني لم يعد قادرا على دفع تكاليف الضريبة الجديدة التي فرضتها المملكة على عائلات العمال الأجانب منذ شتاء سنة 2017. وتتمثل هذه الضريبة في إجبار العامل الأجنبي على دفع 200 ريال سعودي شهريا، أي ما يعادل 45 يورو، عن كل فرد من عائلته بما في ذلك الأطفال.
ومن المقرر أن ترتفع قيمة هذه الضريبة بحلول سنة 2019 لتصل إلى 300 ريال شهريا، ثم 400 ريال خلال السنة التي تليها. كما ستكون هذه الضريبة مرفقة بالترفيع في قيمة رخصة العمل المفروضة على العامل الأجنبي بالمملكة.
وأضافت الصحيفة أن هذه الضرائب تشمل كل الأجانب العاملين بالسعودية على غرار الوافدين من جنوب آسيا والنيبال وسريلانكا، ولكن يبدو أنه كان لها وقع خاص على اليمنيين الذين يهاجرون غالبا إلى السعودية صحبة عائلاتهم. وفي هذا السياق، أورد محمد العمري وهو يمني مقيم بالمملكة، "أنا أحترم القانون، لكن لماذا ليس لنا وضع خاص في المملكة؟ فالحكومة السعودية هي من بدأت الحرب الدائرة في بلادي".
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية صرحت خلال شهر أيار/ مايو بأنها تؤوي قرابة 600 ألف يمني، إلا أن الرقم الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير لاسيما مع انتشار عمال غير شرعيين في المملكة.
بالإضافة إلى ذلك، تسببت الحرب في دخول اقتصاد اليمن في حالة من التضخم المالي، ناهيك عن فرض ضرائب على البضائع في نقاط التفتيش المنتشرة في أغلب الطرق بما في ذلك البنزين الذي أضحى نادرا وباهظ الثمن. وأمام هذه الظروف، ينتاب اليمنيين الذين غادروا الرياض مخاوف من تداعيات الأزمة الاقتصادية في اليمن أكثر من العواقب التي تنجر عن أعمال العنف.
وروت الصحيفة قصة اليمني المقيم بالسعودية، محمد أحمد، الذي يعاني من ابتزاز مشغله صاحب شركة لسيارات الأجرة، الذي يقتطع الضرائب مباشرة من أجر محمد أحمد، وطالبه بدفع فدية لتجديد ترخيص عمله في المملكة.
وفي هذا السياق، أكد محمد أحمد "لقد هددوني بأنني سأصبح عاملا غير شرعي إذا لم أدفع لهم، وهم يعلمون جيدا أنني لا أملك المال. ولكنني لا أقدر على القيام بأي شيء في هذا البلد من دون عرض أسماء أصحاب عملي، فإذا ذهبت إلى المستشفى، يجب علي أن أعطي أسماءهم لكي أتلقى العلاج".
وقالت الصحيفة إن الضغط المسلط على اليمنيين يندرج ضمن سلسلة من الإصلاحات التي شملت سوق الشغل السعودي، وجزءا من سياسة الهجرة الجديدة التي أقرتها المملكة منذ سنة 2011 لصد موجة "الربيع العربي".
وفي الواقع، ابتدعت شركات الاستشارات الغربية جزءا من هذه السياسة، حيث قدمت للسعودية أفكارا تهدف للحد من نسبة البطالة المرتفعة في صفوف الشباب السعودي على حساب المهاجرين الذين يعتبرون بمثابة كبش فداء.
وتطرقت الصحيفة إلى موجة الطرد المكثفة التي تبنتها المملكة منذ نهاية سنة 2013، ولعل ذلك ما أكدته تقارير منظمة الهجرة الدولية التي أشارت إلى ترحيل السلطات السعودية لقرابة 613 ألف يمني خلال سنة. ومن جهتها، أوضحت الرياض أن هذه السياسة لم تشمل سوى المهاجرين الذين أصبحت إقامتهم في المملكة غير شرعية.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، طلب من المملكة أن تراعي وضع اليمنيين على أرضها بسبب الحرب الدائرة في وطنهم. ولكن يبدو أن الرياض تستغل أعداد اليمنيين اللاجئين إليها لإظهار مدى تضامنها مع جارتها. كما تتجنب السعودية الكشف عن وضعية هؤلاء اليمنيين، الذين يفتقرون للقوانين التي تقر بحمايتهم، نظرا لأن المملكة لم توقع أي معاهدة دولية تؤطر حق اللجوء.